إغتيال مبارك واحتمالات صوملة أم الدنيا
أصبح حسني مبارك الآن في حكم الميت .. مسكين مبارك ....وهو إما إن يقضى عليه بالموت سريرياً مثلما فعلوا مع شارون ... أو الموت مسموما بذات الطريقة الطبية العلمية التي إغتالوا بها ياسر عرفات ..... ولن ينجيه من الموت بهذه الطريقة أو تلك سوى إنتخاب مرسي وإبتعاد الفلول عن خشبة المسرح نهائيا. وبما يسمح بغسل وجه مصر وكليتيها وتنظيف دمها الملوث بشوائبهم العكرة.
أصبح حسني مبارك عبئا ثقيلا على الفلول والمخابرات الأمريكية والمجلس العسكري وكل من يمت إليه بصلة سياسية . بل واصبح عبئا أثقل على مسار الحملة الإنتخابية لأحمد شفيق ومهددا حقيقيا بإجهاضها ؛ بعد أن ايقن الجميع أن صناديق الإقتراع لرئاسة الجمهورية قد ملئت ورقا وحبا لمصلحة شفيق ؛ وباتت رئاسته وإعادة إنتاج النظام وإستنساخ مبارك مسألة وقت ليس إلا. ثم وليحدث بعد ذلك مايحدث في ميدان التحرير وعامة مدن وأرياف أم الدنيا سلماً كان أو حرباً أهلية.
بالفعل كان تقدم الحصان الأسود في إنتخابات الرئاسة (أحمد شفيق) ؛ من مؤخرة السباق إلى مقدمته بهذه الطريقة المليودرامية السريعة الجنونية المباغتة ، يشير إلى اصابع ودهاء الـ CIA وخبرتها في إيصال وتصعيد الوجوه العميلة إلى سدة الحكم.
وعلى الرغم من أنه لايمكن وصف المجلس العسكري الحاكم بالذكاء ، ولا أحمد شفيق بالمناضل الحقيقي الجسور ؛ فإنه لا يجوز أيضا أن نظن أن ألـ CIA مبرأة من كل سوء ؛ أو أنها يهبط إليها الوحي من السماء ومعصومة من الخطأ في الحسابات والتقدير .... فقد جاء الحكم المخفف على مبارك ونجليه ووزير داخليته ومساعديه مفاجئا للجميع . أو كأنه مرتب بذكاء وبمثابة الضربة القاضية الفنية لحملة أحمد شفيق . وكانت محصلته النهاية إعادة إنتاج ثورة 25 يناير ، بدلا من إحتمالات إنتاج نظام الحزب الوطني البائد وإستنساخ فرعون بديل لمبارك.
الذي أثار الغبار وزاد من الشكوك أن مبارك قد نقل عنه تصريح هو بمثابة "شهادة ملك" في مقتل شهداء ثورة 25 يناير ..
ويبدو أن مبارك نفسه قد إكتشف "بعد فوات الأوان" أن الطرف الآخر لم يفي بوعوده التي بذلها أمامه لتشجيعه على التنحي .. فقد كان مبارك قبل صدور الحكم مطمئنا إلى البراءة بنسة 100% .. وكانت كل كلماته وعباراته وفرفشته ونكاته حتى على صلاة صفوت الشريف المستجدة تدل على مدى ارتفاع معنوياته (راجع الحلقة الثانية من مذكرات مبارك التي نشرتها صحيفة الوطن) ....
بعد صدور الحكم عليه بالمؤبد إستشاط مبارك غضبا . وأدرك عمق وظلام وضيق الجب الذي ألقوا به فيه ... وأيقن مقدار السعر البخس الذي باعوه به وهم فيه من الزاهدين.
ثم علم مبارك واقع مايجري بعين اليقين ؛ حين وجد نفسه على ابواب سجن طرة . وقد جاءته إدارة السجن بالبدلة الزرقاء . ولم يعد أحد من حوله يخاطبه بلقب الرئيس أو حتى رتبة الفريق التي سحبت منه ...... وأن الحكاية قد قلبت بجد . وأنه قد أصبح بالفعل سجين.
تلعثم حسني مبارك وهو يردد :-
- "إحنا ما إتفقناش على كده" .. ثم أضاف : "هاتولي المشير طنطاوي" ...
