مواضيع اليوم

إسرائيل بلد غني بمواطنين فقراء

ماهر حسين .

2011-08-18 10:00:54

0

 ماهر حسين.
يعيش المواطن الإسرائيلي العديد من المشـــاكل المرتبطة بالاقتصاد الوطني وبقضايا العدالة الاجتماعية وقد ولدت هذه المشـــاكل المتصاعدة شعور كبير لدى المواطن الإسرائيلي بالرغبة في التعبير عن غضبه من سياسات الحكومة وبل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وقد حرض هذا الشعور المتراكم لدى المواطن الإسرائيلي إلى الخروج في مظاهرات تطالب بالعدالة الاجتماعية حيث رفع المتظاهرين هنـــاك شعارات متنوعة منها (إسرائيل بلد غني بمواطنين فقراء ) وأدانت المظاهرات الغلاء وعدم قدرة الحكومة الإسرائيلية على التعامل مع هذه الظاهرة المستفحلة والتي بلغت الذروة بارتفاع الإيجارات السكنية بشكل أساس بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف التعليم هناك مما يجعل طابع المظاهرات في إسرائيل اجتماعي ومعيشي وحقوقي مرتبط بحياة المواطن .
في الحقيقة بان المجتمع في إسرائيل يعيش مشاكل متعددة مرتبطة وكما أسلفنا بواقع المواطن المعيشي هناك حيث أنه يعاني الفقر وغلاء السكن وينطبق هذا الحال على المواطن في إسرائيل ولا يشمل هذا سكان المستوطنات المقامة على أرضنا حيث أن الحكومة هنـــاك تقدم للمستوطنين دعم كبير لتثبيتهم كمستعمرين لأرضنا بمحاولة يائسة لتجاوز الهوية العربية للأرض وبمحاولة لفرض حقائق جديدة تتعلق بالصراع القائم وكذلك يعاني المجتمع الإسرائيلي من مشاكل أخرى مرتبطة بتعدد الأصول فمن المعروف بأن إسرائيل دولة تقوم بها المواطنة على أساس الدين وكما أن التباين الطبقي بين المواطنين كبير وهناك تفشي الجريمة المنظمة وبالإضافة إلى كل ما سبق فهناك عدم انسجام إسرائيل بالمنطقة باعتبارها دولة احتلال ويجب أن لا ننسى هاجس الأمن الذي تتذرع به حكومات إسرائيل للإبقاء على المجتمع متأهب خائف ويعيش حالة خوف غير مبرر كما أراها .
لا أريد أن اعتبر بان الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا هو دافع المظاهرات هنــاك فهذا غير صحيح مطلقا" و بل بكل صدق المظاهرات في إسرائيل مرتبطة بالواقع الاقتصادي وبغياب العدالة الاجتماعية وهناك مطالبة واضحة بمزيد من الشفافية لمعرفة آليات الصرف المالي وكيفية إدارة الدولة العبرية .
فلسطين وقضيتها ليست السبب في المظاهرات الإسرائيلية وفي الحقيقة بأن هذا يكاد يكون حقيقة جامعه للثورات العربية التي سبقت مظاهرات إسرائيل ففلسطين ليست سبب الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن ولا حتى في سوريا وهذا يجب أن يكون واضحا" في عقل الفلسطيني فلا يجب اعتبار هذه الثورات تضامنـــا مع شعبنا وقضيتنا فالثورات العربية والمظاهرات الإسرائيلية تلتقي حول المطالب الاجتماعية والاقتصادية وكما أنها تأتي للمطالبة بشفافية وهي كأسباب ناتجة عن غياب العدالة الاجتماعية واستشراء الفقر ولكن وبعالمنا العربي هناك عنصر إضافي نختلف به عن إسرائيل ودوافع جمهورها للتظاهر فالعرب ومواطنيهم باحثين ومطالبين وراغبين بالديمقراطية والحرية ...الديمقراطية الغائبة بعالمنا العربي والحرية المفقودة والاستبداد السياسي وسيطرة أجهزة الأمن دافع لكل مواطن ليتجاوز كل الخطوط الحمر وليتظاهر ضد النظام حيث أن الاستبداد الحاصل في دولنا دوافعه لدى الحكام مرتبطة بحب السيطرة والبقاء بالحكم ويظهر هذا بكل وضوح في سوريا الآن وهذا البعد السياسي للثورات العربية هام وأساس وبل هو الدافع الحقيقي للثورات العربية بتونس ومصر وليبيا وهو كذلك الدافع الأكبر الذي يجعل الشعب السوري يقدم أروع صور التضحية بمواجهة نظام الموت والقتل والتعذيب ..فهذا الشعب البطل العربي الأصيل يواجه بإيمانه كل أشكال القمع التي يظن نظام الأسد بأنه ومن خلالها قادر على فرض نفسه ونظامه المتهالك على شعب سوريا العربي الأصيل .
