إنها حقاً أمة عظيمة
كمال غبريال
الحوار المتمدن-العدد: 3925 - 2012 / 11 / 28 - 13:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
أعترف أنني تخصصت في تعداد سلبيات الشخصية المصرية، بالطبع من واقع الحب لشعبي وأهلي والحرص على مستقبل أفضل لأبنائنا وأحفادنا، وأعترف أيضاً أن ما حدث يوم الثلاثاء 27 نوفمبر 2012 جاء تكذيباً للكثير مما تصورت أنه حقائق عسيرة على التغيير. . أعتذر لأهلي وناسي الأحرار. . أعتذر للشعب المصري العظيم!!. . علينا بكل بساطة أن نُقِر أن هذا الشعب وشبابه يسبق ويذهل كل المفكرين والمراقبين والمحللين (الاستراتيجيين منهم وغير الاستراتيجيين)، هي أُمَّة قديمة عميقة الحضارة، وما تخفي بين جنباتها أكثر بكثير جداً مما تُظهر. . أُمَّه لم تغب عن عيونها خيالات الحرية، حتى وهي ترسف في أغلال القيود لعصور طويلة ممتدة.
كان لي شرف السير وسط عشرات آلاف الأحرار من فيكتوريا إلى سيدي جابر بالإسكندرية وهم يهتفون "إرحل يعني إمشي، ياللي ما بتفهمشي"!!. . أرجو ألا يستمر الإخوان في عنادهم وإنكارهم لحجم الرفض لهم في الشارع حتى تخرب مالطة، فهم يستطيعون التعامي عن الحقيقة حتى يحدث ما لا يتمناه أحد!!. . في الإسكندرية على الأقل كانت القوى السياسية المنظمة الداعية للتظاهر قطرة في محيط الجماهير التلقائية التي توافدت بعشرات الآلاف من مختلف الاتجاهات لتصرخ "يسقط حكم المرشد" و" أحلف بسماها وبترابها، المرشد هو اللي خربها" و"الشعب يريد إسقاط الإخوان"!!. . الثلاثاء 27 نوفمبر 2012 يوم سيسجله التاريخ كأعظم أيام الشعب المصري، وقد أثبت أنه لم يعد ذلك الشعب الخانع الذي يرضى بفتات الخبز الجاف المغموس بماء المذلة والهوان!!
كان الناس يهتفون بملء حناجرهم بسقوط تجار الدين، وقد حل موعد صلاتي المغرب والعشاء أثناء المسيرة، وافترش المسلمون نهر الطريق يؤدون الصلاة في موعدها، ووقف المسيحيون والفتيات والسيدات يرقبونهم بخشوع على الأرصفة. . ما أعظم الإيمان الحقيقي الجميل، وما أسوأ التجارة بالدين وتحويله إلى مظاهر وكراهية وعداء للإنسانية!!
لم أكن مخطئاً إذن عندما خرجت مع الشباب أهتف للحرية في 25 يناير 2011، هذا الجيل بالفعل ينشد الحرية ويأبى الاستمرار فيما أدمنته أجيالنا من خنوع وسلبية واستسلام، وليس ذنبه أن عصابات عريقة الإجرام قد سرقت منه ثورته التي يستعيدها الآن، فيا كل من عيروني وأنبوني على حماسي لما سميته "ثورة اللوتس"، ها هي "ثورة اللوتس" تستعيد رونقها وعنفوانها من جديد!!
قلوب الناس كانت تموج بالغضب والنقمة على الإخوان ونظامهم، وكان الإعلان "غير الدستوري" مجرد عود ثقاب حول الغضب المكتوم والمحتقن إلى ثورة عارمة لن تنتهي إلى بنهاية عصر الطغيان وحكم الجهلة الإرهابيين والظلاميين.
في ثورة 23 يوليو 52 غادر فاروق مصر والسلطة بعزة وكرامة حقناً لدماء شعبه، وفي ثورة 25 يناير 2011 غادر مبارك أيضاً بعد أيام قليلة حقناً لدماء شعبه، أما الآن فنحن أمام جماعة الإخوان المسلمين، هل تعرفون جماعة الإخوان المسلمين؟!!. . لا تتصوروا أن الذئب الذي يقبض على فريسة بين فكيه يمكن أن يطلقها بمجرد سماعه صراخها، المشوار طويل وشاق ومرير يا سادة.
كوادر الإخوان وتنظيمهم غير قادرين على المواجهة العلنية وقد أدمنوا وأتقنوا العمل السري طوال ثمانين عاماً، لذلك لا تتوقعوا منهم الآن مواجهة الثورة العارمة عليهم بقرارات أو خطوات عقلانية منطقية، بل ستجدون منهم العجب العجاب. . العناد الطفولي. الكذب. الادعاء. الإنكار. الإرهاب. . كل شيء وارد ومحتمل منهم عدا الاستقامة والسعي لصالح هذا الشعب الذي أخطأ يوماً وأعطاهم بعضاً من ثقته!!
التعليقات (0)