قرأ مبارك نظرات الحسرة والشفقة والعطف في عيون حراسه وطاقم إدارة السجن .
وحين أدرك أن المشير طنطاوي لم يعد وزير دفاعه أيام زمان .. ولن يأتيه كالرهوان كما كان في سالف العصر والأوان . هنا بكى مبارك وذرف الدمع السخين على ملك تولى وذهب أدراج الرياح ... فعمد إلى تفجير قنبلة ظن أنها مدوية . ولكن أغفلتها وتلاهت عنها وكالات الأنباء الغربية بذكاء . و"طافت" ، و "عـدّت" على إدراك الكثيرين فلم يتوقف أمامها سوى القليل .....
جاء ذلك ضمن مانقله موقع العربية .نت عن أخبار وتصرفات مبارك :-
(وأكد (أي مبارك) في حديثه الباكي لضباط السجن أن ما صدر ضده من أحكام إنما هو حكم ظالم خصوصاً أنه لم يصدر تعليمات بالتعامل مع الثوار المصريين بالقتل، وإنما هي كانت تصرفات وزير داخليته حتى يتمكن من البقاء في منصبه).
المفترض ان يعيد كلام مبارك هذا فتح ملفات الدعوى والمحاكمة من جديد. لاسيما وأنه لم يكن قد أدلى بهذه الشهادة أمام المحكمة وإنما اكتفى بالقول أنه غير مذنب.....
تهيئة الأجواء عبر مزيج تواتر التقارير الطبية المعلنة عن صحة مبارك . والإشارات والتلميحات ؛ ربما تكون الآن قد أعطت الضوء الأخضر للمضي قدما في تنفيذ خطة إغتيال مبارك بطريقة لاتثير شبهات ولا تجدي معها علوم التشريح ... وبذلك يسدل الستار وتنتهي مسرحية مبارك الذي أدى دوره المنوط به . وآن له أن يرحل مثلما فعلوه بصدام حسين ثم ياسر عرفات وشارون ..... والبقية تأتي.
وحتى تكتمل عناصر المؤامرة ويرفع الجميع ايديهم نظيفة من دم مبارك وأرواب مبارك ونقالة مبارك ؛ فقد كان القرار مؤخرا بإلحاق نجليه جمال وعلاء لمرافقته في السجن .. أو بما معناه أن الوفاة كانت طبيعية وشهدها شاهد من أهلها ..
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ؛ هل تتحول مصر إلى صومال جديد؟؟
البعض يراهن على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي وصف فيه أهل مصر بأنهم في رباط إلى يوم القيامة ....
وقد تم تفسير كلمة "الرباط" هنا على أنها وحدة وإتحاد وترابط فيما بينهم يمنع دخولهم في حروب أهلية فيما بينهم.
ولكن الذي لا يعرفه البعض أن كلمة رباط في اللغة العربية لاتعني الوحدة بل لها معاني أخرى جاء منها في لسان العرب الآتي:
والرِّباطُ من الخيل: الخمسةُ فما فوقها؛ قال بُشَير ابن أَبي حمام العَبْسِيّ: وإِنَّ الرِّباطَ النُّكْدَ من آلِ داحِسٍ أَبَيْنَ، فما يُفْلِحْن دُونَ رِهانِ ( قوله «دون رهان» في الصحاح: يوم رهان.) والرِّباطُ والمُرابَطةُ: مُلازمةُ ثَغْرِ العَدُوِّ، وأَصله أَن يَرْبِطَ كلُّ واحد من الفَريقين خيلَه، ثم صار لزومُ الثَّغْرِ رِباطاً، وربما سميت الخيلُ أَنفُسها رِباطاً.
والرِّباطُ المُواظَبةُ على الأَمر. قال الفارسي: هو ثانٍ من لزومِ الثغر، ولزومُ الثغْر ثانٍ من رِباط الخيل.
وقوله عزَّ وجلَّ: وصابِرُوا ورابِطُوا؛ قيل: معناه حافِظُوا، وقيل: واظِبُوا على مَواقِيت الصلاة.
وفي الحديث عن أَبي هريرة: أَن رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: أَلا أَدُلُّكم على ما يَمْحو اللّهُ به الخَطايا ويَرْفَعُ به الدرجاتِ؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: إِسْباغُ الوُضوءِ على المَكارِه، وكثرةُ الخُطى إِلى المساجِد، وانْتِظارُ الصلاةِ بعد الصلاة، فذلِكم الرِّباطُ؛ الرِّباطُ في الأَصل: الإِقامةُ على جِهادِ العدوِّ بالحرب، وارتِباطُ الخيل وإِعْدادُها، فشبَّه ما ذكر من الأَفعال الصالحة به. قال القتيبيّ: أَصل المُرابَطةِ أَن يَرْبطَ الفَرِيقانِ خيولها في ثَغْرٍ كلٌّ منهما مُعِدّ لصاحبه، فسمي المُقامُ في الثُّغور رِباطاً؛ ومنه قوله: فذلكم الرِّباطُ أَي أَنَّ المُواظبةَ على الطهارة والصلاة كالجهاد في سبيل اللّه، فيكون الرِّباطُ مصدرَ رابطْتُ أَي لازمت، وقيل: هو ههنا اسم لما يُرْبَطُ به الشيء أَي يُشَدُّ، يعني أَنَّ هذه الخِلال تَرْبِطُ صاحبها عن المعاصي وتكفُّه عن المحارم.
وفي الحديث: أَنَّ رَبِيطَ بني إِسرائيل قال: زَيْنُ الحَكيِم الصمْتُ أَي زاهِدهم وحكِيمهم الذي يَرْبُطُ نفسه عن الدنيا أَي يَشُدُّها ويمنَعُها.
وفي حديث عديّ: قال الشعبي وكان لنا جاراً ورَبيطاً بالنهْرَيْنِ؛ ومنه حديث ابن الأَكواع: فَرَبَطْتُ عليه أَسْتَبْقِي نفْسِي أَي تأَخرت عنه كأَنه حبَس نفْسَه وشدّها. قال الأَزهري: أَراد النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم،بقوله فذلكم الرِّباطُ، قوله عزّ وجل: يا أَيها الذين آمنوا اصْبِرُوا وصابِرُا ورابِطُوا؛ وجاءَ في تفسيره: اصبروا على دِينكم وصابروا عدوَّكم ورابطوا أَي أَقيموا على جهاده بالحرب. قال الأَزهري: وأَصل الرِّباط من مَرابِطِ الخيل وهو ارْتِباطُها بِإِزاء العدوّ في بعض الثغورِ، والعرب تسمي الخيل إِذا رُبطت بالأَفنية وعُلِفَتْ: رُبُطاً، واحدها رَبيطٌ، ويجمع الرُّبُطُ رِباطاً، وهو جمع الجمع، قال اللّه تعالى: ومن رِباطِ الخيل تُرهبون به عَدُوَّ اللّه وعدوَّكم؛ قال الفرّاء في قوله ومن رباط الخيل، قال: يريد الإِناث من الخيل، وقال: الرِّباطُ مُرابَطةُ العدوِّ وملازَمةُ الثغر، والرجلُ مُرابِطٌ.
والمُرابِطاتُ: جماعات الخيول التي رابَطَت.
ويقال: ترَابَط الماءُ في مكان كذا وكذا إِذا لم يبرحْه ولم يخرج منه فهو ماءٌ مُترابِطٌ أَي دائمٌ لا يَنْزَحُ؛ قال الشاعر يصف سحاباً: تَرَى الماء منه مُلْتقٍ مُترابِطٌ ومُنْحَدِرٌ، ضاقَتْ به الأَرضُ، سائحُ والرِّباطُ: الفُؤَاد كأَنَّ الجسم رُبِطَ به.
ورجل رابِطُ الجَأْشِ ورَبِيطُ الجأْشِ أََي شديد القلب كأَنه يرْبُط نفْسَه عن الفِرار يكُفُّها بجُرْأَته وشَجاعته.
وربَطَ جأْشُه رِباطةً: اشتدَّ قلبُه ووَثُقَ وحَزُمَ فلم يَفِرّ عند الرَّوْعِ؛ وقال العجاج يصف ثوراً وحْشيّاً: فباتَ وهو ثابتُ الرِّباطِ أَي ثابِتُ النفْسِ.
التعليقات (0)