بقلم:سامح عسكر
ابحثوا عن الجاني الحقيقي..حماس بريئة..
رغم خلافي مع بعض سياسات حركة حماس ولكن أنا غير مقتنع بمسئولية الحركة عن قتل الجنود المصريين برفح، فهناك شواهد عِدة تمنع ذلك وهي كالتالي:
1-الجاني كان ساذجاً وأقدم على استقلال مركبة الجنود المدرعة دون أن يعلم بأنها هدف سهل لأي طيران أو صواريخ موجهة.
2- مقاتلو حماس لم يسبق لهم تنفيذ أي عمليات سواء ضد الأمن الفلسطيني-في مشاهد الحسم العسكري في غزة- أو الاحتلال الإسرائيلي بنفس الطريقة، فاستراتيجيتهم العسكرية تعتمد على القنص من بُعد أو الضرب المفاجئ والانسحاب "الأرضي السريع".
3-جثث الجُناة لم يتم أي إجراء قانوني أو طبي بشأنهم، ففور تسلم الجثث من الجانب الإسرائيلي إلا وبدأ التعتيم على القضية بأكملها لإدخالها حيز النسيان، فلو كان الجاني معروفاً لدى أجهزة التحقيق أو الأمن أو حتى المخابرات لتم استغلال ذلك ضد الإخوان في كافة المعارك السياسية والانتخابية السابقة.
4-من النقطة الثالثة نرى بأن الجاني لا يزال مجهولاً لدى أجهزة الأمن.
أنا أتوقع بأن الجاني ليست لديه خبرة عسكرية قتالية، فطبيعة الجريمة تدل على أن الجُناة لم يراعوا أي خُطط عسكرية فوقعوا في مصيدة الصهاينة بمنتهى السذاجة، ولم يراعوا أي خطط سياسية فجريمتهم لم يستفيدوا منها عملياً، ولم يراعوا أي مشاعر أخلاقية أو دينية فارتكبوا جريمتهم في شهر رمضان وفي ساعة الإفطار.
ولكن دعونا نشك قليلاً في هذا الطرح ونناقش الرؤية الأخرى
المخالف:كلامك غير صحيح وهو افتراض براءة حماس بناءاً على مصير الجناة، فالجاني مهما بلغ ذكاؤه إلا أنه يرتبك ويخاف حين ارتكابه لجريمته، فجائز أن نقول بأن جنود حماس قتلوا الضحايا ولكن حين فكروا في الهرب لم يجدوا أمامهم سوى المركبة للفرار.
الجواب:حركة حماس هي حركة عسكرية صِرفة، أي أنهم يتعلمون مبادئ العسكرية وخُططها منذ نعومة أظفارهم ، فلو ظهر بأن المركبة كانت هي الملجأ الوحيد للهرب لأقدموا على زيادة عدد مجموعة الاقتحام أضعاف عدد الضحايا بهدف السيطرة،فمعلوم أن الهجوم القوي يقضي بسهولة على الدفاع الضعيف، فما بالك والجُناة لم تتجاوز أعدادهم أصابع اليد الواحدة، وظهر بأن السبب في تفوقهم كان في مباغتة الضحايا وهم عُزّل من السلاح وكانوا في مكانٍ واحد وفي ساعة كان الكل فيها مهئ للإفطار، أي أن الضحايا-عسكرياً-كانوا هدف في منتهى السهولة.
فضلاً عن أن خُطط الاقتحام العسكرية يلزمها مجموعات قطع وعزل"تأمين" ومجموعات أخرى للاحتياط، وكل هذه المجموعات لم تكن موجودة ولم تُكتشف أيٍ من آثار الجُناة بعد هربهم في المركبة.
المخالف: سنفترض أن الجاني كان ساذجاً عسكرياً، ولكن المنطق يقول ابحث عن المنتفع تجد من الجاني، فالجريمة ارتُكبت في وقت كان فيها الجيش المصري في سدّة الحكم، وكان من مصلحة الإخوان إظهار أن الجيش غير قادر على حماية أبناءه وغير قادر على معرفة الجُناة، وبالتالي فالتضحية بالمجلس العسكري ستكون مطلباً شعبياً، وظهر بأن إزاحة الجيش بهذه الطريقة جاءت في مصلحة الإخوان.
