ملايين الدولارات تصرف على مراكز دراسات وأبحاث في شتى أنحاء المعمورة، والهدف الرئيس لتلك المراكز هو ايجاد أفضل الوسائل والسبل لإنهاء حكم وسيطرة حركة حماس على قطاع غزة.
قد تكون من معجزات القرن الواحد والعشرين أن كل قوى الاستكبار في العالم عجزت لحتى اللحظة عن اسقاط حكم حماس، فهل يا ترى حماس بهذه القوة وما هو السر الذي يقف خلف ذلك، وهل وصل العالم الى طريق مسدود بهذا الخصوص؟
حصار وعزلة سياسية واقتصادية منذ نجاحها في الانتخابات، وحرب ضروس شنتها عليها دولة اسرائيل، وحماس وحكومتها لم تسقط !! مؤامرات وقلاقل تضرب من الداخل، واستطاعت الحكومة تجاوزها، محاولات حثيثة لضرب وحدة الحركة والتشهير بقياداتها وباءت بالفشل، وأخيراً وليس آخراً حرب اشاعات تستهدف الحكومة الفلسطينية، واستطاعت تجاوزها... فيا ترى ما هي الأسباب.
مخطئ من يظن أن حماس قوية بسلاحها، أو حتى بعناصرها ونخبها ومثقفيها، أو حتى بشعبيتها الجماهيرية، لا بل هناك قوى ودول تمتلك من القوة ومن المثقفين ومن النخب أضعاف ما تمتلك حماس ولكنها أصبحت جزءاً من الماضي. إذاً فما هو السر...
على الرغم من أهمية عناصر القوة السابقة التي تمتلكها حركة حماس الا أن السر يكمن في أن حماس تمتلك رؤية تتسم بالديمومة والاستمرارية التي تستند على ديمومة واستمرارية الإسلام. وهي تتجاوز في رؤيتها الحكم والسلطة في صورته الآنية.
من هنا وصلت رؤية حماس الى المجتمع الدولى، فعلت أصوات من أوروبا بضرورة اعادة النظر في شروط الرباعية الدولية، ولعل فرنسا من أبرز الدول التي تنادي بذلك، كذلك اللقاءات المتكررة بين الغرب وحماس، ولعل لقاء الرئيس الروسي ديمتري ميدفيدف مع السيد خالد مشعل على الرغم من علاقات روسيا المستمرة مع حماس منذ وصولها للحكم، الا انه يحمل بدايات تغيير في رؤى اللجنة الرباعية، وما هي الا مسألة وقت.
حركة حماس هي من الحركات الاسلامية الاصلاحية التي تحتاج الى تسخير رؤاها بما يخدم مشروعها الاسلامي التحرري، لذلك تحتاج الى اعادة صياغة خطابها الاعلامي بما يتوافق مع المتغيرات السياسية، وبما لا يتعارض مع الاسلام كمنهج حياة، وهنا أقترح على حماس تبني شعار السلام العادل الشامل الذي يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه ومقدساته وعودة لاجئيه، كخيار استراتيجي، وأن المقاومة بكافة أشكالها ما هي الا تكتيك من أجل تحقيق الهدف الاسمى وهو السلام، انطلاقاً من قوله تعالى: "وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ".
بذلك نستطيع أن نقاوم، وأن نسوق دولياً لمقاوتنا من خلال حشد رأي عام دولي ضاغط على دولة الاحتلال، على الرغم من قناعتنا أن صراعنا مع اسرائيل هو صراع عقدي، ولكن هذا يخدم رؤية حركة حماس وحكومتها بالمزاوجة بين المقاومة والحكم، انطلاقاً من أن حماس لا تعيش في كوكب آخر، وأن متطلبات الحكم تتطلب حنكة سياسية ومناورات ذكية، أعتقد أن حماس تسير في فلكها، وبدأت تقطف من ثمارها، ولكن هذا يحتاج الى توافقات فلسطينية ومصالحات وطنية حتى نستطيع موحدين بناء نظام سياسي فلسطيني يواجه التحديات الاسرائيلية في المنطقة.
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)