مواضيع اليوم

إيصال الدعم الى مستحقيه : أسعار الطاقة البكهربائية نموذجا

sulaiman wwww

2012-02-19 12:28:23

0


لا بد للمراقب للسياسات والقرارات الحكومية وكيفية خلقها للأزمات الإجتماعية والإقتصادية والمعيشية لدى المواطن ، وإدارة تلك الأزمات والتعايش معها دون العمل على حلها , أن يستنتج وجود إستراتيجية ثابتة تتمثل بإفقار وتجويع المواطن الاردني . وقد نجحت الحكومات الاردنية المتعاقبة ، والتي يبدو أنها لا تعرف المواطن الاردني والحال الذي وصل اليه بمقدار معرفتها بمواطني مدينة لاهاي ، في الالتزام بتلك الإسترتيجية وكان من مظاهر نجاحها تغييب الطبقة الوسطى وإدخالها الى ما دون خط الفقر ، لتزداد بذلك مستويات ونسب الفقر في المجتمع الاردني رغم ما يتضمنه ذلك من مخاطر إجتماعية ، تراهن الحكومات على قدرتها على عدم تحولها الى مخاطر سياسية.
وتبدو البلاد ساحة فرص تستبيحها جماعات ولوبيات المصالح الخاصة ، مع غياب جمعيات و مؤسسات تعنى بالدفاع عن حقوق ومصالح المواطن ومستوى معيشته ، ولا يمكن إعتبار جمعية حماية المستهلك طرفا فاعلا ضمن المعادلة السابقة رغم ما تقوم به الجمعية من حملات إعلامية تهدف الى المبالغة في الإشارة الى جهودها الوهمية التي لم يلمس المواطن أثرها . قرار حكومة قاضي لاهاي برفع أسعار الكهرباء الذي بدأ تطبيقه منذ بداية هذا الشهر ، والذي سيلمس المواطن نتائجه مع بدء إصدار فاتورة الكهرباء عن الشهر الحالي يشكل مثالا واضحا على تلك الاستراتيجية والحال المشار إليه .
فهل هناك مبرر مقبول لأن تكون تعرفة إستهلاك الكهرباء لدى قطاع الفنادق في حدها الاقصى لا تتجاوز نسبة 27% (94 فلس لكل كيلوواط/ساعة لدى الفنادق مقابل 348 فلس لكل كيلوواط /ساعة ) من مقابلها لدى شريحة الإستهلاك المنزلي ، وهو الحال الذي ينطبق أيضا وبنسب متفاتة لدى القطاع التجاري والصناعي التي ستستمر بالحصول على الطاقة الكهربائية بأسعار أدنى من تلك التي تطبق على المواطن البسيط ؟ وما الذي يعنيه ذلك في سياق التصريحات الحكومية حول إيصال الدعم الى مستحقيه ؟.
إجابة السؤالين السابقين واضحة طبعا ، فقرار رفع أسعار الكهرباء والذي وجد من يؤيدونه مبررين ذلك بنمطية الإستهلاك العالية لدى المواطنين كما أشار رئيس الجمعية الأردنية للطاقة المتجددة، المهندس محمد الطعاني في سياق ترحيبه بقرار رفع اسعار الكهرباء ، ستتحمل أعبائه بالاساس شريحة الاستهلاك المنزلي بينما سيستمر إيصال الدعم الى مستحقيه (من وجهة نظر صناع القرار وليس الإستحقاق القائم على العدالة والحقوق والمنطق ) من مؤسسات إسثمارية ورؤوس أموال . وقد أشار الاقتصادي د. قاسم الحموري في سياق ذلك الى أن الطبقة المتوسطة ستتحمل هذه الزيادة كون الطبقة الغنية صغيرة جدا، وهذا الامر سيشكل عامل سلبي حيث يجب على الحكومة حماية هذه الطبقة.
اما فيما يخص القطاع الصناعي ، والذي سيستمر بالحصول على الطاقة الكهربائية بأسعار أدنى من المواطن ضمن شريحة الاستهلاك المنزلي ، فبين الحموري بان القطاع بامكانه تمرير الزيادة في السوق المحلي (أي تحويل العبء الى المواطن الاردني أيضا) .
