بعد ربيع الثورات العربية ودور حركات الإسلام السياسي في إسقاط الأنظمة الشمولية في كل من مصر وتونس وليبيا، وتقدم الإسلاميين في انتخابات تونس والمغرب، ومؤشرات فوزهم في كل من مصر وليبيا واليمن، بالإضافة إلى ممارستهم الحكم في كل من تركيا وفلسطين والسودان، كل ذلك يؤكد بأن الشرق الأوسط أمام ربيع إسلامي جارف، أربك صانعي القرار داخل إسرائيل، فبدأت التصريحات تهطل من كل المستويات في الدولة العبرية لتحذر العالم من حكم الإخوان المسلمين، حيث صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من تعرض منطقة الشرق الأوسط لموجة تطرف إسلامي مناوئة للدول الغربية والقيم الديمقراطية، أما رئيس جهاز الشاباك "الإسرائيلي الأسبق وعضو الكنيست حاليا آفي ديختر قال: إن جماعة الإخوان المسلمين في مصر تمثل مشكلة كبيرة جدا لإسرائيل لارتباطهم بحركة حماس في قطاع غزة.
وهذا يدفعنا للتساؤل حول مبررات الخوف من الإخوان؟ وكذلك مصلحة إسرائيل في إطلاق تلك التحذيرات قبل إجراء الانتخابات البرلمانية..؟
فيما يتعلق بمبررات إسرائيل للخوف من حكم الإسلاميين، فهي تنطلق من مقارنة بين نظام إقليمي عربي يطبع مع دولة إسرائيل، ويفتح قنوات اتصال سياسية واقتصادية وأمنية معها، مقابل نظام سياسي ديمقراطي يعبر عن نبض الأمة العربية والإسلامية الرافض للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وكذلك جرائم إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
أيضاً تخشى إسرائيل من حكم الإسلاميين كونهم سينطلقون في تحديد علاقاتهم من منطلقات أيديولوجية قد تقابل المنطلقات الأيديولوجية للحركة الصهيونية العالمية، ويسبب هذا التصادم أو الصراع إلى انكماش المشروع الصهيوني بل قد تصل الأمور في مرحلة ما إلى زواله، وهذا وعد الله...
ولكن هذا لا يعني أنه بمجرد وصول الإسلاميين إلى الحكم فإن طبول الحرب ستقرع، بل على العكس تماماً ستعمل الحركة الإسلامية إلى تجسيد نظام حكم مدني نموذجي، وستكون الأولوية للشأن الداخلي بكل مكوناته، وصولاً إلى الهدف الأشمل وهو بناء وحدة إسلامية بين العديد من الدول.
أيضاً تخشى إسرائيل من حكم الإسلاميين، كونهم جماعات منظمة ويمتلكون قدرات وإمكانات تؤهلهم للنجاح والتميز، وتمكنهم أيضاً من إعادة دوران عجلة الإنتاج من جديد، وبذلك تعود الحضارة الإسلامية كمنافس قوي للحضارة الغربية والصينية، وهذا تهديد وجودي غير مباشر لإسرائيل التي تدّعي أنها من الدول الديمقراطية والصناعية الوحيدة في المنطقة.
أما فيما يتعلق بمصلحة إسرائيل في إطلاق تلك التحذيرات قبل إجراء الانتخابات البرلمانية، والتي ربما تخدم جماعة الإخوان المسلمين من الحصول على أصوات الجماهير العربية كونهم يلتقون جميعاً في كراهيتهم للاحتلال الإسرائيلي، وهذا ليس غائباً على صانع القرار الإسرائيلي، وإنما تريد إسرائيل من وراء تلك التحذيرات أن تحقق هدفين هما:
أولاً: كسب دعم وتمويل إضافي من الدول الغربية وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية في كافة المجالات.
ثانياً: رغبة القيادة الإسرائيلية في إشاعة أجواء توتر وخطر في المنطقة، عبر فوبيا الإسلاميين، وذلك من اجل تمتين الجبهة الداخلية الإسرائيلية من ربيع ثورة قد تسقط رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو وحكومته، وكذلك زيادة المخصصات المالية لوزارة الدفاع الإسرائيلية.
التعليقات (0)