مواضيع اليوم

ابغض الحلال الطلاق.. بداية حياة ام نهايتها؟

شيركو شاهين

2011-04-16 08:11:22

0

تحقيق/شيركو شاهين
sher_argh@yahoo.com

اصبح الطلاق واقعا مؤلما بعد ان تراوحت نسبته بين (25-30%)، ومع ان الكتابات كثرت حول اسباب ونتائج هذه الظاهرة الا ان الحلقة الاضعف في سلسلة الطلاق ونعني بها المرأة قلما تتلقى مايجب من العناية بعد هذه التجربة المؤلمة.
في كثير من المجتمعات يتلقى الفرد تأهيلا ودعما ومساندة بعد تعرضه لاية تجربة قاسية من قبل مؤسسات وجمعيات اجتماعية متخصصة، ولايختلف اثنان على ان الطلاق تجربة مريرة حتى وان سعت اليه المرأة-سيما في مجتمعاتنا المحافظة-فماذا قدمنا للمطلقات؟ ملايين منهن خضن التجربة بطريقة (المحاولة والخطا) حتى دون ان يجدن مرشدا للنجاح، بعضهن نجحن بجهودهن الفردية وتجاوزن المحنة وبعضهن الاخر وقعن في هوة اليأس.
بين هؤلاء واولئك تبقى الحياة مستمرة ويبقى الطلاق بكل مافيه مجرد عثرة يمكن ان تستأنف المرأة بعد المسير. نعم هي نقطة تحول بارزة في حياتهن لكن الحياة الجيدة بعده ممكنة بل ويسيرة.

تقول السيدة (شذى.م)-(موظفة في وظيفة مرموقة)-: طلقت من زوجي بعد عشرة طويلة استمرت 19عاما، اثمرت 5ابناء، وكان هذا الطلاق برغبتي وبمحض ارادتي والسبب في ذلك ان طليقي في السنوات الاخيرة من زواجنا تغير في كثير من الامور الدينية التي تخالف مبادئي وارئي التي كنت اعيش من اجلها واسعى اليها واحاول غرسها في ابنائي.
حاولت بادى الامر ان اتأقلم مع هذه التغييرات اعتبرها كما يقولون (سحابة صيف) وان اصلح بقدر الامكان ما يمكن اصلاحه، ولكن دون جدوى حتى كثر النزاع والخلاف بيننا مما اثر كثيرا على ابنائي وعلي، ففضلت الانسحاب بدون الطلاق لعل الامر ينصلح بيننا لكنه تفاقم وازداد سوءا فسعيت للحصول على الطلاق، وتم لي ما اردت ولكن كان ثمن ذلك هو ابنائي حيث اصر طليقي الا يطلقني حتى اعطيه ابنائي جميعهم حتى من كان منهم في حضانتي.
فوافقت مكرهة مقابل ان اراهم اسبوعيا لايام حددت بيننا وتمت الموافقة على ذلك، وحينما اتى وقت تنفيذ الحكم (الزيارة) رفض مطلقي ذلك ومنع ابنائي من زيارتي او مهاتفتي، فضلا عن انه اخذه يشوه سمعتي امام ابنائي والمجتمع.. فعانيت من اثر ذلك اشد المعاناة لفترة من الزمن تدهورت فيها اوضاعي واموري تدهورا كبيرا وصل الى حد مقاطعة كل من حولي وانغماسي في همومي واحزاني.. ثم وجدت ان الهموم والاحزان والبكاء على الاطلال لن تجدي شيئا.
وكان الطريق الذي سلكته لذلك ان اخذت اسأل نفسي اسئلة منطقية وعقلانية واجيب عليها اجابات واضحة صريحة ومقنعة لامجال لتدخل النفس والهوى فيها، ولكي اغلق على نفسي الابواب المؤدية الى الحزن والهم وما يترتب عليها من نتائج سلبية.. كانت محاور اسئلتي تدور حول اسباب هذا الهم والحزن؟ وهل هو بسبب فقداني لاسرتي وابنائي ومنزلي؟ والتشهير بي حاليا.
ثم اخذت احلل كل سبب من هذه الاسباب على حدة واجيب على نفسي:
-اما المنزل: فقد كان شبه منزل حيث كان محطما معنويا تعشش فيه المشكلات ليل نهار. وانت الان تعيشين في خير عافية، ومستقلة والاهم من ذلك بعيدة عن المشكلات والضرب ومايتبعها من ضرر عليك وعلى ابنائك.
-اما الاسرة فاي اسرة تتحدثين عنها وقد تحطمت مراكبها واصبح كل مافيها بعيدا عن مسمى الاسرة، وانت بامكانك ان تبني اسرة اخرى، خاصة وان هناك الكثير ممن هم في ظروفك ويطمحون الى بناء اسرة ويأملون في حياة مستقرة.
اما الابناء فمالهم ومرجعهم الى والدتهم طال الزمن ام قصر، طالما انك وكلت امرهم الى الله واحسنت تربيتهم وقد كانوا يشاهدون ما يحصل بين وبين والدهم.. وكما يقول المثل (الولد لامه والتعب لمن ضمه).
اما التشهير بي وبسمعتي فسيأتي يوم يظهر فيه الحق من الباطل وسيعرف الجميع الصدق من الكذب في هذه الاقاويل، وسينال الظالم عقوبة ظالمة في الدنيا قبل الاخرة.
اقتنعت بجميع التحليلات السابقة، وبدأت اخطط لاعمال ايجابية لحياتي المستقبلية وعدم تضييعها في توافه الامور والتفكير غير المجدي الذي لايسمن ولايغني من جوع.
واخذت انخرط في بحر الحياة اقاوم امواجها بقوة فتصرعني مرة واصرعها مرة اخرى الى ان وصلت الى بر الامان.
وها انذا خطوت خطوات واسعة في الطريق الذي رسمته وتقدمت في عملي تقدما كبيرا واصبحت لي مكانة مرموقة في المجتمع، والجميع ينظر لي باحترام وتقدير، الى جانب ان لي نشاطات متنوعة في الكثير من الميادين الثقافية والاجتماعية والتربوية.. الخ.
وقريبا ابدا حياة جديدة مع الشخص المناسب وقد عوضني الله به خيرا كثير(ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب).
السيدة (بسمة. ك)(مطلقة منذ 10 سنوات) وام لثلاث اطفال.. تقول: عندما تزوجت اجبرني زوجي على التخلي عن عملي للتفرغ الى تربية ابنائي فلبيت رغبته على مضض.. وبعد سبع سنوات من الزواج تم طلاقي منه.. كان زوجي قاسيا عنيفا، جردني من كل ما املك وباع مصوغاتي وفي ليلة طردني من البيع بعد ان ضربني، فاقمت سنتين في بيت اهلي، عانيت خلالهما اكثر مما عانيته في بيت زوجي، كنت وصمة عار ومحل سخرية الجميع وكأني ارتكبت جرما عظيما فقررت ان انفصل عنهم واشتريت بيتا صغيرا اقمت فيه على اولادي لاني كنت ادخر بعض المال مما ساعدني على تأثيث البيت ثم عدت الى عملي شيئا فشيئا تمكنت بصبري وعزيمتي على نسيان الماضي وبناء حياة اسرية مع ابنائي الذي اصبحوا شبابا وبذلك تحديت الجميع بما فيهم والد ابنائي الذي قهرني وظلمني وعاملني معاملة سيئة، لقد راهنت على النجاح فنجحت وجعلت نصب عيني مستقبل اطفالي وانا الان لدي مايكفيني ويجنبني مذلة السؤال.
تجربة اخرى صنعت من الضعف قوة وتمردت على القيود التي تأسر المطلقة، بطلتها مطلقة منذ25 سنة، وقد انفصلت عن زوجها وهي مازالت حاملا بابنها الوحيد..
