رغم أنّ المحادثات النووية التي كانت من المؤمل أن تثمر اتفاقاً نووياً شاملاً بين إيران والدول الست خلال الأشهر الست الماضية قد نتج عنها تمديداً أخر سيستمر لفترة أربعة أشهر إلا أنّ ذلك رغم ضآلته ينظر اليه انجاز في الأفق النووي المسدود بين إيران والغرب. بالنسبة للأطراف الإيرانية الإصلاحية فإنها تنظر للتمديد هذا بتفاؤل وعلى أنه فرصة مميزة قد تنتج إتفاقاً كاملاً يفضي بعلاج الملف النووي الشائك بين إيران والدول الغربية قد يعيد للحكومة الإيرانية علاقاتها المقطوعة مع الدول الكبرى و ستستعيد إيران دورها الإقليمي والدولي الذي يخطط له المعتدلون في إيران بعيداً عن علاقات التوتر التي فرضها التيار المتطرف في إيران خلال السنوات الماضية.
لكن للمتشددون في إيران لديهم رواية أخرى بالنسبة لقضية التمديد للمفاوضات النووية فقد ينظر المتطرفون الى موضوع التمديد لأربعة أشهر أخرى بين إيران ومجموعة الدول الست على أنه تنازل كبير قدمته الحكومة الإيرانية للمجموعة الدولية على طبق من ذهب دون مقابل. فقد نقل موقع "إيران هسته اى" التابع للحرس الثوري الإيراني الى أنّ فترة التميد ليست مجرد تمديد عادي لفترة زمنية أخرى بل أنه جرى التوقيع على إتفاق لفترة أربعة أشهر بين إيران والدول الست يزيد من التزامات إيران النووية و هذا الإتفاق المرحلي ليس في صلب إتفاق جنيف.
من جانبه شكك موقع "رجا نيوز" التابع للمتشددين في صحة الأخبار التي تشير الى تمديد الفترة معتبراً أنّ هنالك لبس وتدليس تقوم به الحكومة للترويج على أنّ إتفاق جنيف هو نفس إتفاق فيينا في حين يعتقد الموقع أنّ هنالك فرقاً جذرياً بين الإثنين فقد تمّ التوافق بين ممثلي حكومة روحاني ومندوبي الدول الست على اتفاق يشدد من الإجراءات على إيران في المرحلة المقبلة حيث حصل ذلك على استعجال للإلتفاف على حقوق إيران النووية.بدورها ضاعفت التيارات والشخصيات الأصولية في إيران من هجمتها على الحكومة بسبب التمديد الذي جرى حول المفاوضات النووية ويبدو أنها ستشدد موقفها أثناء الفترة المقبلة من التفاوض النووي محاولة لإجهاض أي توافق قد يتم التوصل إليه بين إيران والدول الست.
بين تفاؤول الإصلاحيين و تشاؤوم المتطرفين يبدو أنّ فرصة الأربعة أشهر التي سنحت أمام إيران للتوصل الى إتفاق شامل حول النووي ، محاولة دبلوماسية من قبل الحكومات الغربية وحكومة الرئيس الإيراني المعتدل لإعطاء فرصة التفاوض حقها بعد أن شهدت المفاوضات السابقة تقدماً ملحوظاً فيما يتعلق بالملفات نووية كانت تمرّ بطريق مسدود.لأن الفشل في المفاوضات قد يترك أثاراً لا تحمد عقباها وهذا ما يسعى الجميع أن يتحاشاه. دبلوماسية المفاوضات السابقة قد أثبتت التزام إيران بجميع تعهداتها حيال اليورانيوم المنضب وهذا الأمر أثبته المفتشون الدوليون.حيث تمّ تقليص اليورانيوم ذو الأخطار الكبيرة من 195 كيلوغراماً الى 4 كيلوغرامات. فرغم أنّ هنالك طريقاً ليس يسيراً أمام العالم لكبح جماح إيران عن تصنيع قنبلة نووية لكن المفاوضات فتحت أفقاً ربما قد يتسع نحو اتفاق شامل مع حكومة إيرانية يترأسها روحاني وتتسم بالعقلانية في الفترة المقبلة وإعطاء تلك الحكومة الثقة من قبل دول العالم بحد ذاته فرصة ذهبية لقادة إيران المعتدلين و المتطرفين على حد سواء لينظروا الى التمديد في المفاوضات على أنها فرصة ذهبية يجب إقتناؤها قبل فوات الأوان لأنّ الفرص تمرّ مرّ السحاب.
التعليقات (0)