مواضيع اليوم

إيران وأيدلوجيّتا ” أم القرى و ولاية الفقيه ” : خارطة طريق الوصاية و منهاج الهيمنة على العالم العربي

سليمان شعيب

2011-08-18 07:16:40

0

 الجديدة :محمد حسن فلاحية -- 

يستخدم النظام الإيراني جميع السبل لبسط هيمنته على المنطقة العربية فنظام طهران الذي يشكل مبدأ “ولاية الفقيه “منهاجه للهيمنة الأيديولوجية المركزة بمسحة طائفية مع مزيج من التوجه القومي الفارسي وترسم نظرية “أم القرى”خارطة الطريق أمامه للهيمنة على العالمين الإسلامي والعربي لم يتورع في لحظة ما للوصول الى مطامحه الإستعمارية على المنطقة وكما بدا واضحاً من المسعى المحموم والتصريحات التي يصدرها المسؤولون الإيرانيون المدججون بولائهم المطلق للولي الفقيه ومسؤوليتهم المنصبّة بالحفاظ على مكتسبات هذا النظام لما لهم فيه من مصالح ومطامع ، تعتبر خطتهم المنهجية التي ترمي للتوسّع وتدجين أكبر عدد ممكن من أبناء شعوب المنطقة خدمة لمشاريعهم ذات البصمات الإمبراطوية الإيرانية القديمة التي ها هنا ماثلة أمامنا بكل وضوح من خلال نظرية “ولاية الفقيه”.
من هذا المنطلق يسعى النظام الصفوي الحاكم في إيران استخدام شتى الطرق لتعزيز مكانة إمبراطورية الهيمنة على العالم العربي خاصة بعد أن فشل النظام الإيراني في تصدير ثورته بالقوة عبر حرب استمرت ثماني سنوات مع العراق ، بدأت رموز هذا النظام تفكر ملياً في سبل ناجعة تنتمي عادة للمناهج الناعمة لغزوالعالم العربي والتمدد في ربوعه وذلك بسبب افتقار العالم العربي لمرجعية حقيقية تصمد بوجه التغلغل الإيراني ، فوجدت طهران نفسها أمام أرض رخوة يمكنها غرس عصابات موالية لها في الأرض العربية الخصبة ، لتظهر لنا بعد ذلك مثل الفطريات في كل مرة تسقيها طهران بدولارات هائلة وتتحول هذه الميليشيات فيما بعد الى بلاء العرب المحتوم لكي تحتل خلالها ولاية الفقيه ، شر احتلال العالم العربي انطلاقاً بمصر وفلسطين مروراً بدول الخليج العربي وصولاً الى العراق وهلال الخصيب .
مبدع نظرية أم القرى:
يعتبر” محمد جواد أردشيرلاريجاني ” المبدع الأول لنظرية “أم القرى” ينتمي لاريجاني لأسرة عراقية معاودة من أصول إيرانية وهو من مواليد مدينة النجف في العراق بداية الخمسينات من القرن الماضي (كانت ولا تزال الأسر العراقية من أصول إيرانية تلعب دوراً ريادياً في السياسة الإيرانية مثل أسرة :”شاهرودي” رئيس سلطة القضاء سابقاً وأسرة “أصفي” و”نقدي” و”دانايي فر”و…) و كان في السابق مستشاراً لوزارة الخارجية ونائباً في البرلمان لفترات متتالية وينتمي منهجياً لكتلة المحافظين المتطرفين ويترأس الآن لجنة حقوق الإنسان في السلطة القضائية التي يديرها شقيقه “أية الله صادق لاريجاني ” تتمع آل لاريجاني في نفوذ واسع داخل النظام الإيراني وتمسك الأسرة المذكورة بمقاليد الحكم في إيران حيث الأخوة لاريجاني يشغلون مناصب حكومية رفيعة ولديهم علاقات بأسرأخرى متنفذة مثل ” أسرة توكلي ؛ النائب المعمر في البرلمان منذ تأسيسه لحد الآن” و ” أسرة أية الله مطهري ؛ منظرّ الثورة الإيرانية وأبوها الروحي بعد الخوميني” وأسرة لاريجاني حيث “علي لاريجاني ؛ رئيس البرلمان الإيراني الحالي “.
