ابنائنا المعتقلين Good Morning
شريف هزاع شريف
الجواب :-
قضية الاعتقال في العراق طويلة ومظلمة اكثر غمقا من الكبّوس الليفي الاسود ! ففي الزمن الماضي كان الاعتقال والان ... لازال الاعتقال ، الفرق بالتأكيد يرجع الى النواحي الحضارية والانسانية للاعتقال المعاصر على يد الجندي الامريكي الناعم الملمس ! فالقيم الانسانية العالية الجودة والاحترام لخصوصية الاخر التي يتحلى بها ،لا يمكن وصفها !؟ وخاصة في اعتقال العراقيين ، فهو يطرق الباب بهدوء كي لا يزعج الجيران ويحيّ اهل الدار ويستميحهم عذرا على الازعاج لانه جاء باكرا ( الرابعة صباحا عادة)ويظهر (مذكرة) تفتيش او القاء قبض ( شحط) المدعو فلان الفلاني وحين يضع الشناطات البلاستيكية المصنعة وفق المقايس والسيطرة الامريكية يتلو عليه حقوقه القانونية والمدنية كما يفعل في امريكا ، و بالسماح له بتوكيل محامي يحضر امام القضاء للدفاع عنه ... اما اذا اخطأ احدهم بكسر أي شيء في المنزل (نسف الباب الخارجي بعبوة صغيرة ) او كسرالدولاب او التلفاز وبعثرة الادوات والملابس والحاجيات وغرفة النوم وهو شيء لا يحصل الا نادرا جدا جدا جدا ! فان ادارة الجيش تعوض المتضرر في 24 ساعة . وتقدم اعتذارا على ماوقع ,اما التحقيق مع المتهم فانة يتم بشكل سريع وباجراءات فوريه وسريعة تتمنع بدبلوماسية واضحة حيث لايقل توقيفهم عن 180 يوم فقط في حين كان المتهم سابقا يبقى ثلاثة اشهر ( حصرا في قضايا تمس أمن النظام ) فاذا كان بريئا يذهب الى بيتة واذا كان مقصرا يذهب الى ربه , لكن قوات الاحتلال قصرت المدة من ثلاثة اشهر الى 180 يوم اذا كان بريئا اما اذا كان مذنبا فلا يهمنا متى يخرج بقدر ما يهمنا معرفة التهمة .
في هذه الايام نتفاجأ بالارقام التي علمنا بها عن عدد المعتقلين 9000 تسعة الاف متهم في السجون الاميركية في العراق هذا ماأكده وزير حقوق الانسان بختيار امين الذي طالب القوات الاميركية تحويل اوراق التحقيق الخاصة بهم الى القضاء العراقي وهي مبادرة ممتازة .
السؤال :-
كيف ينظر الينا الامريكي هل نحن اكثر اجراما من مجرميهم المحترفين الذين يقتلون العوائل والنساء ناهيك عن فتيتهم دون سن الثالثة عشر الذين بدات تستفشي فيهم ظاهرة قتل التلاميذ في المدرسة بالعيارات النارية ؟ هذا ما بدانا نعرف ببطء ولن تكون نظرته الينا بأقل من نظرتنا له ابدا .
المجرم الامريكي حين يعتقل يتوعد الشرطي الذي لوى ذراعه بعنف وربما يقدمه لمحاكمة مماثلة على سوء استخدام السلطة ، يجب ان يعرف الامريكي ان سوء معاملة المعتقلين له عواقب وخيمة وعلى سلطتنا المختصة التي تبواءت المقاعد العليا ان تعرف ان واجبها الاول البحث عن كرامة العراقي اين ما فقدت اوعلى يد منّ ، ليس فقط في ملفات النظام السابق الذي اصبح غشاوة على العيون حتى بات كل منهم لا يبصر ما يجري معنا منذ اكثر من عام ، لماذا لا نطالب بحقوقنا المسلوبة في الحاضر اولا لان الحاضر هو ما نعيشه اليوم واذا كان لابد من ان نتخذ من الماضي انطلاقة لتصفية الحسابات فان الجيش الامريكي في العراق منذ ماضي ليس بالبعيد ولا بالقريب لجسامة الموقف .
اننا ضد سلطة الاحتلال لانها لا تمثل العراقيين وليس من الشرف ان نتمثل بتلك السلطة . لا يمكن ان يكون العراق تحت جناحها وما يفعله الامريكي معنا يمثل شخصيته وحضارته ( الكارتونية) وفجاجة سلوكه وفظاظته فحتى قاموس اللغة اليومية الامريكية والتربية البراجماتية التي غذت العالم كله من خلال الافلام والدعاية لاتخلو من ( شيت او فك!!!) .
انا لم اذهب لامريكا لاعرف هذا الامر بل وجدت الامريكي هنا فعرفت الكثير من الاشياء، وما عارف ايضا ان قضية الاعتقال تحولت عند العراقي من قضية تمس حقوقه الانسانية والوطنية الى قضية تمس شرفه وما اعقد قضايا الشرف في بلدي ؟! لذا وجب ان تكون قضية الاعتقال على راس قائمة اهتمامات السلطة العراقية فالقانون يجب ان يبدأ من المكان الصحيح كأهمية ان ينطلق من الزمن الملائم وبهذا القانون ندين من اخطأ مهما كان ولا يشفع للامريكي الذي يعتقل ابنائنا ان يقول لهم Good Morning لان صباحنا الحقيقي لم يلد بعد ولن يلد طالما ان هناك عراقيا مهانا ، فهل من صلاحية وزير حقوق الانسان فتح تحقيق مع المعتقلين وعن ايام مكوثهم في السجون الامريكية ؟
نشرت في صحيفة عراقيون
التعليقات (0)