هجرها زوجها ليتزوج اخرى، وتركها وهي في اوج الشباب وقد تجاوزت العشرين بسنوات قليلة، تتحدث عن تجربتها وتقول: لم يكن لدي اي شيء لامال ولا شهادة ولا عمل.. كنت صغيرة وجميلة فطمع بي الكثيرون وخضعت لوصاية العائلة فكان الكل يتدخل في حياتي ويشرف علي باسلوب مستفز، ولم استطع التصدي لهم الى ان جاء اليوم الذي قلت له فيه لا.. قلتها للجميع خاصة بعد ان توفي والداي وتركاني للاخوة والاخوال والاعمام يتحكمون في ويقررون مصيري، تعرفت على امرأة كانت بارعة في صناعة الحلويات.. فتعلمت منها وساعدتني على افتتاح محل صغير لبيع الحلويات.. وشيئا فشيئا فتحت محلا صغيرا في منطقة سكاني.. ويمكنني القول الان انني نجحت واصبحت مثالا يحتذى به في العائلة وكل اهتماماتي الان منصبة على ابني فلقد عوضني الله به فهو ابني وصديقي عاش معي ايام الحرمان ويقدر مافعلته من اجله.
التجربة التي مررت بها قوت عزيمتي وصنعت مني امراء ناجحة. فالطلاق كان مرحلة تعثرت فيها حياتي، ولكنني لم استسلم بل تحديت ظروفي وتحديت الجميع لانجح واثبت لهم جميعا ان الحياة لاتتوقف بعد الطلاق.
ولايتوقف الامر عند حدود النجاح العملي لدى البعض لكن هناك من اقمن حياة زوجية جديدة متجاوزات كل مرارة التجربة الاولى.
فهذه (اسيا.ز) تزوجت منذ اكثر من عشر سنوات تقول: لم يرزقني الله باطفال لاني عاقر.. وكانت حياتي شقية بسبب كلمات اهل زوجي بضرورة ان يكون له اطفال يحملون اسمه والحاحهم المستمر بالزواج من اخرى..
وتحولت حياتي الى جحيم.. ورضيت ان اكون مطلقة افضل من ان تجلدني كلمات زوجي واهله يوميا.. وبعد مرور اربع سنوات من الوحدة والخوف والاحباط، رزقني الله برجل له بنتان توفيت زوجته في حادث اليم..
وبدأت حياتي معه بشكل جميل.. وكأن ابنتيه ابنتاي.. وفي التجربة الثانية وجدت نفسي وكياني ووجدت الحياة..
اما (سناء.ع) مطلقة منذ اكثر من تسع سنوات، ولها قصة ترويها في هذا المجال قائلة: بعد مرور اربع سنوات على طلاقي من زوجي الذي لم تشبع عيناي من رؤيته سوى ليلة الزفاف فقط ولم اره بعدها الا مع خيوط الفجر الاولى ثملا قررت الخروج من حالة الكآبة والعزلة التي وجدتني فريسة لها بعد فشل زواجي الذي لم يدم اكثر من عام واحد فقط.
كان صبري قد نفذ خلال هذه السنة من الزواج فكلما ازداد غضبي على تصرفات زوجي زاد عناده على مرافقة اصدقاء السوء والسهر فاخبرته مرة اما ام ان يختارني كزوجة لها احساس ومشاعر وتحتاج الى من يؤنس وحدتها، او يختار اصدقاء السوء التي احكمت قبضتها عليه فاختار الثانية، والقى بي في قارعة الطريق لالقى قدري، شابة في السابعة والعشرين غاية في الرقة -هكذا يقولون- بمرور الوقت بدأت افهم معنى نظرات الناس وعرفت ان الطلاق هو السبب الوحيد الذي سلبني سعادتي رغم انه لم تكن لي يد فيه.
