بقلم/محمد أبو علان:
أذا استطلعنا مفاهيم ودلالات مصطلحي الفاشية والعنصرية وربطهما بسلوكيات وممارسات المجتمع الإسرائيلي على المستويين الرسمي والشعبي لرأينا حجم التوافق بين دلالات هذه المصطلحات وبين الممارسات الإسرائيلية التي بات جزء منها منصوص عليه في قوانين رسمية، أو لا زالت جزء من مشاريع قوانين في طريقها للإقرار .
فإن كانت الفاشية قد جاءت لتغيب القانون لصالح القوة، والعدل لصالح الظلم، والعنصرية "عبارة عن الأفعال والمعتقدات التي تقلل من شأن شخص ما كونه ينتمي لعرق أو لدين ما. كما يستخدم المصطلح ليصف الذين يعتقدون أن نوع المعاملة مع سائر البشر يجب أن تحكم بعرق وخلفية الشخص متلقي تلك المعاملة، وان المعاملة الطيبة يجب أن تقتصر على فئة معينة دون سواها.و ان فئة معينة يجب أو لها الحق في أن تتحكم بحياة ومصير الأعراق الأخرى".
وعليه نجد أن هذان المصطلحان باتت سمة وعنوان ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وهذه الممارسات الفاشية والعنصرية لم تقتصر على الفلسطينيين سكان الأرض الأصليين، بل تجاوزتهم لتشمل كل ما هو غير يهودي في هذه الدولة الاحتلالية بمن فيهم المهاجرين الأفارقة طالبي العمل في دولة الاحتلال الإسرائيلي، مما يعزز أن العنصرية صفة ملازمة للمجتمع الإسرائيلي وليست مربوطة فقط بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ أكثر من ستة عقود.
والعنصرية اليهودية باتت تأخذ وتيرةً أعلى ضد المواطنين العرب في أعقاب الفتوى التي وقع عليها العشرات من رجال الدين اليهود والتي تحذر من بيع أو تأخير المساكن للمواطنين العرب في فلسطين المحتلة في العام 1948 .
وتلت هذه الفتوى دعوة أعضاء كنيست يهود لاعتبار اللغة العبرية هي اللغة الرسمية الوحيدة في مؤسسات دولة الاحتلال الإسرائيلي، وإسقاط اللغات العربية والإنجليزية كلغات أخرى كما تنص عليه القوانين حتى الآن، والهدف في النهاية هو اللغة العربية من وراء هذه الخطوة في طريق السعي لتكريس يهودية الدولة التي برزت بشكل جلي وواضح في أواخر عهد حكومة "يهود أولمرت"، وتعززت بشكل أكثر بعد وصول "نتنياهو" لسدة الحكم.
وعلى المستوى الشعبي هناك ارتفاع في وتيرة الاعتداءات العنصرية على الفلسطينيين في المناطق المحتلة في العام 1948، وكانت آخر هذه الممارسات ما تعرضت له مجموعة من الشباب العرب العاملين في مدينة تل أبيب، حيث تعرضوا لسلسلة مضايقات من جيرانهم اليهود في البيت الذي تم استئجاره بالقرب من مكان عملهم في جنوب المدينة، المضايقات شملت إتلاف خطوط المياه، وسرقة اسطوانات الغاز، وهددوهم إن لم يتركوا البيت بوضع عبوات ناسفة لهم في البيت، وصاحبة البيت تلقت تهديدات بحرق البيت إن لم يتركه المستأجرين العرب.
غانم عباس أحد الشبان الخمسة روى المزيد من التصرفات المهينة تجاههم من قبل السكان اليهود في الحي، ومنها صراخ الجيران بصوت مرتفع بأنهم لا يريدون عرب في الحي، وهو مخصص لليهود فقط، هذه التصرفات في نهاية الأمر دفعت الشبان العرب لترك البيت لشعورهم بالخطر على حياتهم.
وفي هذا الإطار كذلك كشفت شرطة الاحتلال الإسرائيلي في الأيام الأخيرة مجموعة من الشبان اليهود من مدينة القدس المحتلة وعدد من المستوطنات الإسرائيلية اعتادوا على نصب كمائن لشبان عرب والاعتداء عليهم بالضرب بطريقه بشعة ليس لسبب إلا لكونهم عرب.
وعلى صعيد العنصرية ضد المهاجرين طالبي العمل من أصول إفريقية بلغت ذروته في مظاهرة أقيمت في مدينة تل أبيب ضد المهاجرين مطالبتاً بترحيلهم من الأحياء اليهودية، وهذه الخطوة جاءت بعد فتاوى لرجال دين يهود تحرم تأجير المساكن للمهاجرين من أصول إفريقية.
وتخلل الأسابيع الماضية كذلك عدد من الحوادث العنصرية ضد المهاجرين من أصل إفريقي، ومن هذه الحوادث حرق إحدى المساكن المقيمين فيها عدد من الأفارقة مما أدى لإصابة خمسة منهم بالاختناق، كما تم الاعتداء على مجموعة من الفتيات من أصول إفريقية بالضرب، وإسماعهن تعابير عنصرية مثل "سود وقذرين".
الإعلام الإسرائيلي انضم أيضاً لهذه الحملة العنصرية ضد المهاجرين الأفارقة ، حيث نشرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" عنواناً رئيساً على موقعها الإلكتروني يقول "17% من المصابين بالإيدز في إسرائيل هم من المهاجرين"، والعنوان واضحة معالمه العنصرية، فلو أرادت الصحيفة أن تحذر المجتمع الإسرائيلي من مرض الإيدز وتبتعد عن التحريض على المهاجرين الأفارقة لقالت على سبيل المثال 83% من المصابين في الإيدز هم من الإسرائيليين، ويمكن الإشارة لنسبة المصابين بالإيدز من الأفارقة في سياق الخبر، ولكن مزيد من التحريض ضد المهاجرين الأفارقة كان الهدف الرئيس للخبر.
هذه الممارسات حديثة العهد، مضافاً لها التاريخ الطويل من الممارسات العنصرية لدولة ومجتمع الاحتلال الإسرائيلي القائمين على مبدأ الإيمان المطلق بنظرية "الترانسفير" لسكان الأرض الأصليين لصالح المستوطنين اليهود من شتى بقاع الأرض يتطلب من المجتمع الدولي، والمؤسسات الحقوقية الدولية بالعمل الجاد من أجل إعادة التصويت والإقرار من جديد لقرار الأمم المتحدة رقم (3397) والصادر في العام 1975 والذي ساوى بين الصهيونية بالعنصرية، واعتبر الصهيونية "شكل من أشكال العنصرية والتميز العنصري"، واعتبرت بموجبه الصهيونية خطر على الأمن والسلم العالميين، ومطالباً الدول بمكافحة الصهيونية، على أن يطور هذا القرار ويشمل اسم دولة الاحتلال الإسرائيلي كدولة عنصرية.
وعلى جميع الدول التي صوتت في العام 1991 على إلغاء هذا القرار الاعتذار عن تصويتها وإعادة اعتماد قرار بديل وبنفس المحتوى للقرار (3397) كون دولة الاحتلال الإسرائيلي لا زالت موغلة في الممارسات العنصرية منذ قيامها وليس فقط منذ إلغاء قرار الجمعية العمومية رقم 3379.
moh-abuallan@hotmail.com
http://blog.amin.org/yafa1948
التعليقات (0)