مواضيع اليوم

إنّا أنزلناه في ليلة القدر

 يقول الحق جلّ وعلا إنه أنزل القرآن الكريم في هذه الليلة المباركة ذات القدر والقيمة التي ميزتها عن غيرها من الليالي، واختصتها بالرحمة والمغفرة والسلام.. وقد كان نزول القرآن الكريم في هذه الليلة المباركة من اللوح المحفوظ جملةً واحدةً إلى بيت العزة في السماء الدنيا، ليتنزل به جبريل بعد ذلك منجَّمًا بحسب الحوادث على الرسول الكريم في ثلاثٍ وعشرين سنة.. وهذه الليلة المباركة (ليلة القدر) هي إحدى ليالي شهر رمضان يقينًا، وتحديدًا في الثلث الأخير منه، وقد ذهب كثيرٌ من العلماء إلا أنها ليلة السابع والعشرين منه، وقالوا إن "ليلة القدر" مكونة من تسعة أحرف، وأنها قد كُررتْ في السورة ثلاث مرات إشارةً إلى الليلة السابعة والعشرين من هذا الشهر الفضيل.

ومهما يكن من أمر فإن ما أريد أن أشير إليه، وأشدد عليه بهذه المناسبة، هو وجوب العناية البالغة بهذه اللغة العربية، لأنها لغة هذا القرآن، ولأنه لا سبيل لفهمه إلا بإتقان هذه اللغة، ولأنه لا سبيل لهذه الوحدة الإسلامية الشاملة سياسيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا ونفسيًّا، ولا سبيل لوحدة المشاعر، ووحدة الغايات والأهداف، ووحدة السلوك والقيم إلا بفهم هذه اللغة العربية التي أُنزل بها القرآن الكريم هدًى للناس، وبيناتٍ من الهدى والفرقان.. ليكون دستور هذه الأمة، ومصدرًا رئيسًا من مصادر تشريعها، إن لم يكن مصدر تشريعها.

وعليه، فإن ما أريد قوله هنا هو أن تعلم اللغة العربية هو واجب شرعي لفهم القرآن، وواجب شرعي لضمان وحدة هذه الأمة، وواجب شرعي لضمان التجانس والانسجام في الأفكار والمفاهيم والمشاعر والأحاسيس، ولضمان عدم نشوب كل هذه الخلافات والانقسامات والانشقاقات التي نشهدها اليوم في صفوف هذه الأمة الإسلامية الواحدة التي أصبحت بسبب عدم الفهم السليم والإدراك القويم لكتاب الله العظيم، وكأنها مجموعاتٌ متناقضةٌ متخاصمةٌ متقاتلةٌ لا تربط بينها رابطة، ولا توحد بينها عقيدة، ولا يجمع بينها مبدأ إسلامي واحد واضح المناهج محدد السمات بيّن الأهداف والغايات والتوجهات.

وإن ما أريد قوله – يا عباد الله – في نهاية هذه الكلمة الموجزة بهذه المناسبة العظية أن لي مطلبًا أتوجه به إلى كافة المسئولين في بلاد العروبة، هو ضرورة الاهتمام بهذه اللغة العربية في مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا، وضرورة الاهتمام بها في كافة الوزارات والدوائر والمؤسسات ووسائل الإعلام، ودور النشر، ودوائر المطبوعات، وضرورة أن تكثف الجهود على كافة المستويات من أجل النهوض بهذه اللغة العربية، ووضع البرامج التي من شأنها أن تحقق ذلك على مستوى الوطن العربي كله، ليُصار بعد ذلك إلى نشر هذه اللغة في العالم الإسلامي، وتعميمها بشتى الوسائل على شعوب الأمة الإسلامية، وتشجيع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها على تعلم هذه اللغة للأسباب التي ذكرت، ولأسبابٍ أخرى لا تخفى على كل أبناء العروبة والإسلام.

كما أن لي مطلبًا مشابهًا أتوجه به إلى المسئولين في الشقيقة الكبرى مصر، ولا سيما في مكتب السيد الرئيس محمد مرسي، وفي مقر السيد شيخ الأزهر الشريف، راجيًا أن يكون الاهتمام باللغة العربية في مصر على سلم الأولويات، وأن يكون العمل الجاد على نشر هذه اللغة في مختلف أقطار العالم الإسلامي كذلك على رأس اهتمامات السيد رئيس الجمهورية، والسيد شيخ الأزهر الشريف، وأن توضع البرامج والمناهج الكفيلة بتحقيق ذلك.. إنني أدرك جسامة المسئوليات الملقاة على المؤسستين اللتين أتوجه إليهما بهذا المطلب، ومع ذلك فإن أملي كبير في أن يلاقي مطلبي هذا استجابة هاتين المؤسستين اللتين نكن لهما كل التقدير والاحترام، نظرًا للأهمية البالغة التي ينطوي عليها هذا المطلب، وللحرص الشديد على الفهم السليم للإسلام، وعلى وحدة هذه الأمة العربية الإسلامية في كل بلاد العرب والمسلمين.. واللهَ أسألُ أن يتوج أعمالنا بالقَبول، إنه أكرم مسئول.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !