إلى الدكتور عبد الرحمن البر: هذا تنازل لا نرضاه
عبد الله السكرمي
لقد ساءني جدا كما ساء الكثير من شباب الأزهر الشريف، حضور الشيخ الأزهري الدكتور عبد الرحمن البر، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، بعمامته الأزهرية، حفل تنصيب بابا النصارى (تواضروس). وأدهشني هذا الموقف جدًّا..
وإن كان في الوقت نفسه لم يدهشني وجود البرادعي أو عمرو موسى وغيرهما من المسلمين، وجلوسهما بالصف الأول، فلا اعتقد أنهم قد جلسوا يوما يستمعون درسا عن (عقيدة الولاء والبراء)..
أما أن يصدر هذا من شيخ وقور، وعميد لكلية خرَّجت علماء وطلبة علم طافوا الدنيا، وزانوها بعلومهم ودروسهم، فهذا تنازل لا نرضاه..
إن الله سبحانه وتعالى بيَّن لنا في أول سورة (الممتحنة)، أنه لا يجوز اتخاذ أعداء الله أولياء نلقي إليهم بالمودة، وقد كفروا بما جاءنا من الحق. ولا شك أن حضور مثل هذه الاحتفالات الدينية نوع من المودة، ويقدح في عقيدة البراء.
وهذا لا يتنافى مع كوننا نحترم النصارى الذين لا يحاربوننا في ديننا، ونداوي مرضاهم، وننصف مظلوميهم، ونعين ملهوفيهم، ونحمي بيوتهم وكنائسهم، فهذا من البر والقسط اللذان لم ينهنا الله عنهما، {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[الممتحنة:8].
وإن أكثر ما ساءني في حضور الدكتور البر هذا الاحتفال، أنه احتفال يجمع كثيرا من الشركيات والكفريات، التي نكفر بها يقينا، ويكفر بها الدكتور عبد الرحمن البر قطعا، مثل التثليت والدعاء لغير الله وغيرها، وقد نهانا الله تعالى عن القعود في مثل هذه المجالس، نهيا صريحًا، فقال تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}[النساء:140].
وإني والله لأتساءل متعجبا أشد العجب: كيف تحمَّل قلب الشيخ الأزهري الوقور، - وهو القلب الذي حوى القرآن ووعاه- رؤية هذا الكفر بالله، والشرك به سبحانه، بل والمشاركة فيه؟!! أيبتغون عندهم العزة؟!!
وإني لأتوجه إلى فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن البر، وأذكِّره بما يعلمه من هؤلاء، بل بما يستيقنه هو ونستيقنه نحن المسلمين جميعًا، إن (البابا تواضروس) الذي حضرتَ حفل تنصيبه، قال بالحرف الواحد عن المادة (220) من مُسوَّدة الدستور المصري: إنها (أداة كارثية تحول مصر من دولة مدنية إلى معنى مختلف تمامًا لذلك). فإن القوم ما عادوا يزخرفون القول، أو ينمِّقون الكلمات، بل ظهر وجههم القبيح، وباطنهم الأسود.
وإن النصارى الذين ذهب إليهم (الدكتور مرسي) وهنأ أبوهم (شنوده) بـ(عيد الميلاد) أثناء الانتخابات - وهو عيد ديني يحرم على المسلم حضوره، ويجب أن يكْفُر به- اختاروا جميعا المرشَّح المنافس، ولم يختاروه.
إني في أشد العتاب عليك فضيلة الدكتور أن يحضر مثلك هذا الحفل، وقد كان بإمكانك أن تذهب إليه في مكتبه قبل الاحتفال أو بعده، لتهنئه بذلك، داعيًا الله له بالهداية إلى الصراط المستقيم، والرشاد إلى الطريق القويم، محدثا إياه عن الإسلام، وشريعة الإسلام التي منها يحذرون، ومن تطبيقها يخافون.
وأخيرا: يا من حضرتم وتحضرون مثل هذه المجالس، والأعياد الدينية الكفرية، ليكن لكم أسوة بنبي الله إبراهيم والذين آمنوا معه، {إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}[الممتحنة:4].
ولقد قال الله عن عباده الصالحين، الذين نسبهم إلى نفسه، لأنهم لا يَرضَوْن بغير الله وليا، ولا بغير سبيل المؤمنين سبيلا، في آية تُسعد قلب كل مؤمن: {أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ} أي: فيتخذوهم! أو يرضوا بذلك! {إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا}[الكهف:102].
التعليقات (0)