مواضيع اليوم

إلى الأمير تركي الفيصل: لا تصافح، لا تصافح، لا تصافح !

سلطان القحطاني

2010-05-09 15:42:39

0

 
من المفكرة - الخميس- 11 فبراير

 

 

لا زلت أتابع الضجة التي أثارتها مصافحة الأمير السعودي تركي الفيصل مع نائب وزير الخارجية الإسرائيلي المشهور بفظاظته ووقاحته. وعلى الرغم من أن الحادثة قد طواها الزمن في عالم سريع الإيقاع والحركة، إلا أن كثيرين لم ينسوا، ولن ينسوا، وسوف يظلون يملأون الصحف بالاحبار والقصص والتوقعات.


وأعترف أنني كنت في صراع داخلي طوال الأيام التي مضت فيما يتعلق بمشهد المصافحة نفسه، وهو الذي لا يزال موضع بحث وسؤال داخل الأوساط السياسية في المملكة، وعلى جنبات الموائد الرسمية العليا.


في البدء كنت مأخوذا بالمشهد، ولا أتجنى على الحقيقة إن قلت أنه كان مشهداً قاسياً جداً علي، مضت ثوانيه كأنها ساعات طوال.


وكان السبب في ذلك الشعور، الذي هو مزيج من القلق والترقب والوحشة، قلقي على الأمير نفسه، وعلى طموحاته المنتظرة. لقد عرفت أن الأمير تركي سيدخل دائرة الصراع والصداع العربي، خلال الأيام التي يجب أن لا يدخل فيها في أي صراع، وهو على مبعدة خطوات من قمة الجبل، الذي ظل يسير إليه سنوات حسوماً.


أما بعد هدوء العاصفة فيمكن تحليل الحادثة بعيداً عن مؤثرات المكان والزمان والأحكام المسبقة.


أولا إن الأمير تركي الفيصل ليس موظفاً في الدولة، ولا يحمل أي صفة رسمية، لذلك فإن مصافحته لا تعني أنها مصافحة رسمية بين مسؤول سعودي وآخر إسرائيلي. وثانياً إن للأمير المشهور بحركته الدؤوبة سجلاً من الخلافات في الرأي مع صناع القرار الرسميين في بلاده، وكان آخرها مقالته في "الواشنطن بوست" عن أفغانستان، التي أثارت إستياء البعض من أصحاب المقامات العالية في المملكة. وثالثاً أن الرجل سياسي بقفازات مفكر، أو العكس، ولا يوجد أصعب على السياسي من أن يكون مفكراً، حيث تتنازعه، رياح العقل، والمنطق، مع نسائم الحسابات، والمصالح !


إذاً الواقعة الآن في إطارها الصحيح: مصافحة بين مسؤول سعودي سابق، مثير للجدل كما هو قدره، وبين نائب وزير إسرائيلي، مشهور بالنزق والصلافة.


تابعت المشهد عشرات المرات وقلت في نفسي: "مالذي يمكن للأمير تركي أن يفعل؟.. هل يعطي ظهره للسلام أمام مسؤولين ومثقفين من نخبة النخبة في الغرب؟ أم يلبس النظارة الشمسية كي يموّه على الموجودين؟".


وبعد التفكير خلصت إلى أنه لا يمكن تجاهل إسرائيل في أي مكان، خصوصا وإن كان ذلك في مؤتمر يتعلق بترتيبات الأمن في الشرق الأوسط. وهل يمكن لسياسي عاقل أن يتجاهل دور إسرائيل في الشرق الأوسط، وما ينعكس عن ذلك ليصل إلى أمنه، وسياسته؟


إنني أعتبر نفسي أحد تلامذة المدرسة السياسية الواقعية، التي تعتبر أهم مدارس الفكر السياسي العالمي؛ وهذا ما يجعلني لا أرى أي مبرر لتجاهل إسرائيل، فهي دولة موجودة على الأرض ولو بفعل فاعل، سواء رضينا أم أبينا. وعلينا التعامل معها دون هرولة لا لزوم لها، ودون انكفاء لا طائل منه، بل عمل دبلوماسي في حدود مصالحنا، وحسب ما تقتضيه أهدافنا في المنطقة.


وأعني بذلك أن السعودية وإسرائيل هما أهم لاعبين في الشرق الأوسط، أما البقية فهم تفاصيل، أو رتوش صغيرة على هامش الصورة الكبرى. وإن تم تعاون من أي نوع بين البلدين يجب أن يكون بالثمن الذي حددته الرياض، وهو العودة إلى حدود 67، وبعدها سلام شامل لا ريب فيه، حسب رؤية صانع السلام الملك عبد الله بن عبد العزيز ومبادرته التي أصبحت مبادرة عربية.


الفاتورة باهظة، لكنها جديرة بالمحاولة !




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !