مواضيع اليوم

إلى الرئيس المصري محمد مرسي.. مع الاحترام

  انطلاقًا من خطاب النصر الذي وجهتموه إلى الأمة، وكنتم فيه أقرب ما تكونون من حزم أبي بكر وتواضعه إذ يقول:( إني قد وليت عليكم ولست بخيركم؛ فإن رأيتموني على حق فأعينوني، وإن رأيتم أنني على باطل فقوموني، أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم، ألا إن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ الحق له، وأضعفكم عندي القوي حتى آخذ الحق منه، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم).. وانطلاقًا من قولكم في ذلك الخطاب إنه ليس لكم حقوق، بل إن عليكم واجبات، وانطلاقًا من كل تلك الإشارات التي تضمنها ذلك الخطاب الذي ذكًّرنا بعدل عمر وقوته، وبسخاء عثمان وكرمه، وشجاعة علي وإقدامه وتواضعه، وذكّرنا بسير كل أولئك الأحرار الصادقين الذين كان لهم شرف قيادة هذه الأمة.. وانطلاقًا من الثقة التي أولاكم إياها شعب مصر، ومن حرصنا جميعًا على أن تعود لمصر مكانتها، وللعرب كرامتهم واحترامهم، وللمسلمين عزتهم وأمنهم وأمانهم في كافة ديارهم، وسائر أقطارهم وأمصارهم؛ فإنني أتقدم من الرئيس المصري المنتخب الأستاذ الدكتور محمد مرسي بهذه المطالب، بعد تقدمي منه بخالص التهنئة، آملاً أن يسدد الله خطاه للعمل بما يحبه ويرضاه:

السيد الرئيس:

لعل أول ما نطمح إليه، ونطالب به، ونصر عليه أن يعود لمصر وزنها وثقلها ودورها الطليعي الطبيعي الرائد في سير الحوادث والأحداث في هذه المنطقة من العالم، ودورها المؤثر في الأحداث العالمية والدولية أيضًا، وهذا لا يتأتى إلا بإصلاح الشأن الداخلي المصري، والقضاء على كل أشكال التخلف والفقر والجهل والتسيب والتسرب والفساد في زمن قياسي، وبناء نظام مصري رئاسي سياسي اقتصادي ثقافي علمي تعليمي صحي معرفي نهضوي تعبوي شامل متكامل متوازن يضع مصر التاريخية أمام مسئولياتها التاريخية، وأمام كل هذه التحديات التي تفرض عليها فرضًا، كما تفرض على هذا العالم العربي الإسلامي الكبير منذ عشرات السنين، وهذا لا يتأتى أيضًا إلا عن طريق توسيع قاعدة الحكم، والتفاف الجماهير حول مؤسسة الرئاسة والرئيس، وحول القيادة المصرية والقائد.

ولعل ما نطمح إليه، ونطالب به، ونصر عليه بعد ذلك أن يعود لمصر دورها العربي، وأن تعمل مصر من أجل رأب الصدع، وجمع الشمل، ووحدة الصف والهدف، والعودة بالعرب إلى عهود المحبة والتسامح والنقاء والصفاء وجو الأسرة الواحدة، والتعاون المثمر البناء من أجل رفعة هذه الأمة في كل أقطارها، وأن تعمل مصر من أجل حقن الدماء، ووقف كل مظاهر العبث والتخريب والدمار والإحراق والإغراق والهدم والترويع وإشاعة الفوضى في هذا البلد أو ذاك من بلدان هذه المنطقة التي يتحدثون فيها عن الربيع، ولا ربيع، ويتحدثون فيها عن العدل والعدالة والحرية والتحرر، وهي أبعد ما تكون عن هذه الشعارات الجميلة، وأقرب ما تكون إلى حروب أهلية قبلية طائفية مذهبية عرقية مدمرة قد تأتي على الأخضر واليابس بتحريض من كل أعداء هذه الأمة، وبتمويل وتسليح وتخطيط من كل أعداء هذه الأمة الذين تكالبوا عليها، وخططوا للنيل منها، وإعادتها قسرًا إلى عهود التبعية والاستعباد والانتداب والخضوع للغرب وحلفائه وأعوانه وأدواته خضوعًا مطلقًا ليس عليه من مزيد.

