ابتهال طالبه الصف السادس العلمي في إعدادية الرميله للبنات تربية الرصافه تخرجت هذا العام من..
الثانوية بنتيجة مبهره حائزه على معدل يؤهلها للدراسة الجامعية .. تنتمي هذه الفتاة النحيفة ذات الوجه الشاحب ذي الملامح السومرية الجميلة الى أسره فقيرة تصطبغ أيامها بالعوز والفاقة، تسكن وعائلتها في بيت من الصفيح عند إطراف المدينة المهملة التي تشبه القرية إلى حد ما..وتعتبر ابتهال البنت البكر في تسلسل إخوتها وأخواتها الست ،والدها كهل عاجز يعتاش ويعيل أسرته من راتب الرعاية الاجتماعية المتهافت والذي لايسد رمق أفواه جائعة ولا يستر أجساد صبيه عراة ، في زمن تجمدت فيه الضمائر وتصحرت القلوب ، مما فرض على الابنة البكر أن تعمل في أوقات مابعد الدراسة ،خياطه في معمل أزياء نسائيه بأجور متدنية ، لشعورها المبكر بالمسؤولية تجاه أمها وأخوتها القصرووالدها العاجز..فتاة ذكيه بجسد نحيف وأراده صلبه، تعوم في لجة بحر هائج يمور بالغرائب لايتسع للعدالة وليس من صفاته الإنصاف، القوي فيه يأكل الضعيف.. تهمس للريح العاصف إن لها معه ثأر، وتتوعد سنين الحرمان والزمن المر،فتنكفأ في زاوية غرفة الصفيح تتأمل منظرإخوتها وهم نيام ،تخنقها العبرة ويفضح أساهادمعها المسفوح في العتمه، لشعورها بالعجز تجاه هذا الحمل الثقيل الذي ورثته عن أبويها، فتقنع نفسها متحديه بمواصلة الدراسة تحت ضوء فانوس الزيت حتى مطلع خيوط الفجر..
ابتهال فتاة جامعيه قالت: أمها لجارتها متباهية لقد حصلت على معدل درجات دراسيه عال وستقدم غدا أوراقها إلى كلية الطب ستنجح،
وتصبح طبيبه وستعالج كل مرضى الحي بالمجان سينفتح لنا باب الأمل بعد سنين عجاف، سنقول للفقر وداعا لا تمر بأيامنا..
استيقظت ابتهال مبكرا صباح الأحد التشريني المخادع ؛فتحت باب غرفة الصفيح لتدع نسيم الصبح يغمر الغرفة الرطبة، داعبت نسماته خصلات شعرها الأسود الداكن
المنسدل على كتفيها كنهر رقراق ، دغدغ مشاعرها فضول آسر انتشت وكأنه يمسح على رأسها أو يقبلها ،انتابها شعور غامر بالامل، أعدت لنفسها فطورا متواضعا ..
لبست أحلى ما لديها، فستان مطرز بورود ملونه ؛جمعت قماشه من بقايا ما كانت تخيطه لزبائنها ،تعطرت بعطر مقلد رخيص كان ضوعه محببا لذائقتها ، رزمت أوراقها ،شهادة التخرج بدرجاتها المتفوقة ،أوراقها الثبوتيه ،لم تشأ
إيقاظ أمها وتصدر جلبه فتعكر هدوء المكان ،خرجت بتوءده ، وكانت حتى تصل إلى الشارع الرئيسي كان يجب عليها أن تسير راجلة لبضعة كيلو متر ، وتستقل سيارة الاجره المتوجهة إلى مركز المدينه التي تشبه القرية بكل تفاصيلها ، غارقة في أحلامها وآمالها التي لاتحدها حدود، بماذا تفكرين سألت نفسها ألتعبه،هل صحيح إن الحياة عبارة عن حلم متقطع يتخلل نومتين ؟يالافكاري السوداوية دع عنك هذه الأفكار وانطلقي لأحلامك أجابت نفسها باستهزاء..
أجتاز الباص الذي كانت تستقله(ابتهال) مع عدد من الركاب جسر الأحرار الذي يربط ضفتي دجله من جهة الصالحية متوجه إلى منطقة العلاوي، على جانب الطريق قرب وزارة العدل حدث انفجار هائل بعصف مهول تطايرت أشلاء الناس وتناثرت أجزاء السيارات الماره والمتوقفه، الخراب ودخان الحرائق والدماء يملأن المكان ولا أثر لابتهال مع كثيرين ممن كانوا راجلة قرب الانفجار أو داخل البنايات القريبة من موقع الانفجار !؟ جن الليل ولم ترجع ابتهال !؟
وعيون الام تندب الطريق تائهه..
حزين بيت الصفيح يفترسه الظلام
في الطرف النائي للمدينة المهملة التي تشبه القرية ..
كان قلبها مسرورا زاهرا بالأمل
كانت تحث الخطى لتصبح طبيبه ..
فستانها الموشي بالورود الملونة
مزقته الشظايا.. صار اليوم غارقا بدمهاوالغد ملتفا بغمته
. لأفرق هنا بين ساكن القصر وساكن بيت الصفيح ومن ينام على بساط الغبراء
للموت تعطرت وتأنقت
ماأقسى قلوبهم !!
قتلوا طالبه جامعيه
قتلوا ابتهالا..ليس اول فتاة ولا آخرضحيه.. لكنها ابتهال!!
على جدار مدرستها الخارجي لافته سوداء كسواد قلوب القتله:تنعى إدارة وطالبات إعدادية الرميله للبنات الطالبة المتفوقة ابتهال ياسر الذكر الطيب للفقيدة ولذويها الصبر والسلوان .
التعليقات (0)