منذ خمسين عامًا ، أي منذ العام الذي أقرت فيه وزارة التربية والتعليم الأردنية امتحان الثانوية العامة (التوجيهي) ونتائج هذا الامتحان تُعلَن في وسائل الإعلام، بحيث يَطّلع عليها كل من يعنيهم الأمر، وبحيث يجد الطلبة الناجحون فيها فرصة للفرحة، وفرصة لمعرفة ما حصل عليه زملاؤهم في هذا الامتحان من معدلات، وفرصةً للمتابعة،والمعرفة على كافة المستويات،وفرصة للتعرف على العشرة الأوائل في كل فرع، مع معرفة معدلاتهم، ومعدلات أوائل الطلبة في كل محافظة ولواء، بل وفي كل مدرسة من المدارس الثانوية في هذه البلاد .
ومنذ أن أشرفت وزارة التعليم الفلسطينية على هذا الامتحان، ونتائجه تعلن كما كان الأمر في الماضي، فيفرح من يفرح، ويعرف الطلبة يقينًا سائر التخصصات التي أهّلتهم معدلاتهم لدراستها والانتساب إليها ، دون وساطة، ودون تدخل من أحد،ودون أدنى محسوبية أو خرق للقوانين والأنظمة الجامعية ...
إلى أن كانت الدراسة الخاصة وأحكامها ،وما يُقال في سلبياتها ، وفي حرمان كثير من الطلبة وعجزهم عن مواصلة الدراسة لهذه الأسباب ، ولأسباب تتعلق بأحوالهم المادية السيئة .. لقد تراكمت أسباب كثيرة لحرمان كثير من الطلبة الجادّين، بل والمتفوقين من فرصة متابعة الدراسة الجامعية ... ولو كانت الدراسة الجامعية مجانية كما هي الحال في كثير من الأقطار لما حُرم من متابعتها ومواصلتها أي طالب ... ولكنها الطبقية، والنظم الاقتصادية والسياسية، والأحوال المادية السيئة لكثير من فئات المجتمع تأبى إلا أن تفعل فعلها في هذا السياق ....آملين أن لا يكون بعيدًا ذلك اليوم الذي يسود فيه العدل، وتنتشر فيه العدالة، ويحصل فيه الناس جميعًا على كامل حقوقهم في العيش الكريم ، وعلى كامل حقوقهم في التعلم والعلاج والمأكل والمسكن والعمل دون أدنى حرج، ودون أدنى حرمان أو انتقاص أو تأخير .
واليوم، يقررون أن لا تعلن أسماء الناجحات والناجحين في امتحان الثانوية العامة كما كان الأمر في الأعوام السابقة، وعلى مدار خمسين عامًا بالكمال والتمام ، ويقررون أن تستبدل الأسماء بأرقام الجلوس، وما أدراك ما أرقام الجلوس !! معظم الطلبة وذووهم يرفضون هذا القرار، ومعظم الطلبة وذووهم، وكافة المعلمين الجادين الناجحين ، والمراكز التعليمية الثقافية الناجحة ومعلموها يرفضون هذا القرار الذي ينطوي على حرمان الناجحين والمتفوقين من حقهم في الفرحة، كما ينطوي على متاهة نحن في غنًى عنها ، واتهاماتٍ وشكوك وتكهناتٍ وتخرصاتٍ لا تخدم قضايا الشعب، ولا تخدم قضايا أبنائه في الحصول على حقوقهم كاملة غير منقوصة، دن التفاف عليها، ودون انتقاص منها، ودون أن "يُسَرق" شيء من هذه الحقوق أيضًا !! .
إن الغالبية الساحقة من المواطنين في هذا الديار ترفض هذا القرار الذي ينطوي على كثير من الظلم والإجحاف، وينطوي عل كثير من الغبن بحق من درس وتعب وضّحى وأجتهد وسهر الليالي، وبحق من علِّم ودرّس وأعطى، وبحق من لا يطالب إلا بالعدل والعدالة والإنصاف ، بعيدًا عن الوساطة والمحسوبية والتلاعب والخداع والبيع والشراء في أعز ما يملك هذا الشعب ، وفي أغلى ما يضم الجوانح عليه من خيرة الأبناء والبنات.
مستقبلنا منوط بنجاح شبابنا وشوابّنا، ومنوط بحصولهم على حقوقهم ، والتغيير في تقديرنا ينطلق على أيدي هؤلاء الطلبة ، الذين نكنّ لهم كل تحية ومحبة وتقدير واحترام ، وعليهم نعقد الآمال في غدٍ مشرق حر عزيز .
التعليقات (0)