إيقاظ الجثة
في إحدى أيام نهاية الأسبوع ..... بدأت أنظر في أعين النّاس من زجاج السيارة ....كان هدفي هو شراء بذلة جديدة بعد أن وصف لي أحد أصدقائي المحلّ .....في الطريق كنت أنظر في أعين النّاس لأرى إن كانت فعلا تطمح إلى التغيير .....لقد كان اليوم نهاية الأسبوع ....الكلّ في عجلة من أمره حتما .....الكلّ كان متجها لشراء شيئ ما أو البحث عن شيئ ما ......تلك الوجوه لم يكن التغيير إحدى أولوياتها .....هذا ما أستخلصته من بعيد .....
لكن بالإقتراب من هؤلاء النّاس .....وتبادل أطراف الحديث مع هؤلاء النّاس نكتشف فيهم طموحا نحو الأفضل طموحا نحو تغيّر الأحوال .....في نهاية الحديث نتبادل موعظة الصبر والمغفرة ......
منذ أشهر عديدة سمعت كلمات كالرّصاص نطق بها شاب ....."الثورة فقط هي طريق التغيير" ...."فقط ثورة تجتث هؤلاء الذين سرقوا الوطن وخيراته" .....
ما الذي يجعل الجزائريين يخشون التغيير ؟
أو بالأحرى من هو الذي يخوّف النّاس من التغيير ؟
طبعا المستهدف من التغيير هو من يخوّف النّاس من التغيير ...
والبداية بالجيش والقوى الأمنية ......ولمّا نعرف أن البيوت الجزائرية لا تكاد تخلوا من وجود دركي أو شرطي أو عسكري....نفهم بسرعة سهولة نفاذ البرباغند العسكري في النسيج الإجتماعي خاصة الأوساط الفقيرة حيث تعشش الأميةّ وتضرب بشدة جسد المجتمع ......وهنا أفتح قوسا لأنقل ما قاله لي أحد الدركيين في عزّ الأزمة الأمنية ...."الدولة تعتني بنا عناية فائقة لقد جاؤونا مؤخرا ببذلات رسمية جديدة وأسلحة وسيارات جديدة ..."..
دور الأسرة الثورية
.....بإستعمال التاريخ الثوري ......نجد أشد النّاس عداوة لرائحة التغيير هم الأسرة الثورية .....الأسرة الثورية تتوجس الخيفة من كلّ شيئ .....لأنّه في رأيها الإمتيازات ورخص السيارات والفيلات .....والخيوط داخل الإدارة والجيش والرئاسة مهددة أيما تهديد .....من سيضمن شبكات سبيدرمان من التمزق ......
وقائمة طويلة من المتسلقين والمتملقين ....ويمكن تمييزها بسرعة لتناثر لعابها وهي تسبّح بحمد بوتفليقة ....
لقد ربطت شريحة كبيرة من الجزائريين بالنظام وجعلت مستقبلها مرهون بإستمرار تحكم الجيش والمخابرات في مستقبل البلاد .....
الشرائح المنتفعة كثيرة ومتنوعة في قطاعات عسكرية وأمنية ومدنية ....
لكن هل أي تغيير في الجزائر هو إعلان حرب على المؤسسة العسكرية والأمنية والاسرة الثورية .....والطاقات والإيطارات المدنية ......هل التغيير في الجزائر سيهدد أمن البلاد .....هل سيهدد الثقافة .....هل سيهدد الإنتاج الأدبي والعلمي ؟
ألا يمكن أن يكون هناك تغيير من أجل ولمصلحة ولخدمة الجزائر والجزائريين ؟
ألا يمكن إستيعاب المؤسسة الأمنية والعسكرية في أي نظام يقوم على أنقاض النظام الحالي شرط إحترام دولة القانون وتقديس الدستور ؟
ألا يمكن للمتسلقين والمتملقين فهم أن الوصول إلى الأعلى يجب أن يرتكز على أسس صلبة ؟
وأنّ الوصول إلى أعلى الدرج يستلزم المرور بالدرجات الدّنيا ؟
وأن التقدّم في السن من طبيعة البشر ....وأنّ الإنسان المتحضر عليه أن يحضر نفسه للتقاعد ؟
وأنّ المسلم يجب أن يحترز أكثر في كيفية لقاء ربّه خاصة وهو في أرذل العمر؟
الإعلام
في الأزمة السّورية تتقاطع مواقف الخارجية الجزائرية دائما مع مواقف إيران وبشار الأسد .....وحكومة المالكي في العراق ....
وهنا يمكن فهم موقف الجزائريين من الثورة السورية المباركة ....هؤلاء الذين يستقون معلوماتهم من نشرة الثامنة ....
لقد كان المجنون القذافي رمزا عربيا في أعين كثير من متتبعي نشرة الثامنة ....
ومبارك وبن علي ....
إن التغيير في الجزائر يستلزم بداية إيقاظ الجثة ......نفخ الرّوح في الجثة ؟
هل ستستيقظ جثة الشعب لتعود إلى الحياة .....حياة مفعمة بالحيوية و المبادرة ؟
أم أنّ الشعب قد تأقلم مع محيطه المتعفن ؟
هل سيبادر الجزائريون إلى رسم مستقبل بلادهم ....هل سيغيرون إشارة "قف "؟....أم سيغيرون الطريق أم سيتوقفون أمام إشارة "قف" حتّى يأخذهم الأجل ؟
هل ستعود الحياة إلى الجثة لتخنق بأيديها أو تعفوا عفوا كريما عمن خدّرها و ألبسها الحنوط والكفن .....؟
التعليقات (0)