اكد الدكتور ابراهيم ابراش المحلل السياسي ووزير الثقافة الفلسطيني الأسبق لـ’القدس العربي’ الاثنين بأن حركة حماس تعيش حالة من الالتباس جراء وقفها المقاومة من خلال الهدنة الموقعة مع اسرائيل، مما دفعها لممارسة القمع الداخلي وتكميم الافواه، موضحا بان اعتقاله من قبل الامن الداخلي التابع لحماس جاء على خلفية انتقاده للدكتور يوسف القرضاوي الذي زار غزة مؤخرا.
واضاف ابراش قائلا لـ’القدس العربي’ الاثنين ‘يبدو بأن القرضاوي اصبح احد الثوابت الوطنية الفلسطينية التي لا يجوز لاي فلسطيني المساس بها’، منتقدا ممارسات حركة حماس في قطاع غزة، وقال ‘عندما يتم استدعاء مثقفين وكتاب على خلفية ما يكتبون هذا امر خطير جدا ، ويبين حقيقة الازدواجية التي تتصرف بها حركة حماس، فهي تارة تقول بانها مقاومة وانها تعيش مرحلة مقاومة، وتارة اخرى تقول بانها تخاطب العالم الخارجي وتقول بانها جاءت عن طريق صناديق الانتخابات وبانها حركة ديمقراطية، وبالتالي لا نعرف كيف نتعامل معها’.
وكانت الامن الداخلي التابع لحكومة غزة اعتقل الأحد أبراش من منزله في منطقة تل الهوى في مدينة غزة بسبب مقال انتقد فيه زيارة القرضاوي لغزة.
وحول اسباب اعتقاله وفق التحقيق الذي جرى معه، قال ابراش لـ’القدس العربي’ الاثنين ‘عندما تم استدعائي يوم الخميس الماضي ذهبت لهم، وانتقدوا لماذا انا انتقد القرضاوي. ويبدو ان القرضاوي اصبح ثابتا من ثوابت القضية الفلسطينية او مقدسا من المقدسات التي تدافع عنها حماس، وقالوا -المحققون- لماذا تنتقد المقاومة؟ فقلت لهم انا لا انتقد المقاومة. انا انتقد الحكومة في غزة وهناك فرق بين الحكومة والمقاومة ، وبالتالي كان مطلوبا مني ان اكتب واتعهد بالتأسف عما بدر مني بحق القرضاوي وبحق المقاومة، وقلت لهم، انا من حقي ان انتقد القرضاوي وان انتقد الحكومة وحركة حماس في غزة، وانا لست من حركة حماس. انا معارض، ومن حقي ان اعبر عن رأيي، فتركوني على اساس ان اعود لهم مرة اخرى يوم الاحد فرفضت وكتبت مقالا عبرت فيه عن رفضي لهذا الاسلوب في التعامل، وقلت لن اعود، وان اراد الامن الداخلي ان يأتي ويعتقلني فليأت، وهذا ما جرى، فجاءوا لي الساعة الرابعة واخذوني من البيت، ولكن في هذه المرة وبعد ردود الفعل على معاملتهم السيئة الاولى- الخميس – قابلني ضابط تكلم بأدب وباسلوب افضل من المرات السابقة التي كان فيها نوع من الاهانة في مخاطبتي والتحدث معي، ولكن هذه المرة كان اسلوب الحديث افضل، ولكن تم اعادة القول بانني احرض’.
وعلى ذلك الصعيد ذكر المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية في غزة الرائد إسلام شهوان أن استدعاء أبراش جاء نتيجة لرفضه التجاوب والمثول أمام الجهات الرسمية الحكومية، بعد أن مارس التحريض وبث الاكاذيب عن الحكومة الفلسطينية على حد قوله، مشددا على أن اعتقال أبراش لم يكن على خلفية حرية التعبير عن الرأي، مضيفاً ‘وما الأبواق التي تتهجم على الحكومة أكبر دليل على حرية التعبير في غزة، لكنه لا يوجد أحد فوق القانون’.