لنعود إلى المظاهرات في إسرائيل وقدرة النظام السياسي هناك على استيعاب مطالبات الجمهور ففي إسرائيل هناك مظاهرات حاشده وهناك مطالب واضحة وهناك الآلاف بل مئات الآلاف يتجمعوا ويتظاهروا للمطالبة بما يرونه حقا" لهم وهناك اشتباكات مع الشرطة ولكن لا يوجد رصاص حي ولا يوجد دبابات ولا قصف مدفعي ولا قطع للماء وللكهرباء والهواتف على طريقة نظام سوريا ....وهذا هو الفرق بين الدول التي تحكمها الديمقراطية وبالمقابل الأنظمة التي يحكمها فرد وأحزاب متسلطة و مستفيدة.
لسنا بوارد التمجيد بالنظام السياسي الإسرائيلي ولكننا يجب أن نتوقف عند قدرة النظام هناك على التعامل مع مظاهره لثلاثمائة ألف مواطن وبالمقابل عدم قدرة نظام الممانعة العربي السوري على احتمال طفل على غرار ما حدث بدرعا أو مغني تجاوز الخطوط الحمر فطالب الحاكم بالرحيل ...كم هو غريب حالنا وكم هو مؤلم ما نسمع عنه كل يوم في هذا الشهر الفضيل من عمليات قمع وقتل وتشريد لآلاف السكان في سوريا وكم هو مؤلم هذا الصمت المصاحب لعمليات القتل والتشريد في سوريا حيث طالت هذه العمليات أبناء شعبنا من لاجئين عزل ومغلوب على أمرهم هنــاك .
الاحتجاجات بعالمنا العربي تطالب بالحرية والديمقراطية وهي جاءت على خلفيات الفساد السياسي والاقتصادي في دولها مما يجعل الثورات العربية ثورات موجهه ضد الأنظمة بينما الاحتجاجات في إسرائيل تطالب بالعدالة الاجتماعية ومواجهة الغلاء وتطالب بمنح المواطن المزيد من الرفاهية الحياتية وبهذا تكون الاحتجاجات موجهه ضد الحكومة وليس النظام وهذا فرق كبير بين ثوراتنا ومظاهراتهم وعلينا أن نعترف بان النظام السياسي في إسرائيل أكثر رسوخا" بفعل ديمقراطية وإن كانت ديمقراطية مشوبة بكثير من العيوب .
ما يحدث الآن يستوجب منا التدقيق لمعرفة الأسباب الدافعة لثورات الشعوب وللمظاهرات فالفســـاد طامة كبرى وعلى الأنظمة بعالمنا العربي التعامل معها والشفافية مطلوبة بالإضافة إلى العدالة الاجتماعية التي يجب أن تأتي من خلال فهم الحاكم للعلاقة مع المحكوم وبغض النظر عن إطار الحكــــــــم ومدى ديمقراطيته النيابية فالمجالس ولقاءات الحاكم والمحكوم تشكل وسيلة عربية متعارف عليها لتعامل المواطن والحاكم ولكن هذا النموذج لا يمكن تعميمه بحكم اختلاف الدول وحجمها وطبيعتها .
ما يهمنا هنا هو حال المواطن فلو وفر النظام العدالة والرفاهية فإن هذا مقدمة لنجاح النظام بالتعامل مع جمهوره ولو وفر النظام المشاركة بأي شكل لتمكن من تعزيز شعور المواطن بالانتماء.
هناك اختلاف بين حال الدول وحال المواطن بها وبالتالي الطريق الذي يختاره المواطن للتعبير عن نفسه ولسنا بوارد التدخل بخيارات المواطن العربي أو حتى بالمواطن الإسرائيلي ولكننا يجب أن نتعلم من قدرة النظام في إسرائيل على التعامل مع المظاهرات بدون قتل وعنف وتدمير وذبح فهي مظاهرات ترفع شعار محدد قد يكون ضد الحكومة ولكنها ليست ضد الدولة التي يمتلك المواطن بها الشعور بالمواطنة من خلال مشاركته بالقرار .
إن ثورات العرب موجهه ضد الأنظمة ومظاهرات إسرائيل ذات مطالب محدده وهي ليست موجهه ضد النظام وإن كانت ضد الحكومة وكما أن فلسطين التي يتنافس الثوار لرفع علمها في تونس ومصر واليمن ما زالت تحظى بتأثيرها على العرب وجماهير الأمة العربية ولكنها ليست سبب ثورات الجماهير العربية ضد أنظمتها فهناك أسباب أعمق ...وأخيرا" أقول في إسرائيل رفع المتظاهرون شعار (إسرائيل دولة غنية بمواطنين فقراء) ونحن في فلسطين نقول (فلسطين يجب أن تكون دولة )سواء كان مواطنيها فقراء أو أغنياء وسواء كانت الدولة فقيرة أو غنية .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !