مواضيع اليوم

إشكالية المصطلح في الخطاب الاعلامي العربي

اوس العربي

2009-01-22 17:33:01

0

حــول اشكالية المصطلح في الخطاب الاعلامي العربي المعاصر

كشفت الحرب العدوانية  الاخيرة على قطاع غزة الباسل عن حرب موازية قام بها الاعلام الصهيوني والاعلام المتصهين في قلب الحقائق وفي نشر الهزيمة وتولت كبر هذا الامر للاسف مؤسسات واقلام عربية لها نفس ملامحنا والسنتنا اصطفت مع العدو الصهيوني وحملت اجندته ودارت بها في الافاق ولاتزال هذه الزمرة الشاردة عن الصف الاسلامي والعربي والقومي والوطني والانساني تزاول انشطتها المشبوهة

 
-

 

تصنيع المصطلحات:
ـــــــــ
 
                ثمة اشارات من باحثين كثيرين حول دور غير نزيه تقوم به وكالات الانباء الدولية في مسألة تصنيع – نحت – المصطلحات التي تهدف الى تحقيق مصالح الرأسمالية الدولية التي تقودها الشركات القابضة العملاقة في عالم المال والنفط والاعلان والسلاح وغير ذلك، وباعتبار ان هذه الوكالات الدولية تحتكر السوق الدولية للمعلومات، وانها خاضعة لدول الشمال الصناعية الغنية، فان هذه الوكالات ما زالت تضخخ مصطلحات لا تصف الوقائع بنزاهة، بل انها تقوم بتشويه الحقائق على الارض من اجل مصالح الدول الرأسمالية، ومن هذه المصطلحات:
 
-       الارهاب Terrorism في اشارة للاسلام
-       الحركات الارهابية في اشارة للحركات الاسلامية
-       الاصولية Fundamentalism
-       التطرف Extravagance
-       الراديكالية Radicalism
-       احداث الشغب Riots في اشارة للانتفاضة
-       حركة تمرد Rebel
-       احداث القتل Murder
 
                   وان من غرائب الممارسات الاعلامية في الدول النامية ومنها الاعلام العربي ان يتلقف الاعلاميون في هذه الدول هذه المصطلحات ويترجمونها حرفياً الى اللغة العربية بصورة تعطي الدلالة ذاتها التي تقصدها الوكالات الدولية وهو ما يدخل في نطاق التضليل الاعلامي Misinformation (سليمان صالح، 1997، 142).
 
مصطلح الارهاب نموذجاً:
ـــــــــــــ
 
                حاولت اللجنة السادسة للامم المتحدة تعريف الارهاب في التقرير الذي اعدته في نوفمبر 2000 (أي قبل احداث سبتمبر) بأنه (اعمال اجرامية لتحقيق غرض سياسي، تصمم او تعد لإثارة الرعب وسط السكان او مجموعة من الاشخاص او الافراد، وهي اعمال غير مبررة في كل الحالات مهما كانت طبيعة الاسباب التي تؤدي الى القيام بها: سياسية، فلسفية، ايديولوجية، عراقية او اثنية). لكن هذه المحاولات رغم تعبيراتها المختلفة لا تختلف جوهرياً عما ورد في القواميس مثل القاموس الفرنسي روبير في طبعته سنة 2006، وبالتالي لم تحظ باجماع من قبل مكونات المجتمع الدولي.
 
                ويشير د. نصر الدين العياضي 2007 الى ان النقد الاساسي الذي وجه الى هذه المحاولة التعريفية يكمن في القفز على الاسباب المؤدية الى الارهاب من جهة، والخيط الذي يربطها بغايات القوى السياسية التي تتبنى "الارهاب" او توجهه، فتركيزها على التقنيات المستخدمة، والحكم المطلق عليها بانها غير شرعية يضع في سلة واحدة المقاومة لتحرير فلسطين مع هذا المفهوم البغيض كما انه يوحد الفهم للارهاب ويثبته في صيغة جاهزة ومنتهية البناء وفي قطيعة مع ديناميكية الاوضاع المتغيرة باستمرار، اذ انه يساوي بين الرعب والعنف الذي مارسه امراء الحرب في الصومال والقوى التي تصدت لها بالسلاح قبل 2007، ولا يفرق بين الاعتداء المسلح على وحدة اقليم ترابي معين ومقاومته.
 
        والعجيب في هذا المصطلح بالتحديد ان وصفه للمقاومة الفلسطينية بالارهاب هو وصف قديم، وهو امتداد للصورة النمطية عن العرب عموماً، يؤكد ذلك ما ذهبت اليه دراسة لتحليل مضمون جريدة (نيويورك تايمز) باعتبارها تمثل الصحافة الامريكية المعتدلة بين عام 1916 وعام 1948 حيث اقيمت (اسرائيل) وتم تشريد الشعب الفلسطيني فنجد ان تغطية هذه الصحيفة لاخبار فلسطين قد حفلت بمصطلحات سلبية، فقد اسمت هذه الصحيفة المناضلين الفلسطينيين الذين قاتلوا من اجل تحرير وطنهم "ارهابيين عرب ومخربين"، وفي الواقع فان التسمية قد صاغها الانجليز في الثلاثينيات والاربعينات، لكنها تستمر حتى وقتنا الحالي لتصف نضال الشعب الفلسطيني من اجل تحقيق تقرير مصيره وانشاء دولته بالارهاب (Mousa, 1993:229).
 