وقد أبرزت وسائل الاعلام في الايام القليلة الماضية الرسالة التي وجهتها جمعية المستشفيات الخاصة الى رئيس الحكومة ، والتي ناشدته من خلالها استثناء المستشفيات الخاصة من قرار مجلس الوزراء القاضي بزيادة تعرفة استهلاك الكهرباء على الشريحة المنزلية (إذ تجد الجمعية أن من الظلم أن تخضع للتسعيرة التي يخضع لها المواطن الاردني ضمن شريحة الاستهلاك المنزلي) حيث تعامل المستشفيات ضمن هذه الشريحة لتصبح 348 فلساً بدلاً من 174 فلساً اعتباراً من 1/2/2012 . و اعتبرت الجمعية ان ذلك سيشكل عبئا ماليا على المستشفيات الخاصة وبالتالي اضطرارها الى زيادة فاتورة العلاج على المواطن ( تحويل العبء الى المواطن الاردني أيضا كما هو الحال لدى القطاع الصناعي) لتغطية قيمة الفرق في فاتورة الكهرباء.
وطالبت جمعية المستشفيات الخاصة بتطبيق تعرفة الفنادق على إستهلاكها من الطاقة الكهربائية ، رغم التباين في تكلفة السرير بين الفنادق (بمعدل 70 دينار تقريبا) والمستشفيات الخاصة (معدل 130 دينار) ، وتجدر الاشارة هنا الى أن التعرفة المطبقة على قطاع الفنادق وقطاع الصناعة تتضمن تسعيرتين للتزويد النهاري والليلي ، بحيث تخضع أسعار التيار الكهربائي الى تخفيض إضافي في التزويد الليلي .
وأبرزت التصريحات الحكومية وما تضمنته من تطمينات للقطاعات الإقتصادية و الإستثمارية ، أن أثر القرار سيقتصر على المواطن البسيط ، وبما ينسجم مع إستراتيجية الإفقار التي تلتزم بها الحكومة وسيستمر إيصال الدعم الى مستحقيه من مؤسسات إستثمارية . حيث أكد الناطق الإعلامي لوزارة الصناعة والتجارة، ينال البرماوي، أن الوزارة من خلال خططها في تعزيز تنافسية القطاعات ستساهم أيضا في تقليل اثر هذه الزيادة، وذلك من خلال مشاريع الدعم التي تقوم بها الوزارة للقطاعات المختلفة بالإضافة إلى مؤسسة تطوير المشاريع، والتي تساهم من رفع مستوى إنتاجية وتنافسية القطاعات. وأضاف البرماوي ان الوزارة قامت أيضا بإعفاء 95% من مدخلات الإنتاج للقطاع الصناعي، وأيضا قامت من خلال مشاريع الدعم الفني بدعم القيمة المضافة للإنتاج الصناعي، الأمر الذي يساهم في استمرارية النمو في هذا القطاع.
القطاع التجاري بدوره ، رغم أنه لم يخضع لزيادة مشابهة للزيادة التي طرأت على شريحة الاستهلاك المنزلي هدد أيضا على لسان رئيس غرفة تجارة الاردن نائل الكباريتي بزيادة أسعار السلع ، وتجيير أعباء الزيادة المترتبة على القرار ليتحملها المواطن الاردني مستهلك تلك السلع .
إذا، سوف يتحمل المواطن الاردني أعباء زيادة تعرفة التيار الكهربائي بشكل مباشر عبر زيادة تكلفة الإستهلاك المنزلي ، وبشكل غير مباشر عبر الإرتفاع المتوقع في أسعار السلع والخدمات . ونتذكر في هذا السياق المرحوم أحمد المطارنة الذي واجه إنقطاع التيار الكهربائي عن منزله ضمن الظروف التي دفعته الى القيام بما قام به ضمن المأساة التي تابع الاردنيون أخبارها. ومن المتوقع أن يؤدي القرار الحكومي الأخير الى زيادة نسب فصل التيار الكهربائي عن منازل مواطنين اردنيين باتوا عاجزين عن مواجهة التراجع المستمر في مستوى المعيشة ، والناتج عن إستمرار الحكومات الاردنية المتعاقبة بتبني سياسة الافقار والتجويع وحجب الدعم عن المواطن الاردني البسيط وايصاله الى "مستحقيه" من أصحاب رؤوس الاموال ، وهي الإستراتيجية التي من المتوقع التوسع في تطبيقها خلال الشهور القليلة القادمة كما تشير التصريحات الحكومية .

 

 


 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !