مواضيع اليوم

ابو الحسن علي بن العباس ( ابن الرومي )

abdulaziz alfadli

2017-07-11 05:00:18

0

ولد ابن الرومي في بغداد سنة ٢٢١ كما مر بنا واسمه علي بن العباس بن جريج وكنيته ابو الحسن ، وجده جريج    دل على انه يوناني الاصل وهو ينسب نفسه الى ذلك فيقول : ونحن بنو اليونان قوم لنا الحجا .. ومجد وعيدان صلاب المعاجم.. وهذا لا يقصد به الشاعر اي قضية شعوبية بل هي من قبيل الدفاع عن النفس وتأكيد للذات في بيئة تعتز وتفتخر بالانساب ، بل نجده يعتز بنسبه العباسي من جهة ولاءه في آل عبد الله بن عيسى بن جعفر المنصور فتجده يقول .. انا منهم بقضاء ختمت .. رسل الاله به وهم اهلي .. لكنه حين يستثار او يعير باصله فلا بد ان يدفع عن نفسه ، وهذا حال الكثير من البشر فقد تاخذهم حمية العرق والاصل دون اثارة للشعوبية ،وتشير لنا الاخبار ان ابن الرومي قد توالت عليه الفواجع منذ صغره فقد مات ابوه ثم اخوه الذي كفله بعد ابيه ثم فجع بموت ابناءه الثلاثة وزوجته .. وقد كان لمرثيته بابنه محمد صدى واسعا قديما وحديثا بين المرثيات .. اما سماته الشخصية والجسدية .. فكان شاعرنا صغير الرأس ابيض الوجه شحوب ساهم النظر عليه وجوم وحيرة نحيلا اقرب الى الطول كث اللحية اصلع اشيب وهو في شبابه عصبي المزاج ادركته الشيخوخة الباكرة فاعتل جسمه وضعف نظره فلم ينتفع بشبابه ولا شيخوخته بل كان مضطرب الاعصاب كانه يدور حول نفسه .. هذه الصورة القريبة من التفصيل واضحة الدلالة على مزاج الشخصية ومنزعها العصبي وعلى رغم ذلك فقد كان ابن الرومي متوقد الذهن شديد اللمح مع قدرة على التحليل والتفسير الى غاية الاستقصاء رغم رقة الدين والرغبة الجامحة في الاقبال على الشهوات  بالاضافة الى ملكته التعبيرية الشاعرية المرهفة في انتزاع جمالية اللفظ ورقته .. هذا مع اسرافه على نفسه في كل ما يرغب مع عدم قبوله للنصح .. فمن شعره في ذلك .. ان يكن عندك لي نصح فما عندي انتصاح .. ومما يلفت النظر ان شاعرنا كان يستخدم الجدل العقلي الى ما يشبه الدليل لتحليل كلما ما هو محضور من جهة الشرع لنفسه .. كما قال في الخمر .. احل العراقي النبيذ وشربه .. وقال الحرامان المدامة والسكر .. وهذا ولا شك قياس فيه مغالطة من جهة العلل .. لكن فيه استخدام للمنطق والرياضة بما لا يدع مجالا للشك بان ابن الرومي ذرائعي النزعة .. ورغم هذا الذكاء والقدرة على الصياغة والمخيلة الفضفاضة وسعة الاقتدار على التحليل والقرب من اعمدة الحكم الا انه لم يربح بشعره كمن عاصره من  الشعراء في تلك الفترة كالبحتري مثلا .. فكان ابن الرومي يشكو حظه من ذلك فلم يوفق الى غنى او ثراء .. وكان شاعرنا هجاءً للغاية متطيرا متشائما مضيعا لاسباب الحياة ، قيل عنه ربما اقام المدة الطويلة لا يتصرف تطيرا بسوء ما يراه ويسمعه .. ومع حبه للحياة كان مبغضا للاحياء  قبيح الرأي فيهم متبرم بهم وبالتالي كانوا يبادلونه نفس الشعور فالجزاء من جنس العمل .. اما بالنسبة لدرايته باوجه العربية فبالرغم من اصله اليوناني كان يتصرف في اللغة تصرف الخبير محيط بغريب الفاظها ومفرداتها مقتبسا من شواهد القرآن واحكام الدين ما يوظفه في سياق شعره بغزرارة ودقة .. وله من المعابث اللغوية ما يأتي به على سبيل التهكم على السائل وذلك بسبب مزاجه وطبعه كقوله .. وسألت عن خبر الجرامض طالبا علم الجرامض .. وهو الخزاكل والغوامض وقد تفسر بالغوامض .. وهذا كله لا معنى له .. بيد انه شديد البسط والالحاح على المعاني كما جاء في مرثيته لابنه الاوسط محمد .. ومما يميز ابن الرومي في شعره عن معاصريه كابن تمام والبحتري ، بساطة وسهولة نظمه وحجته البارعة وكثرة الالحاح على تقصي المعنى باسراف شديد فلهذا كانت تطول قصائده .. اما عن خصائص شعره فتظهر فيه طبيعته اليونانية وآثارها الثقافية وهذا بلا شك نوع من التأثير اليوناني على ثقافته ، وكونه يوناني من جهة الاب فهو ايضا فارسي من جهة الام مولود بين العرب اهل اللغة نشأ بينهم وترعرع .. فكان نسيجا مبتل العروق بتلك الثقافات التي لا شك من تأثيرها عليه شاء ام أبى الا ان طباعه العربية الاسلامية صبغت ذلك كله .. ويبقى ان نقول في هذه العجالة ان ابن الرومي شاعر حذر شاك يستقصي معاني شعره من عالمه الباطني تستغرقه اللحظة بكل اجزائها فتخرج ممزوجة بين حياته وفنه فهياجه النفسي والشعوري موضع بوح مستمر وتأمله النفسي والعقلي وحساسيته لا يحتمل الكتمان والغيظ الداخلي . 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !