بعد أن خذل حكام العرب والمسلمين أهل غزة في عام 2009م، ها هم اليوم يجتمعون في عقر الخيانة، ويلتئم شملهم تحت قيادة حكومة نشأت من رحم الاحتلالين الأمريكي والإيراني، ليخذلوا الشعب السوري الذي يتعرض لإبادة من قبل المجرم بشار، من جديد، وإن كان الشعب السوري قد رفعها بوجههم حتى قبل أن تعلن نتيجة مهزلة القمة العربية بجمعة أسموها "جمعة لقد خذلنا العرب والمسلمون"، وهنا كان لا بأس أن أعيد نشر مقالي الذي نشرته أثناء حرب غزة بداية عام 2009م، وأعيد فيها الدعوة من جديد إلى جنود وضباط الجيش السوري الذين لم يحسموا أمرهم بعد، والى ضباط الدول الإسلامية ليرفعوا الجبن عن صدورهم، وإلا فليجلسوا في بيوتهم كالنساء، ولا داعي لتلك الألبسة التي يرتدونها، وكل التحية للشرفاء من الجيش الحر وعلى رأسهم البطل العقيد "رياض الأسعد"، وفي النهاية وقف من وقف وتخاذل من تخاذل.. فالمواقف ستسجل، والله متم نوره ولو كره الكافرون، وإلى المقال:
إلى جيوش الدول الإسلامية لا بد من كلمة
كانت معركة الكرامة معركة العز التي أعادت للمسلمين جزءاً من عزتها بعد الهزيمة الساحقة التي قادتها حكومات العمالة لضرب قوة جيوش الإسلام ولكسر شوكتها وسقطت كثيراً من المدن بيد اليهود، ولا زالت تلك الحكومات العميلة، الحكومات الجبرية نفسها إلى الآن تـُطبق على الشعوب أنفاسها، عاجزةً متهالكةً مشاركةً في تحقيق ما يصبو إليه اليهود والنصارى من إذلال الإسلام وأهله، وكانت تلك الهزيمة قاسيةً على أمتنا فأحبطت النفوس وسحقت المعنويات، وكانت هزيمة تواطئية، حتى أن الحكومة المصرية استعانت وقتها بالعلماء فكانوا يتنقلون بين الثكنات من أجل رفع الروح المعنوية للجنود التي نزلت إلى الحضيض، من بعد أن كانت تطربهم كلمات الحجة والعندليب قبلها، ويطارد المسلمون والمجاهدون ويزج بهم في السجون، وضباط جيوشنا سكارى بأحضان الراقصات والماجنات، وتضرب الطائرات في أماكنها وهم في سكرتهم يعمهون .
وبعد هذه الهزيمة المرة ومحاولة العدو أن يكمل الاستيلاء على باقي المناطق، بمحاولة الوصول إلى جبال السلط والسيطرة عليها؛ جاءت معركة الكرامة بأقل من سنة واحدة فقط من هزيمة 1967م؛ وهيأ الله العقيد "مشهور الجازي" أحد الضباط الشجعان الذين رفضوا الاستجابة لأوامر قيادته، وبمساعدة المجاهدين تمكنت أمتنا وقتها من رد جزء من العزة إلى الأمة الإسلامية، وأسرت الدبابات اليهودية بطواقمها وسيقت إلى ساحات عمان، ليكون مصير هذا الضابط بعدها التجاهل والتسريح والتعتيم كحال كل شريف في بلادنا .
وأما الانتصار الآخر فكان الهجوم الذي قاده العميد "احمد بدوي" قائد الفرقة السابعة مشاة من اللواء الثالث المصري، حيث اخترق بفرقته قناة السويس واجتاز "خط بارليف" حيث زعم الصهاينة بأنه الخط الذي لا يمكن اختراقه أبداً، ولكن هؤلاء الأشاوس قاموا باختراقه في أقل من ست ساعات، وتم استرجاع أجزاءٍ كبيرة من سيناء، وقد ذكر أن هذا الهمام كان يخطب الجمعة في الجيوش وهو يلبس البياض، وقد كان على رأس جيشه في هذا الانتصار، والنتيجة هي نفسها فبعد هذا الانتصار قامت حكومة "السادات" بتفجير طائرة وبداخلها كان أربعة عشر ضابطاً إسلامياً ومن ضمنهم البطل "احمد بدوي" وتم تقديمهم قرباناً لأحبتهم اليهود.
نعم لقد انتصرت جيوشنا الإسلامية مرتين في القرن الماضي، انتصرت عندما وجد فيها رجال صِدق اخلصوا دينهم لله، وقادوا جيوشنا إلى النصر، انتصر ضباطنا عندما رفضوا الانصياع لأوامر حكوماتهم المتخاذلة، وأنا هنا أوجه لجيوشنا وضباطنا كلمةً لا بد منها، واذكرهم أن على عاتقهم تقع مسئولية عظيمة، مسؤولية الانتصار لإخوتهم في غزة وفي كل مكان يقتلون فيه، مسؤولية عدم الانصياع لأوامر حكوماتهم المتخاذلة .
نعم إليكم أيها المسئولون عن هذه الجيوش، أقول إن الأمانة غالية، وها هو دوركم الآن، لتقولوا كلمتكم وسط تخاذل هذه القيادات، نعم أيتها الجيوش إن الوقت قد حان لتثبتوا مدى قوتنا، ولتؤكدوا مدى عزة المسلم، ولتثبتوا مدى توحدنا ودفع الظلم عن إخوتنا، إن الوقت قد حان الآن لننصر إخوتنا، وقد رأينا جميعاً جبن هؤلاء الذين ضربت عليهم الذلة والمسكنة، رأيناهم كيف أخافتهم بضعة من صواريخ لا يملك المجاهدون سواها، فكيف سيكون حالهم إذا استخدمتم تلك الأسلحة التي بأيديكم، أيها "الضباط" إن المسئولية عظيمة وإن الأمة تنتظر تحرككم .
يا قادة جيوشنا ويا ضباطنا ماذا ستستفيدون من رتبكم ومراكزكم إذا كانت أنوفكم ممرغة بالتراب!؟ ماذا تفيدكم مناصبكم إذا لم تحركوا أسلحتكم وتكونوا أمثال عماد الدين ونور الدين!؟ أم أنكم ستبقون مسخرين فقط لحماية تلك "الحكومات العميلة" وعروشها والتنكيل والبطش بالشعوب، وستبقون فقط لتقتيل الشعوب وسحق المسلمين ليستوي حالكم مع حال اليهود والأمريكان، فإذا كنتم عاجزين وأنتم في عز قوتكم وامتلاككم لأحسن الأسلحة فمن الذي سيدافع عن دمائنا وأخوتنا الذين يقتلون في كل مكان .
وأقول لكم إن حكامنا لن يحركوا ساكناً، فهم قد باتوا أشد حالاً من المرجفين في المدينة زمن رسول الله الذين كانوا يستخفون من الناس ويظهرون أنفسهم بمظهر الذي يقوم بكل العبادات، وإن كذبت قلوبهم، كما وصفهم الله به: " يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً" النساء108، وزاد عليهم حكامنا اليوم الذين باتوا يتواقحون وما عاد للحياء في وجوههم أي مكان ، وفقدت نفوسهم كل كرامة وعزة .. باتوا يجاهرون في عمالتهم أمام العالم أجمع، وما عادوا يستخفون من رب ولا عباد، فها هم الوزراء المنبطحين كحال حكوماتهم اكتفوا بأن أصدروا بياناً طالبوا فيه مجلس الأمن أن يصدر قراراً ملزماً بوقف الهجمات اليهودية!! أي تخاذل وهوان!! ولكن لم يكن مؤمل منهم أكثر من هذا!!
وليس هذا فحسب بل إنهم عملوا على مساندة الموقف المصري تجاه دوره الايجابي الذي شكر عليه من بوش، ليؤكدوا جميعاً أنهم متواطئون في هذا وأن الكلام الذي صرحت به اليهودية ليفني صحيح مئة بالمائة؛ وهو أن أمر القضاء على الجهاد في غزة مشتركة فيه حكوماتنا وحكومات الممانعة والمقاومة وأسيادهم اليهود والنصارى، فقد صرحت: بأن:" إسرائيل عندما تحارب حركة حماس على هذا النحو ليست فقط تدافع عن نفسها وإنما تدافع عن المعتدلين وعن الحكومات العربية في مواجهة أية حركات أو تنظيمات إسلامية ".
وشاركهم في هذه الوقاحة طابور خامس من الذين في قلوبهم مرض ممن نصبوا أنفسهم للدفاع عن فسطاط الباطل، فكانوا قياصرة اشد من قيصر ذاته، دون أن يدروا أي طريق اختاروا لأنفسهم، ودون أن يعلموا أي درك هوى بأرواحهم، المهم لديهم أن يحاولوا ما استطاعوا أن لا تظهر دويلة إسلامية بيننا، والتاريخ والإسلام والنفوس المؤمنة التي أزهقت بتواطئهم سيحاسبونهم جميعاً، وفيهم يقول عز وجل:" لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً ، مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً، سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً" الأحزاب 60-61.
واعلموا جميعاً: وقفتم لنصرة الإسلام أم تعاجزتم عن هذا، فإن الله سينصر هذا الدين برغم المتآمرين وبرغم تخاذلكم وتثبيطكم، فكونوا ناصرين لهذا الدين بدلاً من أن تكونوا من القوم الذين لا يحبهم الله ويمقتهم، قفوا الآن موقف الرجولة إن الفرصة أمامكم لتخلقوا لأمتكم أبطالاً عظماء، أمثال نور الدين وصلاح الدين، أمثال مشهور الجازي واحمد بدوي، أم أنه لم يعد منكم رجل رشيد!؟ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ " المائدة 54.
نعم آن الأوان بإذن الله ليُنصر القوم الذين يحبهم ويحبون، الذين يجاهدون في سبيل الله ويحملون أرواحهم رخيصة من أجل إعزاز كلمة الله، الذين قدموا دمائهم ونسائهم وأطفالهم فداءً لهذا الإسلام، فألف تحية وتقدير للقائد نزار ريان وهنيئاً له الشهادة ولكل من نالها من إخوتنا المؤمنين، اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك واجعلنا من القوم الذين تحبهم يا رب العالمين، ونقول صبراً آل غزة والتفوا حول رايات الجهاد فإن موعدكم النصر أو الجنة بإذن الله ولو كره كل المتخاذلين والمثبطين ولو تخاذلت عن نصرتكم كل قوى الأرض، فإن الله معكم ومن كان الله معه فلا يخاف ظلماً ولا هضماً ، " وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ" القصص 5-6. والعاقبة للمتقين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
احمد النعيمي
Ahmeeed_asd@hotmail.com
http://ahmeed.maktoobblog.com/
التعليقات (0)