إيران نمر من ورق
لو تأملنا في حال الدول ككيانات سياسية فإننا سنجدها تتكون من مجتمعات متنوعة متعددة تنوع وتعدد عرقي ومذهبي وديني أيضا وتلك طبيعة بشرية وسنةكونية.
إيران دولة نمر من ورق هكذا علمتنا حوادث التاريخ المختلفة ، ورقية إيران الهشة ليست فريدة من نوعها فهناك الكثير والكثير من البلدان الورقية الهشة ولكل بلد ورقي ظروفة وأسبابه التي جعلته ورقيا , عندما كشفت حوادث التاريخ عن ورقية إيران اتضح للبعض أن تلك الورقية الهشة قد لاتدوم إذا استثمرت النخبة الحاكمة في إيران تنوع المجتمع الإيراني لكن تلك النخبة لا تريد ذلك لأنها تعيش في كنف الماضي بتراكماته المختلفة التي لا تقدم ولا تؤخر .
ماذا سيحدث لو استثمرت إيران التنوع العرقي والمذهبي الإجابة قطعا ستكون تحول إيران من دولة ورقية طائفية إلى دولة قوية صامدة ورائدة فالتنوع عامل قوة وصمود وبناء إذا استثمر بشكل إيجابي فالولايات المتحدة الأمريكية استثمرت التنوع العرقي والديني فحولته عبر سيادة القانون وسلطة المؤسسات لعامل بناء وصمود محققة مفهوم دولة المواطنة وليس دولة الانتماء العرقي أو الديني الضيق , ليست الولايات المتحدة الأمريكية وحدها التي عملت على استثمار التنوع والتعدد الاجتماعي فجميع دول العالم المتقدم عملت على استثمار ذلك التنوع عكس دول العالم النامي العربية والإسلامية والافريقية والاسيوية التي تقتل التنوع والتعددية الشاملة بشتى الطرق والأساليب والغاية سياسية بحته .
إيران الورقية التي تدعي نصرة المجتمعات المسحوقة والطوائف المظلومة تضطهد كل من يقيم على أرضها ممن لا ينتمي للعرق الفارسي حتى وإن كان شيعيا اثني عشري أو جعفري أو غير ذلك من الانتماءات الدينية الضيقة اضطهاد عرقي قاسي , العرق الفارسي مسيطر على مكامن صناعة القرار ومسيطر على مختلف المؤسسات والقطاعات يهمش بقية الأعراق ويضطهدها , صراخ إيران بحقوق الأقليات خارج حدودها ماهو الا محاولة لايجاد موطأ قدم يكون فيما بعد مركزا لتصدير ادلوجيتها المذهبية والعنصرية وتلك طبيعية الانظمة المستبدة المركبة من الطائفية والعنصرية البغيضة .
ليست إيران وحدها التي تمارس دور المنقذ البطل خارج حدودها فهناك الكثير والكثير من البلدان التي تمارس نفس الدور وأشد منه.
إيران البعبع الورقي تعيش في ظل نخبة حاكمة حالمة ستبدة عنصرية خلطت السياسة بالدين وربطت الوطنية بالانتماء العرقي فحولت الدولة لاقطاع خاص ومخصص لفئة دون أخرى.
ليست إيران وحدها التي ربطت المواطنة بالانتماء العرقي وليست وحدها التي خلطت الدين بالسياسة فعالمنا الثالث قديما وحديثاً مليء بالنماذج الكارثية لربط المواطنة بالانتماءات الضيقة الدينية والعرقية والمذهبية والفكرية لكن إيران سبقت كل تلك النماذج بمسافات , فالاختلاف في المسافة فقط والا فالاساليب والنتائج واحدة .
الولاء للدين أو المذهب أو العرق قد يزول ويندثر, لكن الولاء للأرض يبقى رغم قسوة الواقع والمتغيرات , تغليب مذهب على آخر وتقديم فئة عرقية على أخرى جرائم إنسانية يرتكبها الإنسان بحق أخيه الإنسان بمبررات وهمية مكذوبة مغلوطة وذلك يحدث بشكل يومي في عالم يموج بالمتناقضات.
خيار الطبقات المضطهده الوحيد هو الخروج من عنق الزجاجة بثورة تكنس الماضي وتؤسس للمستقبل بأي ثمن كان .
الثورة الخضراء بإيران 2009 ليست الوحيدة والحراك الطلابي ليس الوحيد وحراك الأقليات والشعوب الغير فارسية ليس الوحيد أيضاً فكل الفئات المضطهده سلكت طريق العمل الثوري رافضة للاستبداد العرقي والمذهبي , ذلك الحراك الثوري يؤسس لثقافة جديدة قائمة على التعددية والتعايش والمواطنة كمفهوم وقيمة إنسانية شاملة وغير مقيدة , ثقافة جديدة داخل إيران سيصل تأثيرها الإيجابي للخارج فكل الدول التي تحيط بإيران تعاني مجتمعاتها من السحق والاضطهاد والعنف الناجم عن العنصرية المذهبية أو الدينية أو العرقية والفكرية أيضاً. الجيل السياسي القادم بإيران يختلف عن السابق جيل ثوري جديد وصول ذلك الجيل لمراكز صناعة القرار ليس بالأمر الهين في العالم الثالث لكنه ليس بالمستحيل إذا استوعب ذلك الجيل دروس الحراك النخبوي والفئوي الثوري القديم داخل إيران وخارجها.
ورقية إيران وورقة غيرها نابعه من الاخلال بالتركيبة الاجتماعية والخارطة الفكرية وتلك كارثة تضعف الدول حتى وإن امتلكت أدوات سياسية وعسكرية تفوق حاجتها الأساسية.
الفقر والعنصرية والتعصب والقمع والاستبداد حول المجتمع الإيراني لمجتمع قاسي يكره كل شيء حوله وهنا قضية متى تنفتح وسائل الإعلام على ذلك المجتمع وتنقل همومه إلى العالم وتسلط الضوء على قضاياه المختلفة والعميقة .
إيران البعبع الورقي تعيش في ظل نخبة حاكمة حالمة مستبدة عنصرية خلطت السياسة بالدين وربطت الانتماء الوطني بالعرق فحولت الدولة لاقطاع خاص ومخصص لفئة دون غيرها وهي ليست الوحيدة لكنها الأكثر أجراما , التعامل مع إيران يكون وفق نظرية القوة مقابل القوة والسلم مقابل السلم فالنخبة العنصرية الحاكمة لاتفهم الا هذه اللغة فقط , المجتمعات الإيرانية بحاجة لمن يقف معها في حراكها فكما ان ايران تقف مع مختلف الأقليات والقوى بالعالم مبررة ذلك بنصرة المظلومين فإن من واجب المجتمعات بطبقاتها ونخبها المختلفة الوقوف مع المجتمعات الإيرانية في مطالبها وحراكها واركز على وقوف المجتمعات مع المجتمعات لا الأنظمة والعلة لذلك عدم وجود المقابل عكس الأنظمة التي تسعى لمقابل على حساب القضية ( الأنظمة الحاكمة تحركها المصالح) ...
ورقية إيران ستذهب ادراج الرياح في يوم من الأيام وعندئذ اما ان تكون إيران قوية بفعل وحدتها وتماسكها الوطني وتعدديتها وتعايش مختلف مكوناتها مع بعضها البعض ضمن الجغرافيا الوطنية الواحدة أو بائدة جراء العنصرية والتعصب واختلاق الوهم وتبديد المقدرات الوطنية في مشاريع أحلام وهمية هلامية لن تتحقق ابدا.
التعليقات (0)