السيد الرئيس

بإمكان مصر أن تعمل على وأد هذه الفتنة العمياء التي تستهدف يقينًا كل بلاد الشام، وبإمكان مصر أن تجفف كل مصادر هذه الفتنة ، وأن توقف كل مثيريها ومموليها ومحرضيها وأدواتها عند حدهم، وبإمكان مصر أن تتولى أمر إصلاح ذات البين بين الأشقاء المتخاصمين، وأن تتبنى مسيرة الإصلاح في هذا القطر أو ذاك من أقطار هذه الديار؛ فلا وجود لمصر بدون سوريا، ولا وجود لسوريا بدون مصر، فالقطران الشقيقان يكمل بعضهما بعضًا منذ فجر التاريخ.. إن مبعوثًا مصريًّا يتكرم الرئيس المصري بإرساله سيعيد المياه إلى مجاريها، وسيكون له شرف حقن هذه الدماء البريئة التي تسفك في كل يوم، ويبدو أنها ستظل تسفك إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولاً!!.

السيد الرئيس

بإمكان مصر أن تقول كلمتها، وأنا على ثقة من أن كافة الأطراف على استعداد أن تسمع كلمة مصر، وكلمة الرئيس المصري، وكلمة المبعوث المصري الذي جاء حاملاً رسالة سلام، كما قلتم، أيها الرئيس، في خطاب النصر.. وثقوا يا سيادة الرئيس أن هذا الدور الذي ستقوم به مصر عربيًّا قد يأتي على رأس أولويات مصر اليوم، نظرًا للمخاطر الجسيمة التي تهدد حياة الناس، وتهدد وحدة الأرض والشعب في هذا البلد أو ذاك من بلاد العرب، وتحديدًا في بلاد الشام التي أضحت مهددة بنيران هذه الفتن العمياء التي يثيرها ضدها كل أعداء العروبة والإسلام، وكل أعداء الحياة من القوى والأنظمة الخارجية التي تناصب كل العرب والمسلمين هذا العداء الرهيب منذ زمن بعيد.

السيد الرئيس

لا نشك لحظة في أنكم سترفعون هذا الحصار الظالم عن غزة، وسوف تعيدون الحياة لأشقائكم وأبنائكم في هذا الجزء المحاصر من فلسطين، هذا الجزء الذي تربطه علاقات خاصة مميزة بمصر منذ أن كان وكانت مصر، ولا نشك لحظة في أنكم ستقفون إلى جانب الفلسطينيين، والقضية الفلسطينية، وإلى جانب القدس قلب فلسطين، وإلى جانب الأقصى الأسير الحزين، وإلى جانب الحق العربي الثابت في بلادنا فلسطين.

ولا نشك لحظة يا سيادة الرئيس في أنكم تدركون يقينًا ما تنطوي عليه إعادة العلاقات الطبيعية مع إيران من فوائد كبرى، وإيجابيات لا حصر لها على سائر أقطار العروبة والإسلام، وعلى كل حركات التحرر والتحرير في كل ديار العروبة والإسلام، ولا نشك لحظة في أنكم تدركون يقينًا ما ينطوي عليه ذلك من تفويت للفرص على كل أولئك الذين يصطادون في المياه العكرة، وعلى كل الأعداء العابثين المتربصين بنا، المجترئين علينا، الحالمين بحكمنا والتحكم بنا. وفقكم الله ورعاكم، وسدد على طريق الحق والنور خطاكم، وتوج عملكم بالقبول، إنه أكرم مسئول.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !