بعد هزيمة الدكتاتورية وقوانينها الاستبدادية ،تم اعتماد النظام الديمقراطي باختيار الناخبين العراقيين الحكام (سلطة تشريعية وتنفيذية) مع استقلال القضاء،شرعنا في نهضة شاملة،لكن الذي حدث أن العملية السياسية إنحرفت عن مسارها لتقع أسيرة المحاصصة والتوافقات التي أضرت تقدمنا ومحاولة اللحاق بركب الأمم المتطورة،ووقعنا أيضا في نفق التشبث بالمواقع والتعمد بإزاحة وتهميش القوى الوطنية والتقدمية،حين عمدت الكتل السياسية إلى سن قانون انتخابي فندته المحكمة الاتحادية واعتبرته في قرارها غير دستوري،ما توجب إلغائه باعتماد النصاب الحقيقي كونه يتلائم ودستورية القانون،من هنا نذهب إلى عدم دستورية منح المقاعد الشاغرة إلى الكتل الفائزة ،وما دام ذلك صحيح ينبغي منح الكتل غير الفائزة تلك المقاعد،وكذلك عدم جواز بقاء نواب في البرلمان كون بقائهم غير دستوري،ما يترتب على مجمل ما سيحصل مستقبلا ويفسر على أنه غير دستوري،وهكذا الرأي الصحيح أن يجري عمليا تقبل قرار المحكمة على أنه ملزم للدورة البرلمانية الحالية،وما نثيره قانوني ودستوري،اما تأجيله فيعد خلالا دستوريا لا يرضاه المشرع العراقي ولا السياسيين.
ناهيك عن خطورة العبور والتعامل على اصدار قوانيين غير دستورية،ومن أجل إعادة النصاب الحقيقي إلى مستحقيه كان لصحيفة الأمة العراقية لقاءات مع الإعلاميين والكتاب والباحثين العراقيين طالبوا فيها بتفعيل قرار المحكمة الاتحادية على هذه الدورة.
تحابل دستوري لسرقة أصوات الناخبين
قال عبد الحسن حسين يوسف / رئيس تحرير بلاغ أن التحايل على الدستور وسرقة اصوات الناخبين للقوائم الصغيرة واضافتها للقوائم الكبيرة ليس هو المشكلة فحسب بل المشكلة هي في الدستور نفسه الذي فصل على مقاسات طائفية شرذمت العراق الى طوائف وقوميات ومذاهب فالذي كتب الدستور هم مجاميع لم تتحلو بالروح الوطنية العراقية وليس لها مصلحة باستقرار العراق لان استقراره ووحدته وتلاحم ابناء شعبه واالكادحين بالذات يجعلها خارج المعادلة الوطنية رغم ان الدستور كتب بهده الطريقة فان الاحزاب الطائفية والقومية كانت تضربه عرض الحائط كلما شعرت ان بعض مواده يختلف بعض الشيء عن توجهاتها ومصالحها وسرقت اصوات الناخبين واحدة من هذه الخروقات لدستورهم الذين كتبوه وستكون خروقاتهم اكثر له عندما يشعرون بدنو اجلهم وافلاسهم الجماهيري وان قرار المحكمة الدستورية وصراخ كل اصوات الناخبين المسروقة لن يجدي نفعا المطلوب هو ليس رفض هذه الخروقات بل التوحد لكل القوى الوطنية من اجل لتصحيح الدستور،والعمل على تغييره تغييرا جذريا بعيدا عن روح الطائفية والقومية البغيضة. عدم تنفيذ القرار يخلق شبهات بشأن العملية الديمقراطية
وأوضح الكاتب خالد العزاوي/ ماجستير احصاء ان قرار المحكمة الاتحادية بشان الكتلة النيابية الاكثر عددا وعدم دستورية الاصوات التعويضية هي قرارات مسيسة بامتياز ويخلق شبهات بشأن العملية الديمقراطية في البلد.
فقد التبس الراي لدى عموم العراقيين بين راي المفوضية العليا للانتخابات والمحكمة الاتحادية وبين مواد الدستور، وهذا الالتباس يخلق وضعا صعبا لمسيرة الديمقراطية الوليدة في البلد، ذلك ان ضياع اصوات الناخبين والمقدرة بمليون ومائتان الف صوت التي احتسبت للقوائم التي لم تحظى بصوت يصب في عدم الاقتناع لدى عامة الناس بشرعية العملية الديمقراطية وفي العموم فان الانتخابات الاخيرة قد ضيعت الناس بين ما قيل عن القائمة المفتوحة وما تم بعد ذلك باحتساب اصوات المرشحين الفائزين واعطاءها لمرشحين لم يحظوات الا باصوات قليلة فبعضهم حصل على 500صوت واخرون اقل وهذا لم يحصل في اية ديمقراطية في العالم ،فالمتعارف عليه ان المرشح الذي يحصل على اي عدد من الاصوات لا تذهب لغيره ويبقى يمثل المنطقة التي رشحهته وهكذا اصبحت القوى السياسية تحتج بان قرار المحكمة الاتحادية ما هو الا راي غير خاضع للالزام.
التباس واشكالية سياسية ودستورية
ويقول الروائي رياض الفهد :فعلا هناك اشكالية سياسية ودستورية تتعلق بقضية جمع اصوات القوائم الخاسرة في الانتخابات ومنحها الى القوائم الكبيرة (القطط السمان) وما ذهبت اليه المحكمة الدستورية مؤخرا في عدم جواز هذه الالية في احتساب الاصوات مما خلق نوعا من الازمة الغير قابلة للحل وذلك بعد ان صادقت المحكمة على نتائج هذه الانتخابات مع ان انتخابات 2005 كانت متفقة مع الية الاجراء في تلك المرحلة ولذلك ترى ان على المحكمة الدستورية ايجاد حل منطقي قانوني يخرجها من هذه الاشكالية كونها قد تضع الامور في دائرة الاحتقان السياسي ولا تساعد على تهدأت الساحة السياسية في توقيت عصيب يمر به المشروع السياسي الديمقراطي.
خلل يربك تحقيق الموازنة الدستورية
ويقول د. سعد مطر عبود/ الباحث والناقد :يبدو لنا من خلال متابعتنا لتجربة الانتخابات والمصداقة عليها ان هناك ثمة خلل يكاد يربك المتطلع الى تحقيق الموازنة الدستورية في التعامل مع (الاصوات)و(المقاعد) وما يتمخض عنها من حراك مستقبلي ولعل ما يثير حفظيتنا ، ان المقاعد الشاغرة ، قد تم اضافتها الى القوائم الفائزة مع ان ما حصل في عام 2005 يتناقض مع هذا الاجراء واذا كان هنالك ثمة معطيات وقرارءات تنزاح باتجاه هذا المدار او ذاك فينبغي ان لا تنساق المؤسسات التي يعول عليها في تلك المدارات،ولهذا ادعو الى من يهمه امر العراق ان يتجاوز الحلقات الضيقة في التعامل مع الاحداث، ويتعاملوا بموضوعية تضع الامور في مواضعها.
قانون الانتخابات الحالي سمح بسرقة آلاف الاصوات
ومن جهته قال الاعلامي شمخي جبر
ان قانون الانتخابات التي اجريت على اساسة الانتخابات الاخيرة لاق الكثير من الرفض والمطالبة بالتعديل وبخاصة من قبل الكتل الصغيرة. اذ على اساس هذا القانون ضاعت خيارات الاف الاصوات وذهبت الى كتل اخرى.
وهذا يشكل سرقة واضحة لارادة الناخبين وخياراتهم وترتب على هذا نتائج ما كان الناخب ينتظرها .
من هنا كان على المحكمة الاتحادية ان تتخذ هذا القرار قبل هذا الوقت من اجل ضمان تعديل قانون الانتخابات اما الموقف الحالي من المحكمة الاتحادية فانه اقصى النتائج على ما هي عليه واخرج الكثير من الكتل السياسية داخل الحراك السياسي برمته.
الديمقراطية فكرة عظيمة قدمنا من أجلها التضحيات الجسيمة
ويقول الاستاذ جعفر كريم حسان انه لا يستطيع ان يسمي ما يجري في العراق ديمقراطية فهي لا تمت بصلة لا من قريب ولا من بعيد لهذه الفكرة العظيمة التي قدمت البشرية لتحويلها الى ممارسات عمليات تضحيات جسام . ويتساءل هل سمعت او قرات عن ديمقراطية بدون ديمقراطيين فنحن نعيش هذه الحالة.
فالقادة السياسيين من المتصدرين للمشهد السياسي يؤمنوا ايمان بالديمقراطية وكذلك القسم الكبير من الشعب يعتقد ان الديمقراطية هي الذهاب الى صندوق الاقتراع وينتهي عملهم وليس لهم ادنى تصور عن واجبهم بعد الاقتراع اذن عند الطرفين المتعاقدين الشعب والنخب المنتخبة يوجد الالتباس بشأن الفهم الجوهري للديمقراطية.
فكيف تنضج تجربة ونحن بهذا التصور القاصر للمضامين فمن طبيعة الاشياء أن تسير من سيء الى اسوء فلا نتوقع غير ذلك. وأضاف ،هل هناك مركز بحوث في مجلس الوزراء او مجلس النواب للدراسات الاجتماعية والاقتصادية فاذا لم توجد هكذا مركز للبحوث فكيف التنبؤ بالازمات التي سوف تحدث في البلد مستقبلا وإذالم تدرس فكيف نتلافاها قبل وصولها الى الذروة.
مطالبات بعدم تسييس القضاء
واشار الكاتب المسرحي غازي حسين محمد ان هناك اسئلة كثيرة تتعلق بقرار المحكمة الاتحادية .
وهناك اشكالية قانونية وسياسية تهدد العملية الديمقراطية وتجربتنا الضيقة.
وهناك في خفايا القرار عملية تسييس للقضاء فهو من جهته يقر بما جرى من تزييف لارادة الناخبين. والسؤال المهم اليوم، متى نوقف مسلسل الهزال ونفكك قوانين الاستبداد ليتاح لنا تنفس عبير الحرية والمساواة وننصف العراقيين والارتقاء بالعراق.
باسم عبد العباس الجنابي
تصوير : اسامة رياض
التعليقات (0)