قررت مواجهة التحدي بكل صلابة، ووجدت عزائي في العمل، اتصلت بصديقاتي حيث نلتقي بصفة دورية لمناقشة قضايانا وطرح همومنا وقد نجحنا في حل الكثير منها ومنذ ذلك الوقت تغيرت امور كثيرة في حياتنا اهمها العودة الى الحياة العامة مرة اخرى بنظرة مملوءة بالتفاؤل والامل بعيدا عن الانسحاب والركون الى اليأس.
(منى علي): مدرسة وناشطة في مجال الحياة الاجتماعية وهي مطلقة وحياتها بعد الطلاق نموذج فعال للعمل الاجتماعي والعطاء على المستويات.. تجاوزت الثلاثين بقليل.. تقول: الطلاق كان بالنسبة لي ضرورة بعد تجربة مريرة مع زوجي . وبعد الطلاق بدأت حياة جديدة بانطلاقي نحو المجتمع وخدمة جميع افراده، اذ اشارك في رعاية المكفوفين واعلمهم الكتابة بطريقة برايل.. هذا الى جانب رعايتي لطفلتي الوحيدة وابي المسن.. وقد جاءتني عروض كثيرة للزواج بعد طلاقي لكنني رفضت ذلك لانني سخرت كل حياتي لخدمة اسرتي والمجتمع الذي يحتاج لمجهودي وليس لدي اي وقت للفراغ.
اما (زينب.ر) فهي مطلقة تحدت ظروفها العمل الاجتماعي والدعوى.. تقول زينب: بعد طلاقي عشت مع والدتي وولدي عمر وعلي وهما الان قد تخرجا من الجامعة، وقد مارست حياتي منذ ان انفصلت عن زوجي قبل عشر سنوات لخدمة المرضى والايتام.. وقد كنت موظفة واستقلت من عملي ووزعت مجهودي مابين رعاية اولادي ورعاية المرضى والايتام في احدى مراكز رعاية المعوقين.. وهذا العمل يسعدني كثيرا لانني احس انني ام لكل الفقراء والمحتاجين وان وقتي كله موجه لخدمة الاسر المحتاجة وليس لاسرتي وحدها..
والحمد لله يبارك الله جهودي في ابنائي.. وان طلاقي هذا رغم كرهي له كان خيرا لي..
وتقول(د.لميس عبدالله) تزوجت لمدة خمس سنوات فقط وكنت الزوجة الثانية لطبيب مشهور.. لم تحتمل الزوجة الاولى هذا الوضع.. واتبعت كل الوسائل الممكنة وغير الممكنة حتى طلقني زوجي الذي كنت احبه.. وحدث الطلاق.. وتفرغت للدراسة وتفرغت بعدها تماما للعمل والتحصيل العلمي.. وهذا الحال يسعدني ويكفيني.
(كريمة.ح): مدرسة لغة عربية تقول: الحياة بعد الطلاق وفي السنوات الاولى صعبة جدا وخصوصا مع الاولاد.. دائما يتساءلون اين ابي.. زوجي السابق كان لاينفق على اولاده وخصوصا بعدما تزوج باخرى وانجب منها.. كان يجب علي ان اجتهد في عملي كمدرسة لكي احقق لاولادي حياة معقولة.. ومن المضحك والمبكي في نفس الوقت ان معظم الصديقات يخفن مني على ازواجهن لانني مطلقة.. صرت لا ازور احدا.. هذا الى جانب مسؤولياتي تجاه امي المريضة وثلاثة ابناء ترهقني كثيرا وللأسف النظرة الاجتماعية للمطلقات وابنائهن ليس فيها اي تعاطف الا ما قل.. ورغم تعبي الشديد اجتهد في العمل واعتبر تربيتي لاولادي جهادا ولم استسلم لظروفي الصعبة.
(علياء.م) مطلقة وقصتها ملحمة بطولية فقد وجدت نفسها في مهب الريح بلا زواج وهي ام لتسعة اطفال فتقدمت بتلقائية وباحساس غريب بالمسؤولية يفتقده كثير من الرجال وحملت الامانة التي تنوء بحملها الجبال وقادت سفينة الاسرة وسط الصخور لكي لا تنهار الاسرة ولاتنحرف ولاينفرط عقدها وانما تتراحم وتترابط وتتكاثف. والحق يقال انها من بانيات الرجال.
