هكذا هي الأيام تتوالى علينا من دون أن نحس بها وعقدت جلسة علنية مع الشباب وهذه المرة على مائدة طعام فجاءنا ضيف لم يكن في الحسبان ولكننا لم ننس مثل هذه المواقف فقلنا له: تفضل وكل معنا طعاماً هنيئاً إن شاء الله فقال لنا: لا يكفينا هذا الطعام فقلنا له: كل معنا ما هو موجود ثم نرى ما يمكن القيام به فقال لنا: وما فائدة الجلوس على مائدة لا تحتوي على كل أصناف الطعام وتمتلئ منها البطون ثم تأخذ كأساً من الشراب فقلنا له: ماذا تريد؟ قال لنا : أن تطلبوا لي طعاماً ضعف ما أرى لديكم فقلنا له : لماذا ؟ هل قال لك أحدهم أننا سنقيم حفلاً ؟ فقال لنا: يا لكم من بخلاء أتردون وتشتمون الضيوف فقلنا له: الضيف موضعه معروف وهو فوق رؤوسنا ولكننا لم نعرف عنك شيئاً سوى ثل دمك فألقى علينا نظرات مليئة بالحقد والحسد والغل ثم قال: ألا قاتلكم الله من بخلاء فقال البروفسور غاضباً ليتحدث إليه لأول مرة منذ أن جاءنا هذا الضيف الثقيل وقال له: ألا قاتل الله الطمع ألا قاتل الله البخل ألا قاتل الله الجهل ما أسمك يا هذه؟ فقال له : لست بهذا ولن يهمك أن تعرف اسمي فالاسم مجهول والمقام محفوظ والمعرفة مكتملة فقال له البروفسور: أنت أبو كريشة ( أبو كريشة : تصغير لـ أبو كرشة ) ومن يجهلك فقد جهل نفسه فأنت بين الناس أبو كرشة ليس لك من هموم الدنيا سوى معدتك ولقد قال الأولون المعدة بيت الداء وحكمتك تقل لك أملئ المعدة وتحدث في كل شيء ألا قاتلك الله من جاهل جهول أخطأنا من حيث أردنا إكرامكفأنت لا تكرم إلا بالشتائم ولا تعرف سوى الطعام كم من الناس مثلك يا أبو كريشة؟! فذهب البروفسور غاضباً وذهب ضيفنا كمن لم يسمع بمثل هذا الكلام طوال حياته وانصرفنا نحن لنكمل طعامنا.
التعليقات (0)