في مراجعة للحركة التجارية في اقليم كوردستان و بداية اسس التعامل الأقتصادي بين الإقليم و العالم الخارجي من خلال مرحلة خضوع العراق للحصار الدولي عام 1991 و خضوع كوردستان إلى حصارين الأول كان ضمن موقعه الجغرافي كجزء من دولة العراق و الثاني من الحصار الذي فرض على الأدارة المحلية من قبل الحكومة المركزية في بغداد , وصلت الحالة ان تعاني المدن الثلاث السليمانية و اربيل و دهوك من ازمة كبيرة في نقص او انعدام المستلزمات الخدمية كالكهرباء, المياه الصالحة للشرب و ضعف الخدمات الصحية و افتقاد المواد الأساسية لأحتياجات المواطن في حياته اليومية .. و من اهم حوادث تلك المرحلة حين حاولت الحكومة المركزية بعد الغاها للعملة الوطنية و التي كانت تدعى بالدينار السويسري و اصدار عملة جديدة في محاولة منها في الضغط على الأدارة الكوردية الفتية التي نزلت حديثا من قمم الجبال و نزعت عنها اللباس العسكري لتحاول تجربة جديدة في الحكم المدني في محاولة من الدولة في سحب الدينار السويسري الذي كان متوافر في كوردستان بشكل كبير جدا نظرا لسيطرة الأكراد على المنافذ التجارية الحرة الوحيدة بين العراق و العالم الخارجي المتمثل بإيران و تركيا و انتقال تلك العملة ليد الأدارة الكوردية بشكل اثار قلق القيادة السياسية في بغداد و فقدانها السيطرة على واردات العراق التجارية, و كان رد الجانب الكوردي في اعلان اقرار العملة الملغية كعملة رسمية للتعامل للتبادل التجاري في مناطق نفوذها القرار الأكثر جرأة و قبول الموردين بالتعامل التجاري بالعملة الملغية كان اكثر غرابة و بعملية عفوية ارتبطت العملة الملغية بالدولار , فطالما كان هناك دولار يغطي التعامل بالدينار الملغي فلم تكن هناك مشكلة ..
و المضحك في الأمر الأدارة الكوردية لم تكن رسمية و غير معترف بها لا دوليا و لا محليا و الدول المحيطة بها بكل هيكليتها المؤسساتية و الخبرة الأقتصادية و البنوك التي تدير عمليات التبادل التجاري و تقييم العملة الوطنية مقابل الدولار , سيطر هذا الدينار الملغي على البورصة للعملة الورقية و كان اقوى من الليرة التركية و الليرة السورية و التمن الإيراني و العملة العراقية الجديدة و لابد ان يتساءل البعض عن المعادلة الأقتصادية التي طبقت و العبقري الذي كان يقف خلف مقوّد العملية الأقتصادية هذه ..
الحقيقة هي نقطتان اساسيتان كانت العامل الرئيس في تلك التجربة ... الاولى هو تصريح للرئيس البارزاني و كان قد اعلن ان عودة قيادة الحركة الكوردية للوطن هذه المرة ستكون مصيرية و نهائية و مهما كانت الظروف سوف لن نخرج خارج حدود كوردستان و هذا التصريح في المعايير السياسية و الأقتصادية كان الدافع وراء جرأة حركة رأس المال المحلي بعد ان توجهت النية السياسية في تفعيل مؤسسات الادارة في التشريع و تطبيق القوانين .
النقطة الثانية هي معادلة سوق العرض و الطلب و هنا اريد ان اتطرق للنقطة الأولى بشكل اكثر من النقطة الثانية .. إذ تصريح سياسي عابر لزعيم حركة التحرر الكوردي في وقتها اعطى مؤشرات كي تتحرك عجلة التجارة و الأقتصاد من خلال النقاط التالية:-
1- تغيير جذري في سياسة الحركة التحررية الكوردية باتباع سياسة الأبواب المفتوحة مع كافة الأطراف الدولية و المحلية بضمنها الحكومة المركزية في بغداد و فصل العملية التجارية عن الظروف السياسية و اعطاء الحرية الكاملة لرأس المال المحلي في الحركة بين كوردستان و باقي اجزاء العراق بالأضافة مع إيران و سوريا و تركيا.
2- معالجة معوقات توفير احتياجات السوق و تسهيل حركة انتقال العملة الصعبة من و إلى خارج كوردستان.
3- فتح اسواق خارج منطقة كوردستان محليا و اقليميا.
4- تامين طرق المواصلات لحركة البضائع من الناحية الأمنية و القانونية .
و هكذا لعبت النقاط المذكورة اعلاه دورا في تنشيط عملية التبادل التجاري بين العراق و الدول المجاورة و اصبحت كوردستان البوابة في تلك التعاملات و هكذا تطورت لتبرهن في الوقت الحاضر مصداقية الأهداف السياسية التي التزمت بها القيادة السياسية الكوردية و ترجمتها في العهد الجديد بالعراق بعد سقوط نظام صدام حسين و تاسيس دولة العراق الفيدرالي و الأستقرار الامني و السياسي الذي تشهده كوردستان و الذي خلق فرص كبيرة للأستثمار ببلايين الدولارات و التي لم تعزز اقتصاد إقليم كوردستان فقط بل تجاوزت ذلك إلى العراق ككل مما حدا براس المال العراقي من النتقال إلى محافظات الإقليم لاستمرارية عملها و توسيع مجالاتها ايضا.. و معلوم لديكم ان انتقال رأس المال من منطقة إلى اخرى لا يتم بشكل عشوائي و يعتمد خطوات و معايير علمية حين ينتقل من مكان لأخر ..
هذه النبذه المتواضعة لها تاريخ طويل بدا عام 1991 و اليوم نحن في عام 2009 أي ثمانية عشر عاما كافية لتعطي مصداقية السوق التجارية و الصناعية في كوردستان العراق الفيدرالي و تفاعلها الأيجابي مع اسواق العراق و عملت كرافد لتوريد ما افتقدته السوق المحلية, خاصة و ان القوانيين و التشريعات التي تحدد مسار العملية الأقتصادية في كوردستان ترتقي إلى مستوى قوانين المجتمع الدولي كفاءةً بالتشريع و التطبيق..
التعليقات (0)