المباحثات النووية المباشرة بين طهران وواشنطن نقطة عطف كبيرة نحو تغيير جذري في السياسة الإيرانية باتجاه العقلانية و الاعتدال و الابتعاد عن التزمّت والتقوقع على الداخل والانفتاح نحو العالم الخارجي. إنّ العدول عن شعار الثورة الرافض لأي حوار بين طهران و الدول التي يعتبرها النظام الإيراني على أنها عدوة لكيانه بحد ذاته تقدم جيد يحسب لطهران. فعلى مدار السنوات الماضية ظلت السياسة الإيرانية رافضة لمبدأ الحوار المباشر مع دول تعتبرها شيطانية تقف أمام طموحاتها التي تروج لها وتعتبر نفسها على أنها مناصرة للمظلومين في جميع أصقاع العالم هذه السياسة قد تغيرت وتلك الصورة النمطية قد تلاشت بعد قبول القادة الإيرانية علناً الجلوس على مائدة الحوار مع خصومهم.
إنّ التغيير الذي طرأ على السياسة الإيرانية يحمل معه الكثير من الدلالات. فلم يحدث أن وافقت إيران بصورة علنية على الأقل بتجاوز خطوطها الحمراء منذ عام 1979 إلا في الحوار النووي المباشر الأخير الذي حصل بينها وبين واشنطن و الذي يعتبر هو الأول من نوعه على كسر المحظور. لكن قمة التغيير الذي سوف تشهده السياسة الإيرانية تجاه العالم الغربي يكمن في قبولها بفتح جميع السفارات التي تعطلت جراء ثورة الخميني وذلك بصدور فتوى من المرشد تجيز العلاقة بين طهران وواشنطن بعد حل العقدة النووية و عقدة الملفات الشرق الأوسطية بين طهران والمجتمع الدولي .إنّ المفاوضات النووية المباشرة مع دول كانت تعتبرها طهران على أنها الشيطان الأكبر و تروّج لمحاربتها و تشجّع عناصرها على استهداف مصالحها بحد ذاته إنجاز يسجل لصالح السياسة الإيرانية والتي نجحت بالخروج من الانفعال و السير في سلك العقل و الاعتدال.
التعليقات (0)