مواضيع اليوم

إعتقال العبادي في سياق صفقة مع الله وصفقة مع الشيطان

sulaiman wwww

2012-02-04 19:06:19

0

لم تنقضي إلا أيام قليلة حتى بدأ وزير الداخلية محمد الرعود بتنفيذ تهديداته بإطلاق حملة إعتقالات في صفوف قيادات و ناشطي الحراك الوطني . وكان أول أهداف وضحايا تلك الحملة الدكتور أحمد العبادي ، والذي تم إعتقاله بطريقة مهينة عبر رجال البحث الجنائي وهو الجهاز الأمني المتخصص بالتعامل مع القضايا الجنائية كالسرقة والقتل وهتك العرض وما شابهها من جنايات ، ليتبع ذلك إعتقال العشرات من الناشطين يوم الجمعة .
يأتي ذلك في سياق تراجع زخم الحراك الشعبي وفعالياته بما يعزى الى تحولات في موقف الحركة الإسلامية التي حاولت قيادة وتوجيه الحراك الشعبي الاردني في عامه الاول ، وهي التحولات التي يبدو أنها ليست غائبة عن صانع القرار السياسي وقد تكون ناتجة عن صفقة مع النظام السياسي ، لن تكون غريبة في ضوء حالات سابقة ، ويأتي إعتقال الدكتور العبادي ضمن سياق الإستفراد بقيادات الحراك الوطني والشعبي ، الذي من المؤكد أن لا يشمل المحسوبين على الحركة الاسلامية من قيادات الحركة وكوادرها .
تحولات موقف الحركة الاسلامية وما يثار من أحاديث حول الصفقات التي قامت الحركة بعقدها مع النظام ، كان موضع نفي من قبل قيادات الحركة كما هو متوقع، رغم ما تسرب من أنباء عن خلوات البحر الميت ولقاء قادة الحركة مع مدير المخابرات فيصل الشوبكي وسواها من المؤشرات . وفي سياق ذلك النفي ، أشار حمزة منصور أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي الى أن الحركة لم تعقد سوى صفقة "مع الله" (تصريح خاص لمندوب جراسا نيوز ، 27/1/2012) ، رغم أنه لم يبين ماهية بنود تلك الصفقة المقدسة ، الا أن من الواضح ماهية المقصود بذلك ، فكلمة صفقة تعني بالضرورة التزامات وضمانات متبادلة !.
يؤسفنا طبعا إستخدام الشيخ حمزة منصور لهذه اللغة البائدة التي تنتمي للعصور الوسطى في خطاب سياسي ينتمي الى القرن الحادي والعشرين ، بما يتضمنه ذلك التوظيف للخطاب الديني من إمكانيات للتضليل ومحاولة لتوجيه المواطن البسيط والتأثير عليه .
وطبعا لأن الحركة الإسلامية تتصف بالبراغماتية ، يبدو أن قيادات الحركة لن تكتفي بصفقتها التي عقدتها مع الله ، فالشيطان وقوى الشر قوى قائمة تعترف الحركة الإسلامية بوجودها وإمكانياتها ، ولذلك تشير العديد من المؤشرات التي تتضمن تصريحات قيادات الحركة ، الى أن الحركة الإسلامية تتجه الى إعادة فتح ملف العلاقة مع الإدارة الامريكية (الشيطان الأكبر ) ، ومن المؤكد أن لا يكون الحوار بين الطرفين اللذين تعد البراغماتية خاصية أساسية لديهما مجرد حوار لغايات الحوار.
وتجدر الإشارة هنا الى ان الحوار بين الحركة الاسلامية والادارة الامريكية لم يتوقف خلال الفترة الماضية ، وقد كشف الصحفي ماهر أبو طير في وقت سابق عن لقاءات تمت خلال العام الماضي بين شخصيتان من قيادات الحركة الإسلامية (الدكتور نبيل الكوفحي وارحيل غرايبة ) مع ممثلين عن مكتب الاستخبارات الامريكية (CIA).
إذا ، فمن المتوقع أن تشهد الأيام القادمة المزيد من الإعتقالات لقيادات وناشطي الحراك الشعبي والوطني ، والتي من غير المرجح أن تصل الى قيادات الحركة الإسلامية أو كوادرها ، فقد تحصنت الحركة بصفقاتها مع الله والشيطان وإستعصمت بحبالهما .
رغم ما سبق ، فالربيع الاردني ما يزال في بداياته ، ومن المفيد هنا أن نتذكر أن الربيع لا يقدم فقط فرصة لنمو الازهار وتحليق العصافير والفراشات ، فالأشواك أيضا والحشرات والأفاعي وكافة أنواع الزواحف الأخرى تعد من الظواهر المألوفة في الربيع .وقد ترى بعض القوى الموجودة على الساحة الاردنية بأن عدم ممارسة ضغط جدي لغايات إصلاح النظام يشكل لها فرصة ذهبية ، فالنظام بشكله الحالي ضعيف أنهكه فايروس الفساد بحيث تتكرر مواجهته للأزمات حيث يكون من السهل دفعه لتقديم تنازلات محددة لتلك القوى . ويتوجب أن تستفيد القوى الوطنية الصادقة من الدروس التي يقدمها الوضع الحالي ، عبر السعي لتعزيز الحراك الشعبي والوطني المتحرر من الاجندات الخاصة ، لتثبت أن هناك حراك وطني وشعبي حقيقي ليس خاضعا لجهة محددة تحركه بكبسة زر وتدعي تمثيل الحراك وتبدي قابليتها وجاهزيتها لمقايضته مقابل مكاسب خاصة .
ويمكن الإستفادة هنا من الدروس التي يقدمها سياق الثورة المصرية التي ما يزال شباب الثورة المصرية مصرين على إستكمالها ، رغم ما يتعرضون له من قمع قوى الأمن وكوادر الحركة الاسلامية ، حيث نقلت وسائل الإعلام في الأيام الماضية الأخبار حول رشقهم بالحجارة من قبل شباب الإخوان وهم يهتفون : بيع بيع يا بديع (المقصود هو محمد بديع المرشد العام للأخوان المسلمين ) ، رغم أننا نتمنى أن تتراجع الحركة الاسلامية في الاردن عن توجهاتها الحالية ولا نتمنى أن نسمع شباب الحراك الاردني يهتفون "بيع بيع يا منصور" . كما يتوجب على النظام السياسي في الاردن الاستفادة من تلك الدروس ، والاستجابة الى مطالبات القوى الوطنية بالاصلاح الذي يحرر النظام من الفساد الذي يعد العدو الأول للوطن وللنظام ذاته ، ويحرره أيضا من الضغوط التي قد تمارسها جهات تحاول إستغلال ذلك الضعف لمصالح خاصة ومحدودة ، سواءا كانت تلك الجهات جماعات أو أفراد.

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !