شدنى بقوة المقال الذى كتبه الشاعر المفكر أحمد عبد المعطى حجازى بجريدة الأهرام بتاريخ 23 إبريل الحالى تحت عنوان : -نراجع الماضى لننقذ المستقبل -
وأهم ما لفت نظرى فى هذاالمقال هو حديثه عن أن الفصل بين الدين والدولة قد عرفته مصر قبل 135 عاما حيث جاء فى مقال الكاتب ما يلى : - والفصل بين الدين والدولة ليس جديدا بالنسبة لنا فالحزب الوطنى المصرى الذى قاد الثورة العرابية يقول فى المادة الخامسة من برنامجه الذى صاغه الإمام محمد عبده ( الحزب الوطنى حزب سياسى لا دين له , أى ليس خاصا بأبناء دين بالذات , فإنه مؤلف من رجال مختلفى العقيدة والمذهب , وجميع النصارى واليهود وكل من يحرث أرض مصر ويتكلم بلغتها منضم إليه لأنه لا ينظر لاختلاف المعتقدات ويعلم أن الجميع إخوان , وأن حقوقهم فى السياسة والشرائع متساوية , وهذا مسلم به عند أخص مشايخ الأزهرالذي يعضدون هذا الحزب ويعتقدون أن الشريعة المحمدية الحقة تنهى عن البغضاء وتعتبر الناس فى المعاملة سواء)
هذا هو نص الفقرة التى كتبها الأستاذ حجازى نقلا عن برنامج الحزب الوطنى منذ ما يقارب القرن والنصف من التاريخ , والعبارة كتبها شيخ الاسلام الازهرى المستنير محمد عبده . / بعد قراءتى لهذه العبارة دخلت فى حالة من الدهشة تغشاها كآبة سوداء . فهذاهو شيخ الاسلام الأزهرى يقول فى برنامج حزبه : إنه حزب لا دين له , وبعد مضى كل هذه السنوات وبعد تأسيس الأمم المتحدة ووضع الميثاق العالمى لحقوق الإنسان , بعد كل ذلك نرى دماء المصريين تراق بأيدى جماعة تزعم الدفاع عن إسلامية مصر بينما الدستور الحالى ينص على أن دين الدولة الإسلام وأن مبادئ الشريعة هى المصدر الرئيسى للتشريع . ماذا كان سيفعل هؤلاء بل ماذا كان سيفعل معظم المصريين لو تضمن الدستور الحالى مثل هذه الجملة , وماذا كان يمكن أن يحدث لاى حزب سياسى يضع فى برنامجه عبارة ( إنه حزب لا دين له )! أظن بل اعتقد أنه كانت ستقام دعوى حسبة ضد قادة هذا الحزب وستحكم المحكمة بالتفريق بينهم وبين زوجاتهم تمهيدا لحد الردة كما حدث مع الدكتور نصر حامدأبو , وأعتقد أن مقرات هذا الحزب كانت ستحرق ويتم إزالتها من فوق الأرض .
تلك إطلالة على مصر العلمانية التى عرفت أحزابا تقدمية وبرامج من شأنها أن تدفع بالوطن إلى مصاف الحضارة وذلك قبل معظم دول العالم وكل دول المنطقة . لن أعيد الحديث عن مسؤولية رجال 23 يوليه 52 عن هذه الردة الحضارية وعن تدمير مشروع النهضة المصرى , فما عاد يجدى إلقاءالمسؤوليات أو رجم بعض الشخصيات ولكنها إطلالة على التاريخ وصيحة مع الكاتب الكبير - أحمد عبد المعطى حجازى حجازى - صيحة تنادى بمراجعة الماضى لإنقاذ المستقبل
التعليقات (0)