إيران ترد على الدعوة الأميركية للحوار بـ "قنابل خارقة للدروع"
معهد دراسات الحرب بويست بوينت:
إيران نفذت برنامج عمل سري في العراق لعقود من الزمن
تقرير: ممدوح الشيخ
اعتقلت القوات العراقية 3 القوات الخاصة التابعة لقوة القدس خلال عملية مداهمة في محافظة ديالى. وتم القبض على الثلاثة في الخالص، شمال بعقوبة. وقال مسؤول عراقي إن القوات العراقية والأميركية قتلت واعتقلت 14 من قوة القدس منذ منتصف أكتوبر 2008 خلال مداهمات في أنحاء جنوب ووسط العراق. وفي مداهمة في 19 ديسمبر 2008 في محافظة ديالى تم اعتقال ضابط كبير في قوة القدس وشريكه. الضابط وصف بأنه "قائد العمليات الخاصة الإيرانية في العراق الذي يعتقد أنه مسئول عن تيسير المشاركة في تدريب مسلحين عراقيين على يد الحرس الثوري الإيراني.
ومنذ أواخر عام 2006 تم القبض على محمود فرهادي أحد ثلاثة إيرانيين من القادة الإقليميين وعلي موسى وهو مسؤول في حزب الله اللبناني. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على عدد من قادة فيلق رمضان بسبب دعمهم جماعات مسلحة في العراق. وأنشئ فيلق رمضان مباشرة بعد سقوط نظام صدام حسين لتوجيه عمليات داخل العراق. ويقول الجيش الأميركي إن إيران وحزب الله اللبناني ساعدا في إنشائه وتمويله وتدريبه وتسليحه.
ويعتقد أن إيران تكثف عملياتها داخل العراق وبخاصة بعد الهزيمة الكبيرة على يد الجيش العراقي خلال ربيع وصيف 2008. وتعود للنشاط جماعات أهمها "كتائب حزب الله" تشن هجمات ضد القوات الأميركية والعراقية باستخدام متفجرات خارقة للدروع وألغام أرضية وصواريخ ومدافع هاون. وقد نشرت بعض هذه الاعتداءات بالفيديو على شبكة الإنترنت.
وكتائب حزب الله تتلقى التمويل والتدريب والخدمات اللوجستية والتوجيه والدعم المادي فيلق القدس. ويعتقد بقوة أنها تستعد للعودة للقتال وتم رصد بعض قياداتهم يعودون من إيران وقبل أيام قال اللفتنانت جنرال لويد أوستن، نائب قائد القوات المتعددة الجنسيات في العراق إن إيران تواصل تسليح وتمويل وتدريب المجموعات الخاصة فضلا عن تسليحها بأسلحة إيرانية يتواصل اكتشافها في العراق.
مايكل نايتس زميل مساعد في معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى، متخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج، يصف ما يحدث بأنه "حرب إيران بالوكالة" في العراق. وهو يربط السلوك الإيراني بدعوة أوباما للحوار مع أمريكا قائلا إنه في الوقت الذي تمضي فيه الإدارة الجديدة قدماً في تنفيذ سياساتها، يتعين عليها أن تدرك أن المفاوضات الأمريكية / الإيرانية ستجرى في الوقت الذي تقوم فيه إيران بقتل أميركيين في العراق وتزيد دعمها لفصائل عراقية مسلحة، وتوفر التدريب، والمأوى، والمال، والمعدات للمسلحين العراقيين. لقد أدى تحليل وثائق استجواب غير سرية وغيرها من المعلومات المخابراتية التي تم نشرها من قبل "معهد دراسات الحرب" التابع لـ "مركز ويست بوينت لمكافحة الإرهاب"، و"نشرة الحرب الطويلة"، إلى الكشف علناً عن معلومات متفرقة كان يجمعها مهنيو الاستخبارات العسكرية لمدة تزيد عن 5 سنوات ومفادها أن إيران كانت تقوم بتطوير برنامج عمل سري في العراق دام عقودا من الزمن، وهي عملية مرنة، وممولة تمويلاً جيداً، وغير محددة الزمن، تستخدم مجموعة واسعة من الوكلاء العراقيين.
ويعد تنظيم "عصائب أهل الحق" وكلاء إيران الأكثر تشدداً وشهرة في العراق وكثيراً ما يشار إليهم بـ "المجموعات الخاصة"؛ وتتخصص هذه الخلايا في أنواع معينة من الهجمات "المعروفة باسمهم"، مثل استخدام الأسلحة أو مكوناتها المصنوعة في إيران، وضمنها القنابل التي توضع على جوانب الطرق التي يشار إليها بـ "المتفجرات الخارقة للدروع". وتكتسب ذخائر "المتفجرات الخارقة للدروع" أهمية خاصة نظراً لخطورتها؛ ورغم استخدامها في نسبة تتراوح 5 - 10 ٪ فقط من تفجيرات القنابل على جوانب الطرق، إلا أنها تسبب في حدوث 40 % من الخسائر الأميركية.
وتتكون معظم خلايا "المجموعات الخاصة" من أربعة إلى عشرة أشخاص، حيث تتجمع خلايا متعددة تحت رئاسة قادة إقليميين لهم خبرة طويلة في المخابرات الإيرانية. وهذه الخلايا شبه مستقلة، تقوم أحياناً بضرب أهداف تحددها إيران (قواعد أمريكية أو قتل سياسيين ومسؤولي أمن عراقيين)، وأحياناً تقوم بأعمال هجومية حسب إرادتها، وضمن ذلك اغتيالات لحسابها الخاص بهدف الربح. وأحيانا أظهر هؤلاء "الوكلاء" نزعة مخاطرة ملحوظة في تعاملهم مع الولايات المتحدة. كما أن استخدام أسلحة جديدة إيرانية الصنع كان ظاهراً للعيان، وعكس تجاهلاً واضحاً للإنكار المقبول الذي كان في الماضي جانباً هاماً من جوانب الأعمال التي كانت تدار بالوكالة ضد الولايات المتحدة.
ومنذ عام 2007، تعاني "المجموعات الخاصة" اختلالات كبيرة حيث فقدت العديد من قادتها، ومخابئ أسلحتها، وملاذاتها الآمنة. ومع ذلك، وبحلول نهاية عام 2008، بدأت تعود من ملاذاتها الآمنة في إيران لاستئناف عملياتها في العراق. وفي 4 فبراير 2009، قال الفريق لويد اوستن الرجل الثاني في قيادة القوات الأميركية في العراق: "نحن نعلم أن بعض العناصر التي كانت تعمل مع المتطرفين الشيعة قد غادرت البلاد، وذهبت إلى إيران، وعادت، وقد قبضنا على بعض هذه العناصر".
ويرى مايكل نايتس أن التقارير الصحفية حول ظهور "المجموعات الخاصة" مجددا ً تعاني الكثير من التخلف. وفي ديسمبر 2008، قال الفريق توماس ميتز، المشرف على "برنامج وزارة الدفاع الأميركية لمكافحة الهجمات بقنابل مزروعة على جوانب الطرق"، أن استخدام "المتفجرات الخارقة للدروع" انخفض بشكل ملحوظ من 60 - 80 عملية شهرياً في أوائل عام 2008، إلى 12 - 20 بحلول شهر يوليو 2008. ولكن بيان الفريق ميتز لم يعكس أن استخدام "المتفجرات المخترقة للدروع" ازداد في مواقع رئيسة في أواخر عام 2008. وبحلول يناير 2009، جرت محاولات للقيام بستة عشر عملاً هجومياً بـ"المتفجرات المخترقة للدروع" في شرق بغداد وحدها، مقارنة مع ثمانية عشر عملاً هجومياً في أبريل 2008 في ذروة المعركة للسيطرة على مدينة الصدر. وبالمثل، في الربع الأخير من 2008، تم تنفيذ 14 عملاً هجومياً بـ"المتفجرات المخترقة للدروع" ضد القوات الأميركية في محافظة ميسان، وهي مفترق الطرق عبر الحدود العراقية/ الإيرانية لنقل الرجال والعتاد "للمجموعات الخاصة". كما تستمر الخلايا المتطورة والمختصة بـ"المتفجرات المخترقة للدروع"، في العمل حتى في محافظات البصرة وكركوك.
يمكن أيضا بوضوح ملاحظة يد إيران في الهجمات الصاروخية في جميع أنحاء العراق. ومن بين الوثائق التي كشف عنها مؤخرا كتاب لحزب الله اللبناني جاء فيه: نرى قيام "الجماعات المدعومة من إيران في العراق" بالتخصص في مجال استخدام صواريخ بعيدة المدى للقيام بهجمات على قواعد الائتلاف". ولم يكن دعم طهران خفيا، فقد زودتهم بكمية ضخمة صواريخ من نوع Fajr-3 من عيار 240 ملم، وتم التعرف إليها بصورة إيجابية من قبل الأخصائيين التقنيين "للقوات المتعددة الجنسيات" كصواريخ حديثة الصنع، وليس صورايخ BM-24 القديمة التي ترجع لعهد صدام حسين. وفي الأشهر الستة الأخيرة، تم إطلاق صواريخFajr-3 الإيرانية مرتين على المنشآت البريطانية في محطة البصرة الجوية، ومرة واحدة على المنشآت الأميركية في محافظة ميسان. ومنذ ظهورها عام 2006، أسفر قذف الصواريخ الثقيلة من عيار 240 ملم عن مقتل 4 من جنود التحالف وجرح 61.
كما تم العثور على مخابئ أسلحة تابعة "للمجموعات الخاصة" تحتوي على متفجرات من نوعMJ-1 وعبوات مزودة بوقود الصواريخ، جميعها إيرانية الصنع مع تواريخ الصنع مطبوعة عليها، تعود الأخيرة منها إلى عام 2008. وفي الواقع، أصبح تهديد الصواريخ الذي ظهر مجدداً، واضحاً في "معتقل معسكر بوكا" بالقرب من ميناء أم قصر ومحطة البصرة الجوية (هذه الأخيرة تعرضت لإطلاق الصواريخ في 9 و11 مارس). وفي يناير 2009، تم إطلاق 17 قذيفة صاروخية باستخدام عبوات مزودة بوقود الصورايخ ومتفجرات جديدة أُطلقت على القاعدة الأميركية الرئيسة في محافظة ميسان.
وحسب مايكل نايتس سيكون من السابق لأوانه القول بأن طهران قد خفضت دعمها "للمجموعات الخاصة". وعلى الأرجح تعطلت الهجمات المدعومة من إيران بسبب العمليات المشتركة بين القوات العراقية و"القوات المتعددة الجنسيات" بالإضافة إلى دعوة مقتدى الصدر لوقف العمليات العسكرية غير المصرح بها. وبالمثل، فيما يتعلق بدعم الميليشيات، قال الجنرال رَي اوديرنو، قائد "القوات المتعددة الجنسيات" في العراق، في أكتوبر 2008، بأن إيران "تدير الأوضاع صعوداً وهبوطاً"؛ وهذا يعني أنه ينبغي عدم الخلط بين ضبط النفس المؤقت والتفكيك الدائم "للشبكات بالوكالة"، التي أقامتها إيران منذ عشرات السنين.
ويمكن القول بأن علاقة إيران مع "وكلاء" كهؤلاء هي أقرب من أي وقت مضى. فمثلا، سيزداد انفصال "عصائب أهل الحق" عن التيار الصدري الرئيس مع محاولة زعيم التيار تحويل الجزء الأكبر من "جيش المهدي" – وهي قوة شيعية شبه عسكرية موالية له - إلى حركة خدمات اجتماعية، ومع تشكيل التحالف السياسي الحديث التولد بين التيار الصدري الرئيس ورئيس الوزراء نوري المالكي بعد انتخابات المحافظات. كما فرضت الانتخابات الأخيرة عقاباً صارماً على المجلس الأعلى الإسلامي في العراق الحليف السياسي الرئيس لإيران، بسبب ما يُعتقد عن علاقاته الوثيقة مع إيران. وقد يعوض الدعم السري لجماعات مسلحة عن فقدان النفوذ السياسي.
ويحذر مايكل نايتس من خطورة ألا يؤخذ هذا الوضع بالاعتبار عند الشروع في الحوار، فلا بد من إدخال عامل الحرب الجارية ضد الولايات المتحدة والتي تدعمها إيران بالوكالة، في التخطيط لحالات الطوارئ المتعلق بأي حوار بين الولايات المتحدة وإيران. ونزعة المخاطرة التي يتخذها "وكلاء ايران" واستخدامهم للمواد الإيرانية الصنع بصورة سافرة، يخلق خطراً له صفة الدوام يتمثل في تخطيط وتنظيم حوادث اضطراب تؤثر في الوضع السياسي. ومن المرجح أن يتعمد المتشددين من أعضاء "الحرس الثوري الإسلامي" استخدام مثل هذه الأساليب المفسدة إذا تم المضي قدماً في الحوار بين الطرفين. وبإمكان أميركا الاستفادة من الكثير من التجارب الحديثة للتفاوض تحت النار، ولكن تجربة بريطانيا مع إيران بعد عام 2003، تتحمل بصورة خاصة تمحيص دقيق. فكونها عضواً بارزاً في فريق التفاوض الأوروبي حول برنامج إيران النووي، كان على المملكة المتحدة مواصلة الحوار البناء حتى في الوقت الذي كانت تقوم فيه "القذائف الخارقة للدروع" والصواريخ الإيرانية بقتل قوات بريطانية جنباً إلى جنب مع قيام قوات حكومية إيرانية بخطف مواطنين بريطانيين. وبالمثل، في الوقت الذي تبدأ فيه أميركا بالتعاطي مع إيران، ستكون الاستفزازات والتهديدات أشياء عادية..
التعليقات (0)