في وقت أعلن فيه الإفلاس التام للسياسة الكروية في الجزائر، والمنتخب مقبل على نهائيات كأس العالم ولانكاد نجد ضمن تشكيلته الأساسية (وحتى الاحتياطية) لاعبا واحدا، يعلن ويز الشباب والرياضة عن تنصيب “اللجنة الوطنية للنهوض برياضة كرة القدم” والتي يقول بأنها “مكلفة بتجسيد التدابير والإجراءات المناسبة التي من شأنها تمكين كرة القدم من دخول عالم الاحترافية وفقا للمعايير الدولية”.
ويبدو أن حرص البيان الوزاري على “الاحتراف وفقا للمعايير الدولية”، جاء تأكيد على رغبة في تجاوز “الاحتراف على الطريقة الجزائرية” الذي قاد الكرة المستديرة إلى الهاوية وكثر فيها الفساد، وأصبح الكثير من رؤساء الأندية من أشباه الأميين يتحكمون في الملايير ويبزنسون في نتائج المباريات مع الإهمال التام لاكتشاف المواهب وتكوينها والتركيز على البزنسة بالمواهب الجاهزة، حتى كاد لاعبو البطولة الجزائرية ينقرضون في المنتخب الوطني.
والكرة الجزائرية التي ورثت لاعبين متميزين كانوا محترفين في أوربا ثم التحقوا بالثورة، وشكّلوا فريق جبهة التحرير الوطني، كانت في السنوات الأولى للاستقلال تقتات من خبرات أولائك اللاعبين دون امكانيات تذكر، قبل أن يصبها التصحر التدريجي، ويأتي ما سمي بـ”الإصلاح الرياضي” سنة 1977 الذي ألحقت به كل فرق النخب بمؤسسات اقتصادية كانت عجزة أصلا وتدعم بالملايير من الخزينة العمومية أمام الاستراكية وتحولت جمعية سريع الكواكب إلى جمعية الكترونيك تيزي وزو والوفاق الرياضي السطايفي إلى وفاق نفط سطيف، وغيرها، إلى أن جاء في النصف الثاني من الثمانينات كمال بوشامة إلى وزارة الشباب والرياضة ليقرر التخلص من تلك التسميات المقرفة مثل “جيل سكاكين برج منايل” ووفاق الخشب والفلين للقل وغيرها، غير أن “إصلاح” بوشامة قد مس التسميات دون المضمون وأعلن إفلاس معظم المؤسسات الإقتصادية وجاء الوزير الشريف رحماني في حكومة الإصلاح سنة 1989 ليعلن إصلاحا رياضيا جديدا تستفيد من خلاله الفرق من “السبونسور” في إطار إقتصاد السوق تمهيدا للاحتراف الحقيقي الذي طال انتظاره، وتحولت الفرق من عالة على المؤسسات الإقتصادية المفلسة إلى عالة على ميزانيات الولايات والبلديات ومؤسسات أخرى، وتدفقت الملايير إلى خزائن الفرق مع التراجع الكبير للمستوى وأصبحت “الشكارة” سيدة الموقف وكثر الفساد، ورغم إعلان الإحتراف مطلع هذه الألفية فإن المضمون بقي بعيدا عن الاحتراف الذي نصّب له أخيرا الوزير جيار “لجنة وطنية” لا ندري متى تنتهي من عملها، ونحن نعلم مصير اللجان الكثيرة التي تم تنصيبها، وتحتاج إلى لجان بحث عنها.
التعليقات (0)