ترددت كثيراً قبل نشر هذا النص الذي وردني من إحدى الزميلات المتابعات للحركة التعليمية في لبنان ، إذ خشيت أن يكون تلفيقياً ، لكن بعد سؤال أكثر من أستاذ عن شجون وشؤون وظيفته ، وبعد أن تابعت عن كثب ما يصدر في الجرائد وما يحدث في أروقة المحاكم من قضايا تختص بمجال التربية والتعليم ، إضافة للمعلومات التي وصلتني عن طريق "مصدر مسؤول" في وزارة التربية ، وهي عبارة ذات نكهة لصديق لي يعمل هناك ، وجدت أن أنشر هذا النص ، حيث يبقى الواقع لمن يعيشه ممزوجاً بطبيعة مختلفة ، وكما يقول المثل : من يده في النار ليس كمن يده خارجها !!
ملاحظة قبل أخيرة ، هذا ليس واقع عام ، لكنه واقع خاص ، أي أنه موجود لكن نسبته للمجموع ككل ، إضافة لمدى هذه النسبة أمر لا يمكن لي سبر غوره إلا عبر مسح إحصائي شامل ، وهذا خارج مدار إهتمامي ، كما مجال إختصاصي .
ملاحظة أخيرة ، حوّرت في نص زميلتي (بعد إستئذانها) ليكون النص عن قطاع التعليم والمؤسسات الخاصة بشكل عام ، وليس فقط عن وضع المؤسسة التي تعمل بها ! كما أن كل ما بين هذين [] هو إستدخال مني على نص زميلتي ، فعذراً .
كتبت زميلتي قالت :
القانون اللبناني يمنح الموظف الذي يتزوج بإجازة لمدة أسبوع مدفوعة الراتب ، في مؤسساتنا المحترمة ، عطلة المتزوج - شهر عسله - ثلاثة أيام ، محسومة الراتب .
وعطلة الحامل كما يذكر القانون الذي تخضع له المدارس الخاصة شهران كاملان ، في المؤسسات التي تدّعي حمل مسؤولية تربية الأجيال ، عطلة المعلمة 20 يوماً فقط !
الموظف الذي عمل لأكثر من خمس سنوات ، يتم إقتطاع نصف تعويضه دون سبب سوى الإفتئات على الحق والحقيقة ! [هذا ما عرفته من الموظف نفسه ، لكن دون أن أعرف سبب عدم رفعه قضية ضد المدرسة ، ودون أن أستمع لوجهة نظر المدرسة!]
بعض المدارس [وقد ذكر برنامج فساد على تلفزيون الجديد واقعاً مماثلاً] تعتمد تسعيرة واحدة لقرطاسية الطلاب ، تتنافى وأبسط الشروط المهنية ، لتوازي ربحيتها أرقاماً خيالية (تكلفة ما يتم تقديمه لا يتجاوز العشرة آلاف ليرة ليتم بيعها بأكثر من خمسين ألف ليرة) ! كما تعتمد [أحياناً] تسعيرة للكتب تتنافى وشروط وزارة الإقتصاد ومصلحة حماية المستهلك .
[ذكرت زميلتي أسباباً أخرى خاصة بمؤسستها التعليمية ، دفعتها لأن تستقيل ، لن أذكرها لخصوصيتها ، لكن سأذكر ما ختمت به نصها ، إذ كتبت تقول :]
لقد وجدت أن الساكت عن الحق شيطان أخرس ، ولا يمكن لي أن أشارك الظالم في ظلمه ، على الأقل كان لزاماً عليّ من منطلقات باتت عزيزة هذه الأيام ، إن لم أستطع التغيير أن أنسحب ، لذا قررت عدم العودة مطلقاً إلى وكر الظلام هذا .
...
لقد ارتأيت بعد توالي الأحداث ، أن أتوقف عن كوني جزءاً من مؤسسة تدّعي حمل مسؤولية تربية الأجيال ، لأنها فشلت في سلوك مثل هذا التصرف في التعاطي مع موظفيها !
...
تكفي واحدة مما سبق ، ليتحرك ضمير ومناقبية أي موظف !
لكن في بلد كلبنان ، حيث الحاجة تستذل الناس ، وحيث يتصرف رب العمل باعتباره رباً ، وجدت أنه من الأفضل لشخص مثلي ألا يبقى لحظة واحدة في هكذا مؤسسة .
وكما يقول المثل : قالوا لفرعون مين فرعنك ، قال : لم أجد من يردعني ؟
وجدت من واجبي أن أقف وأقول لا ، وإن لم أستطع التغيير بيدي ، فقلمي موجود ولاذع .
وأخيراً عسى أن يتحرك المغبونون كلٌ في مؤسسته ، إذا كنا يداً واحدة ، يمكننا أن نرفع عن كواهلنا الظلم ، ويمكننا إستصدار قوانين تحمي مصلحتنا لا مصلحة حيتان الفساد .
شكراً لك ، وعذراً على طريقة التحرير التي اعتمدتها .
التعليقات (0)