إسلامي وغير إسلامي
أتفهم إطلاق وصف إسلامي على شخص مسلم يعيش في بلد لا يدين أهله بدين الإسلام , لكنني لا أتفهم ولا أجد مبرراً لوجود ذلك المصطلح بيننا فجميع مواطني السعودية يدينون بدين الإسلام وهو المرجعية الأساسية في كل شؤون حياتهم فعلى أي أساس يتم توصيف الشخص على أنه إسلامي أو غير إسلامي .
يتم توصيف الشخص على أساس الأفكار والأراء التي يطلقها الشخص فالرأي لابد أن يكون متوافقاً مع رأي المدرسة الفقهية وإذا عارضها فإن لفظة ليبرالي أو تنويري في أفضل الحالات ستحل بدلاً من لفظ إسلامي وهنا سبب الإشكالية التي وقع بها المجتمع أفراداً ونخب ..
الفكرة حق مجرد للشخص وكذلك اللفظ كلمة مجردة , لكن توصيف الأشخاص وإطلاق الألقاب المختلفة لمجرد الاختلاف في الأراء والأفكار فتلك جريمة خاصة , إذا كانت تلك الالقاب تعتمد على الدين كلفظة إسلامي , واستمرار تلك الحالة ينذر بكارثة فالأجيال سوف تتناقلها وسيظهر بينا ظهرانينا بعد مدة جيل يٌكفر المجتمع على أساس تلك اللفظة وهنا الإشكالية الكبرى .
البعض يبرر إطلاق تلك اللفظة وذلك التوصيف على بعض الأشخاص ويصفهم بغير الإسلاميين علماً بأن أرائهم لا تعارض الكتاب والسنة ولكنها تدعوا لتبني أراء أكثر اعتدالاً وعدم تهميش الاختلاف الفقهي الذي عاشته الأمة في القرون الماضية والذي سوف تعيشه في الحاضر كطبيعة بشرية لا غبار ولا جدال حولها , ومبرر من يطلق ذلك الوصف أن تلك الأراء تدعو إلى التحرر والحرية غير المنضبطة والى التغريب وإلى أشياء أخرى , ونسي من يطلق مثل تلك العبارات أن الإسلام دين الحريات ودين العبادات والسلوكيات الحسنة , والدعوة إلى الحرية دعوة منضبطة بتعاليم الدين , فالمرجعية الأساسية في كل شيء هو الدين .
بعض الأسماء خرجت من فلك المجتمع ودعت إلى أشياء بلا ضوابط وبلا مرجعية وتلك الأسماء تشبه من يصنفون على أنهم إسلاميون متشددون , فالاسلاميين المتشددين خرجوا من الإجماع والقياس إلى العنف والإرهاب وتلك الأسماء خرجت من الأقوال الراجحة والأقوال التي حولها خلاف إلى الأهواء وحديث الشيطان النفسي , خروجان متشابهان في المصير مختلفان في الاليات لكن المتشدد يصنف على أنه إسلامي أما الأخر فغير إسلامي علماً بأنه مسلم ولم يصرح بدين أخر يعتنقه , وهنا يظهر لنا التعصب في التصنيف لدرجة أن المتابع لم يعد يعلم ماهي المعايير التي يتم على أساسها التصنيف فالمعايير أصبحت تتغير بسرعة ومن كان قبل دقائق إسلامي فيمكن يكون بعد ثواني ليبرالي أو علماني .
تصنيف البشر وعقولهم عملية صعبة ومضرة بأي مجتمع خاصة إذا كان المجتمع الواحد يؤمن بالمرجعية حاكمة واحدة لتصرفاته وهو الدين , أما تصنيفهم على حسب الهوى والمزاج وعلى حسب الرأي والفكرة فذلك خطاء محض وكارثة بحق المجتمع الذي يعيش أزمة فكرية اساسها التصنيف وتداعياته الخطيرة فبسببه برزت ثقافة الإقصاء والتهميش وتوارت لغة الحوار والتعايش خلف سحابة الفكر الواحد .
تحتمل الأراء والأفكار أوجه ومعاني كثيرة , وبكل رأي وفكرة يكون هناك اعتدال وتطرف سواء كان تطرف حاد أو تطرف مضاد بمعنى مميع للأسس , لكن علينا الا نغفل أن هناك مرجعية أساسية يجمع عليها المجتمع وهو الدين الواحد , فالمجتمع يدين بدين واحد أستخدمه البعض في التصنيف على أسس ومعايير خاطئة فالمعاير والأساس هو الفكرة فأن كانت تخالف رأيي أو مدرستي الفقهية فأن الشخص الذي أطلق تلك العبارة غير إسلامي وإن كان توافق ما أؤمن به فهو إسلامي هذا هو المعايير , ووقع في ذلك التصنيف المضر والكارثي قطاع عريض من المجتمع الذي أنجرف وراء نخب تتصارع فيما بينها لكسب معركة القيادة الفكرية للمجتمع الرافض للهيمنة الفكرية المطلقة من كافة المدارس والنخب .
استمرار التصنيف على أساس ديني في بلد يدين أهله بدين واحد , ويختلفون في الأراء والمذاهب جريمة بحق الوطن ووحدته وأجياله الحالمة بمستقبل واعد فمتى يتوقف مراهقو التصنيف عن مراهقتهم المريضة الكارثية ....
التعليقات (0)