مواضيع اليوم

إلى متى يبقى أبناء غزة في الأردن مواطنين من الدرجة الثالثة؟؟

احمد خليفة

2011-08-02 12:34:21

0

 

إلى متى يبقى أبناء غزة في الأردن مواطنين من الدرجة الثالثة؟؟

 

إلى متى يبقى أبناء غزة في الأردن مواطنين من الدرجة الثالثة؟؟

هيثم المومني

أبناء غزة الذين أرغمهم الاحتلال الإسرائيلي على ترك أراضيهم وجاءت بهم المقادير من (غزة هاشم) منذ ستينات القرن الماضي إلى الأردن والذين يقارب عددهم الآن مائة وخمسين ألف شخص يعيشون في مختلف مناطق المملكة, يعيشون في أدنى سلم الطبقات الاجتماعية وما زالت أوضاعهم هي الأشد بؤساً ويعاملون من قبل الحكومات الأردنية معاملة مواطن درجة ثالثة.. وفي ظل الظروف المعيشية القاسية جداً التي يعيشونها لا يَجدون إلا الدُعاء إلى الله, لأن حرارة الدُعاء ترتفع بارتفاع حرارة الحاجات والالتزامات.. وتسري في عُروقهم دماء الإنسانية التي لوثتها الأصول المرعية والقوانين السياسية تحت شعارات لا تفسير لها (إلا انها ظلامات وظُلم وظلام). حتى الشريعة الإسلامية السمحة أوصت بمعاملة غريب الدار خيراً.. فأين الحكومات الأردنية عن حقوق أبناء غزة المقيمين في الأردن؟ ولو حتى من باب الاعتبارات الإنسانية برعاية هذا الإنسان المهاجر الغريب.. لتخفف عنه أعباء الشعور بالغربة.. وذُلّ الإحساس بالعُزلة, لِينضم إلى صفوف الأسرة الأردنية الكريمة بما لها من حق العيش الكريم, والعمل الكريم والإقامة الكريمة في ظِلال رقم وطني عزيز هو مفتاح الخير والبركة.. ودرب الانتماء والوفاء للقيادة الهاشمية التي ما كانت يوماً إلا نصيرةً لكل محتاج.. حامية لكل طنيب (دخيل).. مغيثة لكل ملهوف.. فظلال الأردن الوارفة (الظليلة) فيها الإنسانية والروح الأبية التي تمسح دموع الحيارى, وتقود التائهين إلى نور طِيْب الإقامة ورغد العيش.

لقد منحت الحكومة الأردنية أبناء غزة المُقيمين في الأردن جوازات سفر مؤقتة لتسهل عليهم مُعاملاتهم وسفرهم, ومع ذلك فإن قائمة المُستثنيين من منح هذه الجوازات بدأت تتسع, وزادت أعداد المحرومين من امتلاكها لأسباب واهية مختلفة, وفي الآونة الأخيرة بدأت عمليات رفض تجديد الجوازات تتزايد, الأمر الذي أوجد شريحة واسعة من أبناء غزة مِمَنْ لا يحملون أية وثيقة إثبات رسمية سارية المفعول. ورُسوم استخراج وتجديد هذه الجوازات المؤقتة مرتفعة وهي أكبر من أن يتحملها أبناء غزة الذين يعيشون ظُروفاً اقتصادية صعبة جداً. وأبناء غزة رغم انهم يعيشون في الأردن منذ عشرات السنين ولكن لم يتم تجنيسهم بعد. والحجة الواهية التي تتذرع بها الحكومات في عدم إعطاء أبناء غزة الرقم الوطني هي الخوف من أن يفقدوا هويتهم الفلسطينية! فهل أبناء الضِفة الغربية الحاصلون على الرقم الوطني فقدوا هويتهم الفلسطينية يا حكومة؟؟

لقد عاش أبناء غزة المُقيمون في الأردن كل هذه العقود في وضع لا يُحسدون عليه, وتحملوا فوق ما يتحمله الناس, ومن غير المناسب أن يستمر هذا المسلسل من المعاناة أو التحريض عليهم أو إشعارهم بالتمييز, بل يُتوخى من الحكومات أن تعمل على التأكيد على روابط الأخوة بين الشعبين الأردني والفلسطيني, وعُمق العلاقة بينهم تاريخياً, وعدم السماح لبعض الأشخاص من ذوي الهوى في ظُلم الأهل من أبناء غزة ودعم حقّهم في الحصول على المواطنة الكاملة. فَمِن العادات والتقاليد الأردنية الأصيلة التي يتحلى بها الأردنيون النشامى أبناء العشائر العريقة مساعدة الضعيف, وإكرام الضيف. فلأبناء غزة الحق في أن يحصلوا على حقوقهم المدنية, فلا فرق بين شرق أردني وغرب أردني, فجميعنا تجمعنا ديانة واحدة ولغة واحدة وعادات وتقاليد واحدة ومصير واحد, وكلنا أهل وأقارب وأصهار (ونسايب) وتربطنا علاقات قوية جداً بعد عقود من العِشرة والحياة المُشتركة والهم الواحد, التي لا يستطيع أن يشطبها أحد بجرة قلم استجابة لنزوة ضيقة أو نزق طائش عند سياسي أو صحفي أو هاوٍ للمشاحنات, تحت مسميات استُهلكت رغم إدمان البعض على لَوكِها بمناسبة وبدون مناسبة.

أبناء غزة الذين يعيشون في الأردن ليسوا عالةً على الدولة أو المواطن, فأغلبهم يعتبرون الأردن مسقط رأسهم, فيه ولدوا.. وفيه تربوا.. وفيه درسوا.. ويحملون للأردن وطناً وقيادةً وشعباً كل الحب والامتنان والانتماء, وهم كذلك يدفعون الضرائب ويدعمون البلد مثلهم مثل أي مواطن أردني. ومع ذلك, هناك الكثير من المشاكل والعقبات الحياتية التي تواجههم, فإبن غزة عندما يريد أن يُجدد جواز سفره المؤقت (كل سنتين) يدفع خمسة وعشرين ديناراً, أي انه يدفع ما قيمته 62.5 ديناراً خلال خمس سنوات (عمر جواز السفر الأردني) وكأن الحكومة تريد من ابن غزة فقط أن يدفع دون أن يأخذ أبسط حقوقه. وإبن غزة على مستوى إصدار رخصة قيادة فئة ثالثة (خصوصي) يجب عليه أن يُحضر حُسن سيرة وسُلوك من دائرة المخابرات العامة وليجدد رخصته ابن غزه يدفع 114 دينار, ونادراً ما يتم الموافقة على إعطاء رخصة عمومي لأحد أبناء غزة, وكأن عمل ابن غزة سائق تكسي سوف يمس بأمن الدولة. وكذلك إذا أراد ابن غزة أن يتملّك بيتاً أو دكانا فإن هذا يحتاج جهداً كبيراً وموافقات كثيرة ومعاملات طويلة, وغالباً ما يأتي الرد بالرفض. ناهيك عن التعقيدات التي تقف أمام أبناء غزة المقيمين في الأردن في الحصول على الهوية ودفتر العائلة وشهادة الميلاد وشهادة الوفاة, أما إجراءات الزواج فحدث ولا حرج.., وإبن غزة يُعامل كالأجانب في الجامعات الحكومية ويدفع ضعف ما يدفعه المواطن الأردني, وهذا يمثل مشكلة كبيرة للعائلات الغزاوية التي تود استكمال تعليم أبنائها في الجامعات. أما في الجانب الصحي، فلا يوجد لأبناء غزة تأمين صحي للعلاج في المستشفيات الحكومية، خصوصا أن العلاج في المستشفيات الخاصة يحتاج إلى تكاليف تفوق طاقتهم بكثير. والأمر نفسه ينطبق على التوظيف، فكثير من أبناء غزة الذين يحملون شهادات جامعية في الصيدلة والهندسة وغيرها من التخصصات، لا يستطيعون العمل في القطاع العام ويواجهون تضييقاً عليهم من القطاع الخاص. وهناك الكثير من العراقيل في انتساب أبناء غزة للنقابات فعلى سبيل المثال: الصيادلة من أبناء غزة يستطيعون الانتساب لعضوية نقابة الصيادلة ولكن وزارة الصحة لا تعطيهم شهادة مزاولة مهنة التي بدونها لا يستطيعون العمل في الدوائر الحكومية, وحتى معظم الشركات الخاصة تطلبها. فهل يا حكومة أصبح الإنسان لا يُعطى حقوقاً إلا من خلال رقم؟ وأين العناية الأردنية بأوضاع أبناء غزة من منطلق مبادئ الأردن العظيم, مبادئ الثورة العربية الكبرى, ثورة كل العرب, أم ان أبناء غزة ليسوا بعرب؟؟

وبين الواقع المر والطموح, تبدأ أحلام الشباب من أبناء غزة بالانهيار تدريجياً, متجاوزة كل النوايا الحسنة والسيئة للحكومات والمؤسسات والهيئات الحقوقية وللعالم كله, ليخيم التشاؤم على هؤلاء الشباب الذين ولدوا في الأردن وتربوا في الأردن, وانتماؤهم للأردن وملك الأردن. فإلى متى نعتبر ابن غزة قضية سياسية وليست إنسانية.. ومتى ستعامل الحكومات أبناء غزة على انهم بشر قبل أن يكونوا فلسطينيين؟

إلى كل من ينادي ويقول ان أبناء غزة لاجئين أو مغتربين أو حتى جالية أجنبية, وانه يجب أن يُحرموا من الجنسية الأردنية نُذكّرهم بأن أرقى دول العالم وأكثرها تحضُّراً تعطي الجاليات الأجنبية جنسيات بعد أن يعيشوا فترة من الزمن في البلد المضيف, فمثلاً لو نظرنا إلى أمريكا فإن والد الرئيس الأمريكي باراك أوباما جاء إلى أمريكا قبل 50 عاماً من قارة افريقيا, وها هو ابنه لا يحصل على الجنسية الأمريكية فقط, بل ويصبح رئيساً لأقوى دولة في العالم. فإعطاء أبناء غزة الجنسية لا يضر بالبلد, على العكس يعمل على تقدم البلد وتطويرها. ان توفير أوضاع إنسانية لأبناء غزة يجب ألا يرتبط بمفاهيم سيادية غير ذات صلة مثل التجنيس والتوطين وإقامة الوطن البديل، فالأمر أبسط من ذلك بكثير، ولا يتعدى منح أبناء غزة الذين يعيشون في الأردن منذ سنوات طويلة رقماً وطنياً ليتمتعوا بواجبات وحقوق المواطنة.

إن الحديث عن مُعاناة أهل غزة يطول شرحه, واننا في آخر كلامنا نتوجه إلى القلب الكبير وارث الفضيلة والإنسانية حفيد الدوحة الخالدة, إلى قائد الوطن حفظه الله وأدامه ظلاً وارفاً.. وأمناً لكل إحساس, وأماناً لكل شعور إلى جلالة سيدنا الملك عبد الله الثاني بن الحسين نرفع شكوى ومعاناة أبناء غزة الذين ينتظرون عطفاً ورأفة ولُطفاً وهي كلها من الأصول والعراقة للأسرة الهاشمية بمنح أبناء غزة الرقم الوطني اكتمالاً لحقوق المواطنة لتكون مكرمةً جديدةً من خضم مكارمكم سيدي ليجعله الله في ميزان حسناتكم, والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !