من المعلوم إن الاقتصاد الاشتراكي المركزي وفق النمط السوفيتي المنهار كان يفتقر الى التوازن التعدّدي والمسؤولية المدنية الضروريين في أي مجتمع مدني للإستجابة لحاجات المجتمع, وكان غير فعال في استخدام الموارد المتاحة ولم تكن معاناة الشعوب بعد ذلك ناجمة عن دولة ناشطة, بل كانت ناجمة عن أيدولوجية متطرّفة استبعدت كل شيء إلا الدولة , واليوم وبعد أن امن من المنافسة الأيدولوجية, يسير الغرب باقتصاد السوق على نفس الطريق الأيدولوجية المتطرف نفسه الذي أدى الى انهيار الاقتصاد السوفيتي, مع ملاحظة إن الفارق إنهم اندفعوا الى الاعتماد على شركات منفصلة غير مسؤولة بدلا من الاعتماد على دولة منفصلة وغير مسؤولة, وتكمن المشكلة في انه كلما اندفع أنصار حرية السوق للاقتراب أكثر من مثالهم الأيدولوجي برأسمالية السوق الحرة , ازداد اقترابهم من الأسباب نفسها التي أخفقت فيها الأنظمة الماركسية , وتلاقيهما في عدة عوامل مشتركة فكلا النظامين يسعيان الى تركيز السلطة الاقتصادية المطلقة في مؤسسات مركزية غير مسؤولة, الدولة في الاشتراكية والشركات في الرأسمالية , وكلاهما يخلق أنظمة اقتصادية تدمر الأنظمة الحية للأرض باسم التقدم الاقتصادي , كما ينتج كلاهما اعتمادا مجردا من السلطة على المؤسسات الضخمة التي تقوم بتآكل رأس المال الاجتماعي الذي يعتمد عليه العمل الكفء للأسواق والحكومات والمجتمع , اضافة الى تبنيهما رأياً اقتصاديا متطرفا عن الحاجات الإنسانية التي تقوض الإحساس بالارتباط الروحي بالأرض والجماعة الحياتية الضرورية للإبقاء على النسيج الأخلاقي للمجتمع، لذلك فان أي نظام اقتصادي لا يمكنه أن يبقى حيوياً قابلاً للتطبيق إلا إذا ظل .....
التعليقات (0)