        واكثر من هذا فان التغطية الصحفية للفترة نفسها قد جردت الفلسطينيين من هويتهم الوطنية، ففي تغطية الفترة الممتدة طيلة ثلاثين عاماً (1916-1948) لم يرد ذكر (الفلسطيني العربي) الا مرة واحدة، لقد سمي الفلسطينيون بدلاً من ذلك بتسميات مختلفة منها: المسلمون، المسيحيون، العرب، العرب الفلاحون، البدو، المخربون العرب، المعادون للصهيونية واليهودية، عصابة مسلحة من العرب، العرب الشرقيون، والعرب الادنى مرتبة (inferior)  من اليهود، اما العرب من الاقطار العربية المجاورة الذين احتجوا على قرار الكونجرس الامريكي فقد اشير اليهم "كفئة من العرب الاثرياء الخاضعين لسلطان بريطانيا او "الاقلية العربية" او "العرب الأذناب".
 
        ان الخطاب الاعلامي العربي في واقعه الراهن لا ينتج المصطلحات، ولكنه يستهلكها، وهذا هو احد الاسباب للازمة الحالية، فاعتماد وسائل الاعلام العربية على الوكالات الدولية الكبرى في انتاج الاخبار في الصحافة المقروءة، والمسموعة والمرئية، مع تسارع الاحداث المحلية  والعالمية، وعدم قدرة هذه الوسائل على التفاعل بتكاملية اعلامية مع الانظمة الاعلامية القطرية، جعل كل طرف يصوغ اخباره وخطابه الاعلامي تبعاً لمقتضيات المصالح القطرية الضيقة، وتبعاً لارتباطاته المصالحة مع الدول الكبرى ذات الهيمنة.
 
        ان حالات الاستقطاب السياسي في عالم اليوم تترك آثارها بوضوح على لغة الخطاب الاعلامي العربي، بل انه يمكن القول لان المصطلحات الاجنبية تكاد تفرض ذاتها بالحرف اللاتيني على النص العربي من دون مواربة. ويمكن لأي مراقب ان يلحظ هذا الحشد الهائل من المصطلحات، والجمل، والتعبيرات التي تطالعنا صباح مساء في النشرات والعروض الاخبارية الاذاعية والتلفزيونية، وان تعارض المصالح بين القوى الاجتماعية جعلها تستخدم  مصطلحات –دعائية- من اجل الوصم والحكم.
 
        وامتلاك هؤلاء أذرعا حربية القى ثقلاً على كاهل الخطاب الاعلامي، فلم يعد الامر يقتصر على (التنميط) الذي تصنعه مصادر الاخبار الدولية المحتكرة للمعلومات والاخبار، ولكن التناحر بين الفرقاء في اكثر من مكان على الساحة العربية (لبنان –العراق –الصومال) وقد اضاف هذا البعد للفرقاء اذرعاً اعلامية خاصة تستند في معظم الاحوال على حلفاء في الخارج وجدنا مصطلحات دعائية سياسية متعارضة تدخل معجم الخطاب العربي:
 
                حركة تمرد             x        حركة تحرير
                شهداء                   x        قتلى
                انتحاري                x       استشهادي
                الانقلاب                x        الثورة
                الاحتجاجات            x        احداث شغب
                هدنة                     x       تهدئة
                احتلال                  x       قوات تحرير
                الازمة                  x       المشكلة
                استشهاد                x       مقتل               x       وفاة
                استقلال اسرائيل      x       قيام اسرائيل     x       ذكرى النكبة
                العملاء                 x       المتمردين         x       الطابور الخامس
                الخروب النظامية     x       حرب العصابات
 
        ان استخدام المصطلح اصبح جزءاً من الصراع  السياسي، والحزبي، والمذهبي، وهو سلاح يتم توظيفه في خدمة الايديولوجيا، وخدمة المواقف التي تنطلق منها الدول والحركات السياسية، لقد تزايد الوعي باهمية وخطورة استخدام الخطاب الاعلامي في تشكيل الوعي، ولم يعد الأمر قاصراً على تقديم الوقائع وتحليلها وتفسيرها بل تعدى الى الاسهام في انتاج الافكار وتوليد المعاني الضرورية لاعادة تشكيل الوعي تجاه القضايا التي يتبناها كل فريق من الفرقاء، وهذا هو ما يدعونا الى ضرورة ان تتوجه البوصلة الى التكامل العربي في التعاطي الاعلامي الموضوعي، ونؤكد ان هذا لن يتأتى الا من خلال تحقيق استراتيجية اعلامية عربية موحدة طال انتظارها.

   

 

إتحاد وكالات الأنباء العربية - فانا

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !