ابن سبعين (614 ـ 669هـ): هو قطب الدين ابو محمد عبدالحق بن ابراهيم بن محمد بن سبعين الاشبيلي المرسي, احد الفلاسفة المتصوفة القائلين" بوحدة الوجود" التي يرى انها تعني ان وجود الحق هو الثابت بدءا , وانه مادة كل شيء, والخلق منبثق منه فائض عنه, ولذا يقول ابن تيمية: ان ابن سبعين وان قال بان الوجود واحد فهو يقول بالاتحاد والحلول من هذا الوجه, لان معنى كلامه ان الحق محل للخلق. ويرى ابن سبعين ان الله هو الوجود كله ولا شيء معه الا علمه, والكائنات هي عين علمه.
ابن سبعين إلى المغرب وهو دون العشرين، فأقام أولاً في" مدينة سبتة "ـ شماله المملكة المغربية وتقع الان تحت السيادة الاسبانيةـهو وجمع من أصحابه وأتباعه الذين كانوا قد بدأوا يلتفون حوله وهو لا يزال في الأندلس. وشاعت شهرته بالزهد والعلم، وكذلك شهرته بالفلسفة التي استطارت في الآفاق، بدليل ما ورد في مستهل كتاب "المسائل الصقلية"، وهي المسائل التي كان الإمبراطور" فردريك الثاني "ملك النورمانديين في صقلية قد وجهها إلى علماء المسلمين للاستفادة وحب الاستطلاع لما كانت عليه شهرة المسلمين حينئذ بالفلسفة والعلم. وهذه المسائل الصقلية التي سأل عنها فردريك الثاني علماء المسلمين هي: المسألة الأولى عن العالم: هل هو قديم أو محدث، والثانية من العلم الإلهي: ما هو المقصود منه، وما مقدماته الضرورية إن كانت له مقدمات، والثالثة عن المقولات أي شيء هي، وكيف يتصرف بها في أجناس العلوم حتى يتم عددها، وعددها عشر، فهل يمكن أن تكون أقل، وهل يمكن أن تكون أكثر، وما البرهان على ذلك، والمسألة الرابعة عن النفس: ما الدليل على بقائها وما طبيعتها، ويتفرع عن هذه المسألة الأخيرة سؤال عن أين خالف الإسكندر الأفروديسي أرسطوطاليس
اضطلع ابن سبعين، من جملة ما اطلع عليه، بالفقه واجتهد فيه، فهو الذي كان "لا ينام كل ليلة حتى يكرر عليه ثلاثون سطراً من كلام غيره وهو المشهود له في "كثرة نظره وظهوره فيها على العلوم كلها، ثم انفرادها وغرابتها وخصوصيتها بالتحقيق الشاذ عن أفهام الخلق وعرف نقاط الاختلاف والاتفاق في مذاهب الفقهاء الكثيرة، ولا سيَّما مع ازدياد فرق الباطنية والخوارج والإباضية والصفرية مشرقاً ومغرباً، واستفاد من ثغراتها وإعضالاتها، فنفذ لنقدها والإدلاء بآرائه ضدها.
كما اشتملت ثقافته على ذخيرة منهجية ونظر في مسائل دينية ومعالجات، جرى الاصطلاح على تسميتها "علم الكلام" حيث يجعل من مسألة مختلف فيها من مسائل الاعتقاد والعقيدة موضوع برهنة جدلية باجتلاب البراهين النظرية لسند القضية المعروضة. وغاية هذا البحث القيام بفرض مجمع عليه، من الواجهة الدينية الإسلامية الصرف، ألا وهو معرفة الله بصفاته "الواجب ثبوتها له، مع تنزيهه عمّا يستحيل اتصافه بها" والتصديق – إلى جانب ذلك – برسله على وجه يقين الدليل. أما الأسلوب الذي يتبع لتحقيق تلك الغاية، فهو قسمة "المعلوم" إلى: ممكن لذاته، وواجب لذاته، ومستحيل لذاته. والوسيلة المنهجية – بعد هذه القسمة – هي إثبات القدم والبقاء، ونفي التركيب والقسمة، أو الحديث في ما يسمى "أحكام الواجب". وقد كانت لابن سبعين ردود على ما ساد أوساط المسلمين في علم الكلام، من الأشعرية خاصة، وبقية المتكلمين الآخرين كالمعتزلة والجهمية والمرجئة، وعمد إلى معارضة علم الكلام المشتهر لديهم بكلام بديل يحمل في روحه المذهب الخاص به، ويجري في أوصاله نسغ النظر الذي يميز جميع ما كتب عبد الحق ويفرده. وعدَّ الإيمان "إيمان الماهية" والنطق الصالح "نطق الوجود"، والدعوة التامة دعوة الظاهرة على الظاهر بالحقيقة الباطنة عن الوهم بالمجان"
التعليقات (0)