إمبراطورية الفساد
أى نهضة ، أو عثرة ، أمة من الأمم يبدأ من التعليم ، ومنظومة التربية و التعليم بصفة عامة ، و العنصر الأساسي في تلك النهضة هو الفرد بطبيعة الحال ، فهو المنوط به القيام بتلك النهضة ، كما أنه هو الهدف منها أيضا في ذات الوقت .
ولاشك في أن العنصر الأساسي هنا أيضا هو القدوة والتضحيةــ المادية بطبيعة الحال ــ والتي ليس من بالضرورة أن تكون على جانب الدولة دائما ، أو بالأحرى ميزانية الدولة والتي هي منهكة أصلا.
ولكنت التضحية من من ..؟!
طبعا من القادة ، والقدوة ، أنفسهم ، فبدلا مثلا من أن يسعى البعض نحو " التكويش " وتحصيل الأموال من كل حدب وصوب فيما تبقى لهم من سنوات على انقضاء مدة خدمتهم في مناصبهم القيادية ، يقومون مثلا بالتبرع براتبهم لمدة شهر واحد على الأقل ، أو مكافئة واحدة ،خلال العام الواحد ، وذلك لصندوق مقترح للنهضة التعليمية يمكن أن نطلق عليه ؛ "صندوق المشروع القومي للنهضة التعليمية " ، والتي ليست هي مقتصرة فقط على زيادة رواتب المعلمين ــ من دون حتى الإداريين والعمال ..! ــ بطبيعة الحال..!
وتلك النهضة تتطلب بطبيعة الحال ضرورة التوفيق في اختيار كل من يفترض أنه أهل لأي منصب قيادي . فحتى في مصلحة الصرف الصحي ، أ, المجارى ، والتي لاشك إنها تعد من أطهر وأنقى الهيئات الحكومية العاملة في الدولة ، وأكثرها موضوعية وتجردا ، وذلك لسبب بسيط ، وهو قيامهم بخدمة كل الجماهير دونما النظر فيما إذا كان البعض من هؤلاء الجماهير ملوثا ، أو فاسدا ، أو غير ملوثا ، فيقصرون خدمتهم فقط على غير الملوثين ، أو غير الفاسدين .
فلا يمكن أن نجد مثلا وكيل إدارة المجارى بالإسماعيلية قبل ترقيته لهذا المصب ، كان قد قبض عليه ، وحبس لمدة ستة أشهر بتهمة الاتجار بالمخدرات ، كما لا يمكن أن نسمع أن ذات الشخص في ذات المصلحة أستغل سفر زميلة له للإعارة بالخارج لكي يتسلم هو راتبها بدلا منها ، وكأنها لا تزال بالخدمة ، ولم تعار إلى مصلحة المجارى لإحدى الدول الشقيقة .
والغريب أن يبعد هذا المسئول الملوث عن المصلحة ، ثم يفاجئ العاملون بالمصلحة ، بعودته مرة أخرى بقوى غير مرئية ، ورغما أنف الجميع . وأكثر من ذلك فإنه أكثر المرشحين لتولى منصب مدير عام مصلحة المجارى في إمبراطورية الفساد، وفور علمه بذلك طلب من زميلة له ، وتعمل تحت أمرته ، وعندما توسلت إليه في مشكلة خاصة بها ، وتوسمت فيه خيرا، أن تأتى له ، أو إليه ، في الشقة الفولانية ، ويخلص .. الموضوع يعنى .. ولا حول ولا قوة إلا بالله وإن لله وإن إليه راجعون.. فعلى الرغم من قيام ثورتان متتاليتان منذ ثورة عرابي عام 1881 ، فلا يزال الفساد قائما ومستأسدا ومهيمنا ومسيطرا ، وأيضا فارضا إرادته ورجاله ، وكذا نسوانه ..!
مجدي الحداد
التعليقات (0)