تخرج “لاريجاني” من جامعة كاليفورنيا في بروكلي فرع الرياضيات وحصل على الدكتوراه من جامعة تايم في فلوريدا في فرع الفيزياء ولدى لاريجاني مواقف متصلبة حيال القضايا السياسية في إيران مثل مواقفه المناوئة للإصلاحيين ومعارضته لنهج النظام المتسامح مع قضايا المنطقة حيث كشفت التقارير أنّ وزارة الخارجية الإيرانية في عهد “علي أكبر ولايتي” طردت لاريجاني من منصب مساعد وزير الخارجية بعد ثمانية أشهر من توقيع إيران على قرارمجلس الأمن المرقم 598 والقاضي بوقف إطلاق النار بين العراق وإيران وذلك بناءاً على طلب مقدم من قبل وزارة المخابرات (اطلاعات) بسبب موقف الأخير المناوئ لقرار وقف إطلاق النار.
نظريتا أم القرى و ولاية الفقيه :
يرى الكثير من المتابعين للشأن الإيراني أنّه بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية ورحيل الزعيم الروحي السابق للثورة أية الله خوميني بدأت نظرية أم القرى ذات الطابع الواقعي تأخذ مكان نظرية تصدير الثورة ذات الطابع الطوباوي وإن هذه النظرية رغم أنها تنتقد الفكر القومي إلا أنها تحمل ملامح التوجه الشوفيني والطائفي في داخلها خلال التركيز على العنصرين الفارسي والشيعي والتأكيد على قم كعاصمة دينية وطهران كعاصمة سياسية لإيران والعالم الإسلامي في وجه مكة والمدينة والإصرار على ولاية الفقيه كمبدأ لا تنازل عنه وبديل للعنصرالعربي والسني وإن كان هذا التصريح بشكل مبطن لكن يفصح التوجه عن نفسه من خلال تنفيذ بنود هذه النظرية من قبل القائمين على نظام الملالي بطهران وفي مناسابت عدة.
إنّ جدلية الثورة والنظام في إيران دفعت البعض بأن يجري مقارنة بين هذه النظرية ونظريات مشابهة حيث عمل البعض على تشبيه النظرية بتفسير”استالين” من نظرية العالمية للشيوعية حيث أنّ نظرية “أم القرى” تحمل في طياتها خارطة طريق النفوذ والهيمنة للنظام الإيراني نظراً لما تتتمتع به من معان ومنهج مبسط للتوسع إضافة الى ذلك فإنّ الظروف التي نشأت فيها هذه النظرية تعبرعن دلالات من بينها محاولات إخراج النظام الإيراني من المأزق الداخلي والخارجي الذي كان ومايزال يعاني منه وهذه هي نقاط ضعف النظام التي يحاول جاهداً التستر عليه.
إن أم القرى تمثل بوابة النظام نحو العالم الإقليمي من هنا ظل يستخدمها حتى يومنا هذا بعد مرور أكثر من عقدين على إبصارهذه النظرية النور حيث جاءت النظرية في توقيت عصيب كان يمر به النظام الإيراني جراء نهاية حربه مع العراق وفشل نظرية تصدير الثورة بما تحمله الكلمة من معانٍ وأيضاً ظهور مشاكل داخلية مستفحلة أمام النظام الإيراني مثل الإضرابات ووصول الإعتصامات الجماهيرية للشعوب الى ذروتها ما دفع منظروا النظام البحث عن حلول للخروج من ذلك المأزق الخانق واستمر النظام بتطبيق النظرية مع إجراء تعديلات طفيفة عليها حتى يومنا هذا.
تنظر “أم القرى” الإيرانية الى العالم الإسلامي على أنه أرضية ممهدة للزعامة الإيرانية فتعتبرالنظرية المرشد الإيراني على أنه إضافة لكونه حامل للأوصاف الـ “إيرانية” ومرجع تقليد الشيعة وغير الشيعة الإيرانيين يعتبر ” ولي أمر المسلمين في العالم ” فتوصي النظرية الزعماء الإيرانيين بشكل منمّق على أن يعوا مصالح العالم الإسلامي إضافة الى رعايتهم للمصالح الوطنية وعليه فإن المسؤلية الملقاة على عاتق بقية المسلمين تتجسد في تقديم الدعم والدفاع عن إيران ولاية الفقيه باعتباره “أم القرى للعالم الإسلامي” ففي حال حدوث أي تعارض فيما بين المصالح الوطنية والإسلامية ستكون المصالح الإسلامية في الأولوية وذلك منوط بقدرة الحفاظ على النظام الإسلامي في أم القرى الإسلامية على حد تعبير النظرية .
جاءت نظرية أم القرى لتوحي بأنها تنوي التضخّم في الدورالسياسي لطهران باعتبارها العاصمة السياسية للتشيع في العالم ، مقابل مكة وهي العاصمة الدينية للعالم السني فـ “محمد جواد لاريجاني” عند تبنيه نظيرية أم القرى كان عاملاً في وزارة الخارجية بصفته مساعداً دولياً للوزير فهذا بحد ذاته يعبر عن مكانة النظرية وأهميتها بما أنها صدرت في موقع حساس (وزارة الخارجية الإيرانية ) وأيضاً تركيزهذه النظرية على العالم العربي والإسلامي دون غيره كي تصبح هذه البقعة من العالم وطئة قدم تمهد لنفوذها وتوسعها المتخم بالكراهية والعدوان.
وفي هذا الإطار أجرى في السابق صاحب النظرية حديثاً مطول مع صحيفة رسالت المتشددة بتاريخ 12شباط – فبراير2008 يؤكد لاريجاني فيه أنّ :”ّ هذه النظرية ظهرت أساساً للتوفيق بين الآفاق والأهداف طويلة الأمد والظروف الحالية التي تمر بها البلاد حيث كان يتصور البعض أنه يجب التفاعل الآني مع أحداث العالم الإسلامي في حين صرح الإمام أنّ طريق القدس يمرمن كربلاء ؛ لكلام المرشد مغزى كبيراً للغاية يتعارض مع التفاعل الآني فقامت نظرية أم القرى على ضوء إعطاء الزخم الكافي للخطط الآنية و ربطها بالتطلعات المستقبلية “.
ويضيف لاريجاني في معرض إجابته على ضرورة بناء علاقات مع الولايات المتحدة الى أنّه يؤمن بما يراه المرشد في تغليب المصلحة الوطنية في التعامل مع الأمريكان وتجنٌّب المواقف التي تنبع من الإحاسيس لا المنطق والعقلانية مؤكداً أنه لا يوجد خط أحمر أمام النظام الإيراني سوى المصالح القومية العليا للنظام معتبراً نقطة الإلتقاء في المصالح التي قد يصل اليها الإيرانيون والأمريكان هي أرض العراق ومن ثم تحويل هذه النقطة للتفاهم والحوار الذي يخدم مصالح طهران – أم القرى الإسلامية- دون غيره
من هذا المنطلق التفكيري الحاك على ساسة طهران تقوم نظرية أم القرى بعملية تتويج “ولاية الفقيه” ومنحه لقب ولي أمر المسلمين ليأخذ دوراً مشابهاً للرعوية الكنسية وخليفة أوسلطاناً مشابهاً للخلافة العثمانية وتشير هذه المحاولات لأهداف أيديولوجية تسعى لخصصة المذهب الشيعي لصالح فئة تسكن طهران وقم لتصدر أوامرها المقدسة الى بقية الأصقاع في العالم الشيعي والإسلامي على حد سواء.
بالنظر الى كل ما قيل يبدو واضحاً أنّ هاتين النظريتين”أم القرى” و”ولاية الفقيه” تتلازمان بشكل أيديولوجي محكم لربط الدين والمذهب بالسياسة ومن ثم تدويل هذا الرابط ، فلا تعدو هذه المحاولات كونها محاولات فاشلة للتركيزعلى ضبط الداخل بالتزامن مع التوجه الأخطبوطي السلطوي نحو الخارج الإيراني باستخدام نظريات مستحدثة وإلصاق صورة مليئة بالتناقضات تظهر بإسقاطات التاريخية على شاكلة أيديولوجيا مترهلة لبناء القوة العسكرية والإقتصادية والسياسية للنظام من خلال صناعة المفاهيم لدى المنظرين الإيرانيين الذي ضجر شعبهم كما ملت شعوب المنطقة خطابهم وأيديولوجيتهم المتآكلة حيث يصعب على المتتبع معرفة تفاصيلها إن لم يفلح بالإطلاع على ركائزها وكانت هذه محاولة بسيطة في هذا الإطار.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات