اعتزل الفتنة!!
إذا علمت بأنه لا حول ولا قوة لك إلا بالله وأنك ضعيف لا تملك لنفسك نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، ورجوت النجاة لنفسك من نار تلظى والفوز بجنات النعيم، فإن أولى الخطوات التي يجب أن تكون محسوبة في حياتك هي اعتزال مواطن الفتن، لأن النفس البشرية بطبيعتها تستقي من البيئة التي تحيا بها، لاسيما وأنه يكمن بداخلها فجورها وتقواها، فلا تجعلها في بيئة تثير فيها داعي الفجور، وليكن عليك ابتداءً إذا ما أردت للتقوى الهيمنة على نفسك أي تعتزل مواطن الفتنة التي تضعف حس إيمانك وتقوي داعي الفجور، ولا تظن يوماً أن بمقدورك مخالطة الفتن دون التأثر بها، فإن ذلك هو الوهم المؤدي بصاحبه الى التهلكة، إذ أن القلوب تتقلب بين إصبعين من أصابع الرحمن والسعيد من نجا بدينه من الفتنة قبل أن تجتاح قلبه، فتطمس نور الايمان فيه، وتجلب له هوان المنزلة عند الله.
والشقي من أحسن الظن بنفسه حتى تورده المهالك، نسأل الله العفو والعافية والخير أن تلجأ إلى الله بتمام ضعفك وعجزك وتكل أمرك كله لله، وإياك من إحسان الظن بالنفس ولو لبرهة، فنحن بالله ولله وعلى طريق الخوف من الله نرجو بلوغ رضوان الله، ويكفيك علمك أن صفة العزيز التي اختصها الله عز وجل لنفسه كفيلة بأن تجعلك دائما في وجل من الله، إذ لا عزيز على الله إلا من أطاعه ولا عزة مطلقاً لمن عصاه، ألم تسمع لقوله تعالى حين قال لنبيه صلى الله عليه وسلم وهو أحب الخلق إليه : "لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين" فمن بوسعه بعد ذلك أن يظن مجرد الظن أن له مكانة عند الله، تحفظه إن هو عصاه أو خالف أمره؟!!!
لذا ينبغي على العبد أن يعلم أنه في فرصة أجل محدود سيزول عنه لا محالة عن قريب؛ ليواجه إلهاً يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، قد أحصى على عباده كل شيء عدداً.
فلنتشبث بلحظات عمرنا القصيرة التي تقتطع من أعمارنا زمنها (سريع الزوال) باستثمارها فيما نعمر به آخرتنا بدلاً من أن تذهب منَّا سدى!! ونمضي إلى الله من غير زاد!!
التعليقات (0)