ابن تيمية لا يمثل احد

بين فينةِ وأخرى يتناقل الناس فتاوى لإبن تيمية المتوفى منذ عدة قرون ، يضعون تلك الفتاوى تحت مجهر النقد لأنهم يرونها سبباً رئيسياً للتطرف والتشدد الذي أصاب المجتمعات وفتت قيمها ، ابن تيمية عاش  بوقتِ كانت فيه الدولة الإسلامية محاصرة بالتتار من كل جانب وكانت القلاقل تتلاعب بسفينة الدولة مثلما يتلاعب الموج بالمراكب فتأثر بالظروف المحيطة به وهذا واضح وجلي في فتاويه المتنوعة خصوصاً تلك المتعلقة بالقتال والجهاد ومقاومة الخائنين وآكل اكبادهم الخ فتاويه التي يراها الغلاه نوراً يُهتدى بها .

ابن تيمية يعيش بيننا رغم موته فأراءه تُحرك المجتمعات يمنةً ويسره وتتحكم في مصائرها مثلما تتحكم مرويات البخاري في تفاصيل حياة الأفراد ، ليس عيباً تداول آراء إبن تيمية وأمثاله المعيب هو إحاطة تلك الآراء بهالة التقديس والإعلاء من شأنها وعدم وضعها تحت مجهر النقد والتصحيح ، إبن تيمية عراب كل نازلة ورأيه يُستشهد به دون إعتبار لظروف الزمان والمكان ، في اعتقادي الذي دفع المجتمعات لأبن تيمية ولغيره هو الجهل بوظيفة الواعظ والفقيه فالواعظ والفقيه ومن سار على طريقتهما ليسا معصومين وقولهما ليس بقولِ فصل فكل ما يقولانه يندرج تحت راية الرأي الغير مُلزم .

إلزام المجتمعات بأراء فقهية أو عقديه متطرفة بطريقةِ مباشرة أو غير مباشرة هو في الحقيقة تشجيع للتطرف والتشدد والتصلب الفكري وهو تأجيرُ للعقل وتغيبُ للمنطق ، ابن تيمية رغم وفاته لم يمت فأراءه تعيش بيننا وتُدير حياتنا بتفاصيلها الدقيقة ، خلف ابن تيمية أرث ومدرسه فكرية بالغة التعقيد فخرجت لنا مدارس متعددة في الشرق والغرب تعتمد على فكر إبن تيمية ومنقولات احمد بن جنبل والبخاري وغيرهم ، الدين الاسلامي واضح لا يحتاج لفردِ يفصله كيفما شاء ، مشكلة المسلمين تكمن في تغييب العقل وإعلاء شأن النقل وتلك هي أداة اوجدها من استخدم الدين لأغراض سياسية مشبوهة ، بقاء النقل متصدراً للمشهد الفكري والثقافي يعني بقاء التبعية لمن نقل ويعني تكرار النسخ واحدة تلو الأخرى فيخرج على الناس من يفسقهم ويلعن وحدتهم والسبب النسخة الأولى التي عاشت بظرفِ زماني ومكاني مختلف كلياً عن الحاضر .

ابن تيمية لا يمثل إلا نفسه فأراءه ليست ملزمة وليست ديناً يتقرب بها الفرد إلى ربه ولكي تخرج المجتمعات من نفق إبن تيمية عليها التحول نحو العقل ورفض النقل وتمحيص المنقولات الثراتيه وفتح باب النقد على مصراعيه فالمجتمعات اهم من منقولات الصواب فيها ضئيل اذا ما قارناه بالخطاء الذي كان في السابق عند أقوام صواب لا يقبل الشك والتأويل .

‎@Riyadzahriny