تمر العلاقات الإيرانية الطاجيكية بمرحلة من الأزمة والتوتر رغم أن زعماء البلدين يظهرون أمام كاميرات الصحفيين بمظهرالأخوة والعاطفة القومية التي تربط البلدين في المناسبات القومية وأخرها كان عيد النيروز الذي يحتفل به البلدان ويعتبر العيد التقليدي للأمتين الفارسيتين لكن ما يظهره الإعلام الإيراني الشبه رسمي من خفايا غير الذي تروج له الحكومة الإيرانية فأخر ما أتحفنا به هذا الإعلام المقال التحليلي الخبري الذي نقله موقع تابناك التابع للقائد السابق للحرس الثوري الإيراني "محسن رضائي " حول علاقات البلدين والأزمة التي تعاني منها "طهران ودوشنبيه "نتيجة خصام مرده مذهبي حيث النظام الإيراني يعتنق المذهب الشيعي والطاجيكي سني حنفي ففي كثير من الأحيان يقف الدين والمذهب سداًً منيعاًً أمام الأواصر القومية والعرقية لكن المسؤلين الإيرانيين ومن وراءهم إعلامهم الرسمي وشبه الرسمي ينكرون ذلك وعوودونا باتهام الأخر من خلال نظرية المؤامرة التي يقولون أنها تحاك ضدهم من قبل الدول الغربية والعربية لزرع الخلاف بين الشعبين كما ألفنا مثل هذا الكلام في قضايا مشابهة ففي هذا المقال أحاول فتح نافذة على الأسباب الحقيقية وراء تأزم العلاقات الإيرانية الطاجيكية .
إمام علي رحمان ومقاومته الناعمة لأطماع طهران:
في مؤشر واضح على توتر العلاقات بين طهران ودوشنبيه قامت الحكومة الطاجيكية مؤخراً باستدعاء طلابها الذين يواصلون دراستهم في الجامعات الإيرانية ولم تتجاوب بالشكل المطلوب مع مقترح طهران إنشاء محطة ناطقة بالفارسية تجمع الدول الثلاث "ايران وطاجيكستان وأفغانستان" وتحمل اسم "نيروز" مما اعتبرالمحللون في موقع "تابناك" الحرسي الخطوات المذكورة على أنها مؤشرعلى عدم رغبة دوشنبيه توطيد علاقاتها مع طهران فيما يرى الخبراء المتابعون للشأن الإيراني والطاجيكي أن الخطوة دليل واضح على تنامي شعور دوشنبيه بالقلق وخوفها من تصاعد المد المذهبي والتطرف الديني الشيعي في البلاد مما أرغم هذا الأمر الطاجيك على خطوة كهذه رغم حاجتهم الماسة بالغاز والنفط الإيراني وحاجة إقتصادهم الذي يعاني من هشاشة الى شريك ، فتصدير المذهب الشيعي من قبل طهران الى بلدهم دفعهم بانتهاج هذه الخطوات وأرغمهم على التخلي عن المصالح الإقتصادية فالامن القومي أولى من الإقتصاد إذا إقتضت الضرورة .
في سياق متصل نقل موقع "يورو – ايجن نت " الطاجيكي أن الرئيس رحمان ينتهج سياسة الإبتعاد عن طهران بسبب تنامي ظاهرة المد الديني المتطرف القادم من قبل طهران نحو بلاده حيث قام باصدار تعليماته لإغلاق المساجد التي لم تحصل على رخصة حكومية في البلاد في إطار خطته مواجهة الظاهرة القادمة من طهران واستدعت الحكومة جميع طلابها الذين يمارسون تعلم اللغة الفارسية وعلوم الشريعة في إيران ويصل عددهم نحو 1500 طالب تفادياً لما يسمى بنشر التطرف الديني الذي يستورده هؤلاء من طهران الى بلادهم.
كانت الحكومة الطاجيكية العلمانية في السنوات الماضية محصنة أمام التطرف الديني بسبب طبيعة المجتمع الطاجيكي المتفتح رغم انخراط عدد كبيرمن الطاجيك في السابق الى صفوف المجاهدين الذين كانوا يقاتلون القوات السوفيتية في أفغانستان في القرن الماضي ولكن نهج الحكومة الطاجيكية بعد الاستقلال عن روسيا والذي يعرف عنه بالنهج العلماني أحال دون تنامي ظاهرة الإسلاميين وبعد أن بدأت دوشنبيه بخطوات نحو طهران طيلة العقدين الماضيين بسبب حاجتها الماسة للإقتصاد الإيراني وتصدير بضاعتها عبر إيران الى الدول العربية المطلة على الخليج اكتشفت الأخيرة أن طهران كانت تستغل الإقتصاد للدخول في طاجيكستان عبر بوابة التطرف الديني ونشر المذهب الشيعي فهذا الأمر دعا المسؤولين الطاجيك وعلى رأسهم رحمان التفكير في إعادة النظر بعلاقاتهم مع طهران .
التعليقات (0)