إشكالية الذهنية المتشددة
التفكير عند البعض مرهون بالا منطق فكل شيء سلبي ويندرج تحت عباءه المؤامرة والتخلي عن الإسلام شرعيةً ومنهجا , كل شيء بات مٌحرم وباتت النفوس تتجه نحو التضييق منقادةً بلا وعي , تلك النفوس تربت ونشأت على أشياء وأصبحت تٌحارب كل ماهو جديد حتى وإن كان لا يتعارض مع مقاصد الشريعة !
العقول المنطقية الواعية لا تقف حجر عثرة أمام رغبات الآخرين مهما كانت درجة الخلاف مع أولئك الأخرين فهداية الناس حقٌ مكفولٌ لله ولا يملك أحدٌ سلطة الفرض والتدخل في علاقة الفرد بربه , لكن أليست تلك العقول مٌعرضة للانجرار خلف الذهنية المتشددة التي لا تكتفي بحرمان نفسها من المٌباحات بل تٌشاغب وتراوغ وتستميت في فرض تشددها بأي طريقة ووسيلة على الناس , إنها وبلا شك مٌعرضة للانجرار فهي عقول تؤثر وتتأثر وستبقى كذلك طالما بقي الفضاء قاتم يحتضن عقول لا تؤمن بحق الأخرين في اعتقاد واعتناق ما تراه صواباً ومٌباحاً , الذهنية المتشددة ليس شرطاً أن تكون ذهنية مٌتدينة لكن أخطرها على الإطلاق الذهنية المٌتدينة سواءً التي هربت من مشكلاتها باتجاه التدين أو التي نشأت على النمط المتدين واسمته صلاح وتقوى , الذهنية المتشددة ذهنية لعوبة تجدها بكل زمانِ ومكان ولأجل هذا وجب التدخل الواعي لتفكيك شفراتها صيانةً للعقول المنطقية الواعية وحمايةً للمجتمعات من تأثيرها السلبي وليبقى تأثيرها محدوداً على مٌحيطها الضيق الذي لا يتجاوزها قيد أنمله ؟
لقد باتت المجتمعات تعيش مرحلة أشد قسوة من السابق فكل شيء مرهونٌ بالشعارات وكل شيء معقود بالذهنية التي ليست بحاجة لتغذية شعاراتية روحانية تداعب العواطف والخيالات قدر حاجتها لتغذية معرفية تٌتيح الخيارات وتصون الحريات لتعمل بشكلٍ إيجابي وتتنفس الحياة السوية , تحريم المٌباحات و الاستماته في التحريم دون النظر في مقاصد الشريعة وتقليداً للقدماء " السلف " يعني أن تلك الذهنية وصلت لمرحلة يستحيل التعامل معها أو مساعدتها على العودة للصواب , فهي تستمد كل شيء من المرويات والتراث التاريخي المكتوب في فترات زمنية وظروف سياسية مٌعقدة وتعيش في تلك الأزمنة قلباً وروحاً فهي منفصلة عن الواقع لكنها متصلة بالماضي وهنا إشكالية تلك الذهنية الغير متعقلة .
التعليقات (0)