الدعوة الى تقسيم ليبيا إلى ثلات مناطق أشعلت النعرات المحلية ليسن بين أقسام ليبيا الثلات التي كانت مرحلة ضرورية للوحدة الكاملة بعد الاستقلال ، ولكن الدعوة إلى التقسيم شملت كل ليبيا فأصبحت كل منطقة ومدينة تنادي بأستقلالها ومجلسها المحلي كبرلمان لا يقتصرعلى الشئون المحلية بل يتدخل في شئون الأمن والدفاع والخارجية وشئون البرلمان والحكومة المركزية وتمتيلها في الحكومة المركزية في الوزارات والأدارات وليس في البرلمان فقط كما هو الحال في الدول الديمقراطية . واصبحنا نسمع كيانات طرابلس والزاوية ومصراتة وبني وليد والجبل وغريان وترهونة والزنتان وهون وسبها وأوباري والجفرة وسرت وبنغازي والجبل الأخضر ودرنة وطبرق والجغبوب والكفرة وغيرها تنادي بالحكم الذاتي وعدم الخضوع للحكومة مركزية لأن لهذه المناطق والمدن تاريخ وكيانات مستقلة ، كان لها حكام شبه مستقلين وراثيين وسلطات محلية كاملة منذ القدم وبعد الفتح العربي والحكم العثماني متمثلة في شيوخ القبائل والبهوات والقائمقاميين .وترغب هذه المناطق اليوم في أن تعامل على قدم المساواة مع غيرها . وهذه النعرة ليست جديدة على الشعوب فقد بدأت المجتمعات الأنسانية كعائلات وقبائل تعارفت وأرتبطت مصالها وتوحدت في إقطاعيات وإمارات ثم في دول والأن في إتحادات دولية وبعدها قد نصل الى الدولة العالمية أردنا أو أبينا وهذا ليس ببعيد ، فقد جعلت التكنالوجية في الأتصالات من العالم كله قرية واحدة فأصبحنا نسمع ونشاهد اخبار العالم في وقت حدوثها ونرى أطفال العالم يلعبون بنفس الألعاب وكلنا نستعمل نفس السيارات ونلعب نفس الالعاب الرياضية ، وأصبحت حاجاتنا واحدة وأمالنا واحدة ونعيش نفس الحياة بيوتا وشققا ومزارع ودكاكين وسوبر ماركت واحدة ، وملابسنا واحدة ووسائلنا واحدة وانظمتنا السياسية والأجتماعية والأقتصادية واحدة حتى لغاتنا طغت عليها لغة واحدة .
والدعوة إلى إستقلال المدن الليبية لم يعد مطلبا في إطار إتحاد لا مركزي يحفظ للدولة كيانها بل أصبحت بعض هذه المدن تدعو إلى اللجوء ألى الامم المتحدة في حقها بتقرير مصيرها . ونظرا لعدم وجود سلطة مركزية فقد أعتبرت هذاه المدن نفسها حرة في تقرير ما تشاء . فسمعنا عصيان بني وليد وعدم السماح لجيش الدولة بالدخول لمطاردة مجرمين صدر بشانهم الأمر بالقبض عليهم ، وسمعنا مدنا تعد جيوشها للدفاع عن نفسها ومهاجمة المدن المناوئة لها ، وسمعنا مدنا تحتج لعدم تعيين وزراء منها في الحكومة المركزية رغم تمثيل كل المدن والمناطق الجغراقية في المؤتمر الوطني . من أين جاءت لنا هذه النعرة المحلية والقبلية التي لا نراها في الدول المجاورة مصر وتونس وحتى النيجر وفي معظم الدول الأفريقية. قد نفهم طلب جنوب السودان الأنفصال عن الشمال لأنهما شعبان مختلفان في الدين والعادات واللغات . لكن لا نفهم طلبات مناطق ومدن ليبيا الأنفصال . نحن نعيش ونرى دول العالم المتمدن وكلها تعيش في ظل حكومة واحدة قد يطبق بعضها المركزية وبعضها يطبق اللامركزية في الشئون المحلية لكن هناك إجماع على إحترام وولاء للدولة وحكومتها المركزية الديمقراطية . ولم أسمع في حياتي ان طالبت مدينة أو منطقة بوزير منها في حكومة البلاد . صحيح هناك إنتخابات لتمتيل كل الشعب أو مناطق البلاد في البرلمان الذي يمثل كل الشعب لكن لا تستطيع أن تعرف عضو البرلمان من أي مدينة . فقد يكون من مدينة كلندن وهو يمثل مدينة في إسكتلاندا ، ولا يقول سكان المدينة الاسكتلاندية إنه ليس منهم ولا يمثلهم . وقد يكون كل أعضاء الحكومة البريطانية من لندن أو أي مدينة أخرى لانهم يمثلون حزبا معينا وينادون بسياسات واحدة في دولة واحدة . هذه النعرة المحلية والأقليمية في ليبيا تزداد تعقيدا وقوة وإنتشارا ولا أتصور ليبيا التي رأيتها أخيرا موحدة في القريب العاجل بل ستستمر مدنا وقبائل واقاليم شبه مستقلة ستعرف بدولة المدن والقبائل الليبية المتحدة . وقد يكون النظام الغابر للمؤتمرات الأساسية المستقلة واللجان الشعبية لكل شعبية والمؤتمر الشعبي العام قد ترسخ في أدهان البعض عن حسن نية رغم أن التجربة كانت مسرحية ثمتيلية أليمة للطاغية لتقسيم الشعب الليبي وفرض نظامه الدكتاتوري تحت شعار النظام الجماهيري الكاذب والذي أطاح الشعب به مطالبا بنظام ديمقراطي مدني . والديمقراطية هي حكم الشعب للشعب وبالشعب وليس حكم القبائل والمناطق والمدن والأفراد . والأمل الوحيد لنجاح ثورة 17 فبراير هو أن يضحي الجميع بمصالحه الخاصة والقبلية والأقليمية والوقوف معا لأقامة حكومة ديمقراطية مدنية تتفرغ لنشر الأمن وتأسيس جيش قوي وشرطة فعالة حتى نرسي الأساس الصحيح لدولة ليبيا الديمقراطية المدنية تحقيقا للأهداف التي ضحى من أجلها الأف الشهداء والجرحى . وبعد هذا سيكون الباب مفتوحا لبرامج التنمية وللأراء والأيدولجيات والمصالح الخاصة في تنافس ديمقراطي حر الحكم فيه للأغلبية والأحترام للأقلية المعارضة وتبادل السلطة كلما رأى الشعب ذلك والسير في الطريق السليم الذي تسيرفيه دول العالم المتحضر .
التعليقات (0)