الجواب:ستكون هذه الرؤية صحيحة فيما لو افترضنا بأن المجلس العسكري كان قوياً ويفرض سيطرته على كامل الأراضي المصرية ..ولكن هذا غير صحيح..فلو كان الجيش قوياً لكان الإخوان بحاجة لإضعافه بهدف الاستيلاء على الحُكم، وما الذي يُجبرهم على ذلك وهم يعلمون أن الجيش في منتهى الضعف وقد تكسرت عظامه داخل ميادين التظاهر مع شباب الثورة من ناحية وداخل ميادين الأحزاب بالتحذير من نوايا العسكر من ناحية أخرى، ومن فضح الإعلام لتجاوزاته من ناحية ثالثة.
فالثابت أن الحُكم العسكري كان مرتبكاً للغاية ووقع في أخطاء اقتصادية وسياسية وعسكرية وقانونية أنتجت لنا الوضع الحالي للمصريين.
ياسيدي ..الجيش المصري لم يكن لديه سوى التحالف أو التنسيق مع التيار الإسلامي -بالكامل -لهدفين اثنين:
1-حفظ الأمن والسلم الأهلي للمجتمع المصري.
2-القدرة على تجاوز المرحلة الانتقالية وإيجاد مخرج مشرف ولائق بقيادات الجيش.
وقد ظهر بأن الهدفين تحققا بنسبة كبيرة.
أيضاً وباستطلاع الأسماء التي تم الإعلان عنها في الأهرام العربي بهدف اتهام حماس يظهر لنا بأن المطلوب هو إيجاد الخيط بين هروب القيادي الحمساوي"أيمن نوفل"من سجن المرج..وبين جريمة قتل جنود الجيش المصري في رفح..وبالتالي ثبوت تورط الإخوان في الجريمة عبر ثبوت تورط الإخوان في تهريب"أيمن نوفل".
ولكن ما هي مصلحة نوفل في عمل كهذا هل كان بدافع الانتقام؟..لو كان ذلك حقاً لقتلوا جنوداً من الشرطة لأن الشُرطة المصرية هي التي اعتقلت نوفل ووضعته في سجن المرج، أما الجيش فلم يتدخل في قضية نوفل لا من بعيد ولا من قريب..
المخالف:ولماذا لم تحدث جرائم مثل هذه بعد صعود الرئيس مرسي للحُكم؟..هذا دليل على أن الإخوان هم المسئولون عن تنفيذ هذه العمليات.
الجواب:هذه خطأ منطقي لأن السؤال سيُطرح مُباشرةً، إذا كان الإخوان هم المسئولون وهم في المعارضة فلماذا لم يقوم أي خصم للإخوان بمثل هذه العمليات والإخوان في السُلطة؟!...منطقة شمال سيناء تكاد تكون حِكراً للجماعات الجهادية ومافيا تهريب السلاح، وهؤلاء لهم من يدفع لهم ويوجههم -حسب معتقداتهم، وليس لهم ولاء لأي حزب أو تيار سياسي بعينه.
ثم أن عدم وجود مثل هذه الجرائم الآن ليس دليلاً لإثبات أو نفي شئ،فأزمة السولار في مصر لم تكن موجودة في عهد المجلس العسكري، وبالتالي كان وجودها الآن -وحسب هذا المنطق -يكون الجيش هو المسئول عن أزمة السولار!..هناك أبعاد مجتمعية واقتصادية وسياسية ونفسية تتحكم في الأزمات وإدارتها وعلينا قبل البحث عن أسباب المُشكلات أن نبحث أولاً عن ماهية هذه المُشكلات ونحاول تفسيرها تفسيراً عقلياً ومنطقيا.
أخيراً كانت هذه خواطري حول القضية وهي ليست للدفاع عن أحد أو تبرئة أحد فلا يهمني الأسماء ولا المسميات، ولكن الهدف هو البحث عن الجاني الحقيقي فلربما كان مصرياً أو أجنبياً له مصلحة ما، أو مجموعات إرهابية دفعتها عواطفها لهذا الفعل الأحمق.
التعليقات (0)