وحول اوضاع الحريات التي يعيشها اهالي قطاع غزة تحت حكم حماس، قال ابراش للقدس العربي الاثنين ‘والله انها تزداد سوءا وخاصة بعد وقف المقاومة، اي بعد الهدنة – بين حماس واسرائيل – قبل الهدنة كانت هناك حالة مواجهة مع اسرائيل، ولكن الان مع الهدنة تم وقف المقاومة لتشتغل حركة حماس في الوضع الداخلي وفي معيشة الناس وفي حرية الرأي والتعبير، وخصوصا انها بدأت الاصوات ترتفع وتحتج كيف انت يا حركة حماس كنت حركة مقاومة، والآن عندما اصبحت سلطة تخليت عن المقاومة، وبالتالي حماس تحاول قدر الامكان ان تخفف من حرية الناس في التعبير، ولكن انا اعتقد بان هذا الامر ليس من صالحها، ويسيء لها ويزيد من عدد المناوئين والناقمين عليها ولن تخلق تلك الثقة التي تريدها وتطمح لها بينها وبين الجمهور’.
وبشأن اذا ما ساهمت الهدنة التي تعيشها حماس حاليا مع اسرائيل عززت من نظرة الاهالي للحركة بانها تخلت عن المقاومة، قال ابراش ‘الهدنة بين اسرائيل وحماس تفرض استحقاقات، لان الهدنة تعني وقف الاعمال العدائية بين الطرفين وبالتالي الهدنة التي وقعت تفرض على حماس عدم اطلاق الصواريخ من غزة وتفرض عدم السماح لاي احد بان يقوم باعمال مقاومة من غزة ، وهذا الامر هو ما جعل الناس ينظرون لحماس اليوم نظرة بانها سلطة وحكومة وليست حركة مقاومة كما كان الامر، وهذا سيخلق فراغا في ساحة المقاومة قد يدفع اطرافا اخرى لملء هذا الفراغ، وهذا ما سمعنا عنه حول صعود جماعات سلفية جهادية تريد ان تحل محل حماس في عملية المقاومة واطلاق الصواريخ، وهذا سيدخل قطاع غزة في دوامة كبيرة جدا، والله أعلم الى اين ستذهب الامور’.
وحول وصفه لوضع حركة حماس حاليا في قطاع غزة، قال ابراش ‘والله هو وضع ملتبس. فنحن غير قادرين على توصيفه. هل هي حركة مقاومة ام هي سلطة وحكومة؟ وعلى حركة حماس ان تحدد لنا قواعد اللعبة السياسية التي تريد ان نتعامل معها وتتعامل معنا . فنحن نريد ان نعرف هل نتعامل معها كمقاومة ؟ واذا كانت مقاومة، فلتطلق يد المقاومة للجميع، واذا ارادت ان تتعامل كحكومة شرعية ديمقراطية فعليها ان تترك الحرية للمعارضين لان يعبروا عن رأيهم في ظل جو ديمقراطي يسمح بحرية الرأي والمعارضة، وليس من خلال تكميم الافواه’.
واستنكر أبراش سياسة تكميم الأفواه من خلال استدعاء المثقفين والأكاديميين والكتاب للتحقيق معهم، لكتاباتهم، معبراً عن رفضه هذه السياسة التي ‘عانى منها شعبنا الفلسطيني والعربي من قبل أجهزة القمع الأمنية العربية’، منوهاً إلى عدم تطبيق هذه السياسة ‘داخل وطننا وبين شعبنا’.
وأبراش هو أستاذ علوم سياسية في جامعة الأزهر في غزة، وسبق أن شغل منصب وزير الثقافة في حكومة الدكتور سلام فياض الأولى التي شكلها الرئيس محمود عباس منتصف العام 2007 بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة.
|
التعليقات (0)