ابراج ماجي فرح

مع اقتراب عام جديد ، في كل عام ، يخرج علينا المنجمون ، الذين يطلقون توقعات مستقبلية ، ويرسمون عالم جديد وواقع جديد لعامنا القادم.
التطوير الوحيد الذي طرأ ، على التنجيم هو انضمام الجنس اللطيف لعالم الشعوذة ، فتغيرت صورة المشعوذ من لحية كثة وثوب طويل ومسابح ودشاديش ، الى مكياج انيق يصاحب كتاب مطبوع باناقة وصورة لطيفة لسيدة انيقة.

مع انحدار احساسنا بالامان ، ومجافاة الواقع لطموحاتنا واحلامنا الصغيرة والكبيرة ، نقترب من الشعوذة فهي باتت مثل الوجبات السريعة تأتينا جاهزة وساخنة ، نقلب الابراج والكتب ، نحزن على عام قادم او نستبشر به ، يتقاسم الازواج احلام الابراج المقبلة ، فأحدهما سترسم له كتب المشعوذون سنة جميلة.

نرسم احلامنا ، ونطبقها على ارض الكتب الطازجة التي تأتينا اواخر كل عام ، ونترك لخيالنا ان يتحول نحو ما ترسمه "ماغي" او يرسمه اخرون ، نهاية الكيان الغاصب ، استقلال دول ، اموال تأتي من المجهول وافراح عاطفية دائما قادمة.
يمضي العام ويأتي الاخر ، تزداد المستوطنات ، او يجثم الاحتلال على دول جديدة وتزداد الديون وترتفع نسبة العنوسة والطلاق في نفس الوقت.

المبدع شكسبير كان ينصح الجميع بأن يفتحوا أعينهم عندما يكون المشهد مريعا ، لان عدم النظر الى المشهد يفتح شهية الدماغ ليرسم مناظر اكثر رعبا من الواقع نفسه.

الان ونحن على ابواب سنة جديدة وواقع جديد - صحيح انه واقع مؤلم - يدفعنا الى ضرورة العمل بنصيحة شكسبير ، بضرورة ان ننظر الى الواقع حتى نعرف تفاصيله جيدا ، لاننا اذا ما ادرنا وجوهنا ، فان المرسوم سيكون مؤلما وموجعا ومرعبا.

يتوجب علينا ان ننظر في الواقع وان نترك المشعوذين يرسمون شعوذاتهم وحدهم دون ان نحاول اسقاط هذه الشعوذات على حياتنا ، لان ما يحيط بنا كله مروع ولا مناص من النظر والتحوط.

ولان الشعوذة القادمة ستفوق كل توقعات المشعوذين انفسهم ، فخيالهم النمطي عن الحب والمال وتحرير الاوطان ، لن يصل باي حال من الاحوال الى "شيطنة" من يرسمون الواقع الكوني