تقول(علياء): عندما انفصلت عن زوجي وجدت نفسي على قارعة الطريق لاسند لي ولامعين الا الله سبحانه وتعالى والدي والدتي قد توفيا منذ زمن بعيد وقد حصلت على منزل صغير يتكون من غرفة واحدة ومطبخ بملبغ زهيد تصور عشرة اشخاص يجلسون وينامون ويأكلون في غرفة واحدة، وقد تعلمت الخياطة من احدى الجارات واصبحت الخياطة مهنة لي في كسب قوتي وقوت اولادي على حياتنا الجافة يكفي ان اقول اننا كنا نعيش على الخبز البائت.. وكان لدي الستر والصبر على ظروف الحياة وكان اكبر حافز لي على التقدم والنجاح هو ان اولادي لم يرسبوا سنة واحدة ولم يعرفوا الدروس الخصوصية وهكذا مضت بنا الحياة الى ان تخرجوا واحتلوا مناصب محترمة في الدولة فمنهم المحامي والمهندس والضابط في الدولة.
(ايمان علي)كانت لها ثلاث تجارب زواج فاشلة تحدثت بصراحة فقالت: لست بنادمة، فقد انفصلت عن اقتناع لم اوفق مع اي زوج، مررت بظروف قاسية لكنني لم ايأس فالحياة سلسلة من التجارب يجب ان نصنع من حلقاتها نماذج للنجاح، كانت اول تجربة زواج فاشلة قاسية جدا اعتقدت بعدها انني لا اصلح لشيء والا معنى للحياة، وراودتني افكار سخيفة، مكثت قرابة شهرين اصارع الالام والشائعات، فهذه تقول طلقها ان لها ماضيا، واخرى تقول طلقها لان لسانها طويل، وكلام جارح من هذا القبيل، ابتلعت كلام الناس على مضض ووجدت نفسي اوافق عن طيب خاطر لكي انسى فشلي الاول دون ان اتريث وهذا خطا كبير، كان يضربني ويهينني، طلبت الطلاق فطلقني بسرعة ودون تردد وتكررت المأساة.. تبتسم ثم تواصل:
تزوجت بثالث لانسى الاول والثاني، وكنت اسير في درب وعر دون تريث ودون تفكير، واهلي لم يقفوا معي، والمجتمع لم ينصفني، حتى اني لم اوفق في اي وظيفة احصل عليها.. طلاق المرأة في مجتمعنا اكثر من مرة معناه لدى كثير من الناس ان العيب من الفتاة.
رغم ذلك خططت لمستقبلي ولم اسمح للناس ان يتمادوا في تجريحي ولازلت ابحث عن عمل واتسأل لماذا لايهتمون بالمطلقات؟ لماذا الى الان لاتوجد مشاريع خاصة بتاهيل المطلقات؟
(مها.ذ) مطلقة في مقتبل العمر وتزوجت ابن عمها الذي افسده اصدقاء السوء حتى فصل من عمله تقول: هجرني لمدة شهر عندما اتصلت باهلي فجاءوا واخذوني.. وطلقني بعدها باسابيع، ومنذ ذلك الوقت لانعلم عن اخباره شيئا حتى ابنه لم يأت ليراه او يطمئن عليه.
واصبت بخيبة امل كبيرة وكادت تتحطم حياتي وانا سجينة المنزل والاحزان حتى استطعت ان ادفن الماضي واعتبره محطة لابد من تجاوزها لمحطة اخرى.. وهنا لاح لي بريق امل جديد واحسست داخلي بتحد وطموح لانهاية له.
فعدت من جديد لصفوف التعليم كأي طالبة اخرى.. حتى انهيت الثانوية.. وتمكنت من الحصول على عمل اساعد به اهلي واعيل ولدي.
عموما انا سعيدة بحياتي اليوم مع ابني في الصف الخامس الان وهو متفق في دراسته.. وقد عاهدت نفسي على ان اكرس حياتي لولدي فقط..
جولة مع ذوي الاختصاص
بعد هذه الجولة في عالم المطلقات وقصصهن التي تقطع نياط القلب، توجهنا للاستعلام عن رأي المختصين في علم الاجتماع والنفس وللتعرف على ابرز معوقات الحياة والتي يفرضها المجتمع على المطلقة..
الدكتور (عمر شاكر) استشاري الامراض النفسية.. يقول: اهم مشكلات النفسية التي تتعرض لها المطلقة معاناة الفشل ويتوقف حجم معاناتها من هذه المشكلة على طبيعة الطلاق وما اذا كان تم بناء على طلب منها ام انه اتى من الزوج، كما تزداد معاناة المرأة في الطلاق الناتج عن نقص كأن يطلق زوجته لعدم كفاية الجمال او لعيب في السلوك وهذا يجعل الزوجة تتحطم اكثر، ومن المعاناة النفسية للمطلقة رغبة بعضهن في الزواج مرة اخرى هروبا من جحيم الطلاق او جحيم منزل الاهل واحجام بعضهن الاخر عن الزواج مجددا فتكون ردود المرأة اما اندفاعية بسرعة او الامتناع خوفا من الفشل مرة اخرى، ومن اشد اشكال المعاناة للمطلقة شعورها بالنقص في المجتمع لان نظرة المجتمع دائما تجعل الزواج معيار النجاح ولاتتصور انه من الممكن ان يحتوي المجتمع على رجال غير متزوجين ونساء غير متزوجات.
كذلك من المعاناة النفسية لدى بعض المجتمعات النظر للمطلقة بعين الشك مما يسبب في انجرافها للانحراف.
ويقول الدكتور (امين صادق) اخصائي الامراض النفسية: مجتمعاتنا تجعل من تكيف الرجل مع الطلاق اسهل منه عند المرأة وهذا لاينفي صعوبة الحدث على الرجل ايضا ولكن المراة بحكم تكوينها الفسيولوجي والنفسي تتأثر باحداث الحياة الكبيرة وتفقد القدرة على التكيف اكثر من الرجل وبنسبة الضعف تقريبا حيث تصاب بعض المطلقات بانهيار وغضب وعنف واضطراب عاطفي واكتئاب.
وفي بداية الامر يكون هذا متوقعا ولكن استمرارية هذه العوارض يدخلها دائرة المرض وعندها تعالج الحالة مثل غيرها من حالات عدم التكيف المرضي الاخرى بالعلاج النفسي الداعم والمطمئن مع استخدام الاسترخاء والتحايل والايحاء ومحاولة تعديل البيئة المحيطة ويمكن استخدام العقاقير المضادة للقلق اوالاكتئاب.
وهنا انتهز الفرصة لتقديم نصيحة للمطلقة وهي ان تلتزم عدم الحديث عن مطلقها سلبا او ايجابا.. فهذا يساعدها على سرعة التشافي والا تدخل اي تجربة جديدة قبل تأكدها تماما من تشافيها.
ثمرة اجتماعية
معاناة المطلقة ليست خيارا شخصيا او هواية فردية بل هي ثمرة اجتماعية يفرضها المجتمع على المطلقة، تقول (نور قاسم) اختصاصية علوم الاجتماع:
العوامل الاجتماعية تجعل المطلقة تعتقد ان حياتها انتهت، والمفاهيم السائدة في معظم مجتمعاتنا ترى ان المطلقة لايحق لها ان تتزوج ثانية الا من زوج متزوج، او كبير بالسن اي لايوجد تكافؤ بينهما، وذلك فقط من منطق انها مطلقة، مع العلم انه في الكثير من التجارب التي تكون المطلقة حاولت جهدها، وبذلت اقصى ماتستطيع حتى لاترجع مطلقة ولكن تبوء محاولاتها بالفشل، والمشكلة ان المجتمع دائما مايشير باصابع الاتهام الى المرأة انها المسؤولة عن استمرار الحياة الزوجية، بالرغم من ان الكثير من التجارب الفاشلة تثبت ان الزوج مسؤول اساسي في فشل العلاقة الزوجية، ومن منطلق مفهوم ان الرجل لايعيبه الا جيبه فانه يتساهل في موضوع الطلاق وليس عنده الاستعداد للعمل الجاد والمحاولة المستمرة لانجاح علاقته الزوجية، ويعرف انه لن يواجه مشكلة في الزواج مرة اخرى فقط لانه رجل.
لذلك تتردد كثير من المطلقات بعد ان يمررن بالتجربة الاولى التي انتهت بالفشل، في ان تكررها مرة اخرى، ومن الملاحظ ان بعض المطلقات تفشل في محاولتها الثانية والثالثة احيانا، وقد يكون السبب ان نمط الحياة كمطلقة مما اثر في طبيعة العلاقة بينها وبين الزوج، النظرة المجتمعية للاسف تلومها دوما كمطلقة، ولاتعطى لها فرصة حقيقية لمحاولة التجربة، فهم يستنكرون لو تزوجت المطلقة بشاب لم يتزوج بعد، لذلك كثير من المطلقات يلجأن الى للزواج فقط من منطلق انها من المفروض ان تتزوج، حتى ولم لم يوجد تكافؤ بينها وبين الزوج الذي سترتبط به، لهذا كثيرا ماتفشل التجربة الثانية والثالثة اي ان المرأة تفقد الكثير من مكانتها في المجتمع، مما يعطل زواجها خاصة في حالة وجود اطفال.
في دراسة طبية اجريت في احد مراكز البحوث العربية لان كما تعلمون ان مثل هذه الدراسة نادرة في الوقت الحاضر في العراق، هذه الدراسة جاءت على 186مطلقة تبين ان المطلقات يشعرن انهن مرفوضات من الوالدين ويملن الى الانطواء والعزلة وعدم القدرة على تحمل المسؤولية وان فشل المرأة في حياتها الزوجية يعود الى اهمال امها لها قبل الزواج.
واول مايواجه المرأة بعد الطلاق وخصوصا اذا كان الوالدان متوفين-السكن والنفقة سيما اذا كانت المرأة غير عاملة.
من هو الخاسر الاكبر
التحدي الذي يواجه المطلقة ليس فقط الانتصار على اثار تجربتها القاسية وانما ايضا حماية ابنائها من هذه الاثار وتلك مهمة يشاركها طليقها في ادائها، فمن اسوا ماتتمخض عنه تجربة طلاق ان يسعى احد الوالدين او كلاهما الى تشويه صورة الاخر عند ابنائه الانتقام من خلال اطفاله.
(د.عبد الزهرة موحان) استاذ الصحة النفسية بجامعة البصرة اجرى دراسة مهمة حول مشكلات ابناء المطلقين، وجاء في نتائج بحثه ودراسته مايلي: في الغالب تكون حياة الاطفال والمراهقين من ابناء المطلقين في حالة تقلب متصل فالعالم كما عرفوه فقد معناه من حيث الاستقرار والنظام والوظائف الاساسية للاسرة لاتوفر مكانا للراحة مع سيادة الاحساس بالحياة المجهولة وبذلك تكون هذه التغيرات التي يعايشها ابناء المطلقين مثيرة للضغوط لان دور الحماية والرعاية والتوجيه الاسري قد تداعى ولذلك فان كل فرد داخل الاسرة المطلقة يشعر بالتعرض للخطر.. فتزيد حدة المشكلات النفسية لديه.. فضلا عن ان هذه المشكلات الانفعالية، فانه توجد مشكلة سلوكية محدة يعاني منها ابناء المطلقين، وهي من خلال رصدي لها تتمثل في الكذب والعزلة والاكتئاب هذا الى جانب الغيرة وضعف التحصيل الدراسي والشعور بالنقص الذي يتبعه بذاءة لفظية.. وعلى جانب اخر هناك من يعاني من القلق والعدوان ثم الخوف الذي يؤدي الى التدخين والادمان.. وتمثل الطلق محنة شديدة للابناء في وقت يتلاشى التوجه والمساندة برغم الحاجة المتزايدة لهما وقت الوحدة الى جانب ذلك يدرك ابناء المطلقين ان ظلاما في القى على حياتهم وتضطرب حياتهم واحوالهم النفسية والسلوكية كلما حاولوا البحث الوالد الغائب او الاسرة المترابطة لاشباع حاجات نفسية ضرورية.. ولذلك يكون الصغار شديدي الاستثارة.. متوترين، ثائرين ولكن النتيجة سيادة الفوضى، وعدم الانضباط وانعدام الرعاية والخبرة ويرجع سبب ذلك الى ان الابناء الذي يحرمون من الوالدين يعيشون مع الاقارب او يعيشون مع ابيهم وزوجته حيث يتعرضون للتفضيل والغيرة مع اخواتهم لابيهم وعادة لايشعرون بالامن والطمأنينة.. لافي اسرة الام-خاصة لو تزوجت من اخر- او في اسرة الاب الذي انشغل بزوجته واطفاله منها فيجدون النبذ وعدم التقبل ولايجدون الرقابة والرعاية ولايجدون من سكنون اليه.
ويقول (د.م يحيى) استاذ في العلوم الاسلامية.. اخطر شيء يهدد الاسرة والمجتمع بعد الطلاق هو تعرض الاولاد للمشكلات النفسية والاجتماعية.. فاذا كان الطلاق ضرورة لامحالة وراحة للمرأة والرجل فيجب على الاب قبل ان يتزوج ثانية ان يبحث عن ام لاطفاله تكون مستعدة لان تحبهم وتعوضهم عن قسوة الانفصال.. كما يجب على الام قبل زواجها ثانية-وهذا من حقها- ام يكون زوجها راضيا بالمسؤولية الجديدة فيتقبل ابناءها من الزوج السابق ويجب ان لاتقبل الزواج من رجل يرفض اطفالها.

سؤال للبحث عن حلول
المطلقات شريحة تعد بالالف في مجتمعنا يعانين كثيرا لاسباب متعددة فماذا فعلنا لرفع تلك المعاناة؟
تقول الباحثة (زاهدة العزاوي): من خلال الاطلاع على الدراسات التي اجريت في عموم المجتمعات الشرق اوسطية(والعراق من ضمنها) لم يتضح وجود اي برامج تأهيلية للمطلقة تساعدها على التكيف مع مرحلة ما بعد الطلاق وقد اظهرت الدراسات العملية التي اجريت على فئتين من المطلقات: الفئة الاولى كانت قد اشتركت في برامج تأهيلية فيما بعد الطلاق والفئة الثانية لم تشترك في مثل هذه البرامج، ان تأقلم المطلقة واستعادة ثقتها بنفسها وتقدريها لذاتها افضل(بين من اشتركن) في برامج تاهيلية.
وتسترسل بعدها بالقول: من المؤسف انه حتى يومنا هذا لايوجد لدينا لرعاية المطلقات سوى بعض المكاتب غير المفعلة والتي تقدم مساعدات محدودة للمطلقة من خلال مشاريع الاسر المنتجة فتقدم ماكينات للحياكة والتطريز بالتقسيط ويتم شراء المنتج ضمن معارض الاسر المنتجة وصافي الربح يكون محدودا.. ولكنني ومن خلال مشاهداتي الميدانية فان اهتمام المجتمع واهل الخير بالارملة يكون اعلى بكثير من المطلقة ومعظم الجمعيات الخيرية الاهلية مثل الجمعية الشرعية مثلا تهتم اكثر بالارامل والايتام اما المطلقة واولادها فليس لهن نصيب كبير من الاهتام الاجتماعي باعتبار ان الاب والام على قيد الحياة..

نشر بتاريخ ((10/09/2006))

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !