إنهم يغتالون الحرية.!!!. مقص الرقابة في العالم العربي أصبح في يد الجميع، فهنيئا للحكومات بشيوعية الرقابة. وهنيئا للشعوب بهذا التفاني في خدمة كاتمي الصوت ومصادري الكلمة الحرة.
قرأت في إحدى صفحات " الفيس بوك " دعوة من أجل مقاطعة موقع " إيلاف " الإلكتروني أطلقها بعض الناشطين الذين احتجوا على الخط التحريري ل" إيلاف" معتبرين أنه يعادي العروبة والإسلام. وجاء هذا الموقف بعد نشر الموقع مقالا لأحد الكتاب الذي عبر عن تأييده لإسرائيل في الدفاع عن نفسها بعد حادث الهجوم على قافلة الحرية في قطاع غزة. وإذا كنت لا أتفق مع الطرح الذي ذهب إليه صاحب المقال والتبريرات التي ساقها للدفاع عن فكرته، فإنني أعتبر الدعوة إلى مقاطعة " إيلاف " تعبر عن أزمة عميقة في كيان الثقافة العربية. و هو ما يكرس لاستمرار الإنغلاق و رفض الإختلاف. و المثير في الأمر أن من يطلقون مثل هذه الحملات يفترض فيهم أن يكونوا أول المدافعين عن حرية التعبير.
لست هنا بصدد الدفاع عن هذا الموقع الإلكتروني لأن القائمين و المشرفين عليه يمتلكون كل الوسائل الكفيلة بتوضيح مواقفهم. لكني أعتبر أننا مسؤولون ومعنيون بالتصدي المباشر لمثل هذه المحاولات التي تهدف إلى كتم الأنفاس وخنق فضاء الحرية الواسع الذي تصنعه "إيلاف " بانفتاحها على كل الأطياف الفكرية والسياسية.و لولا مناخ الليبرالية الذي ينظم التوجع العام للكتابة في هذا الموقع لما سنحت الفرصة لكثير من الأقلام أن تتجرأ على كتابة ما نقرأه كل يوم من كتاب يتناولون كل المواضيع وبدون خطوط حمراء. لذلك فإن السؤال الذي يفرض نفسه في هذه المرحلة هو: من المستفيد من محاولات مصادرة الحرية وقتلها؟. طبعا لن نعدم الإجابة إذا فهمنا المسوغات التي يختفي خلفها هؤلاء الذين ينصبون محاكم تفتيش من نوع آخر في عصر لم تعد فيه كل القيود قادرة على منع الأفكار من التحليق والطيران.
إن المطالبة بحصار الكلمة الحرة تحت ذريعة الإساءة إلى ثوابت الأمة، تثبت أن ثقافة العداء للإختلاف مستحكمة إلى حد بعيد في وجدان المجتمعات العربية. وهذا التطلع إلى سماع كلمة واحدة تتردد عند الجميع يبرز أن الطريق إلى إرساء ثقافة ليبرالية مازال طويلا، لأن جيوب المقاومة ترفض كل اختلاف و تكرس للأحادية و الحقيقة المطلقة. وهذا يعني أن المحاولات التنويرية التي بدأت تفرض نفسها على الساحة منذ عدة سنوات، خصوصا في عصر التطور المعلوماتي الكبير، مازالت في حاجة إلى كثير من الجهد والصبر حتى لا تكون الحرية مجرد مطلب بل سلوكا وممارسة.
ودفاعا عن الحرية و الإختلاف، أقول لإيلاف: إن الرأسمال الحقيقي لهذا الموقع هو السماح بالتعددية. هو هذا الحضور المزدوج والفعلي للرأي والرأي الآخر. و الإستمرار في اكتساب ثقة القراء يمر من خلال الحفاظ على هذا الرأسمال. محمد مغوتي.06/06/2010.
التعليقات (0)