كالبيبسي كولا ، والفري جيكن ، والماكدونالدز ، والباتريوت ، وشاكيرا ، وأوبرا وينفري . و فانـدام . أوباما مُنتَج أمريكي ، وُضعتْ عليه اللمسات الأخيرة صبيحة ـ ليلة الحشد المليوني ، أمام مبنى الكابيتول . نخبة النخبة السياسية والاجتماعية في الولايات المتحدة ، كانت ترسم بشكل أو بآخر ملامح المشهد الدرامي ، الذي تداخل وتآلف فيه جهد كبريات المؤسسات العملاقة ، صناعية وإعلامية ودينية ، لتسويق المُنتَج الجديد والمستحدث ، الذي أريد له أن يكون " باراك حُسين أوباما " . هذه هي أمريكا ، عظمتها في ابتكاراتها التي لا يسبقه إليها أحد ، ومن ثم تسويقها على أنها " صنع في أمريكا " .
كل الكلام الذي قيل عن أوباما ، وهو ليس بقليل ، وكل الكلام الذي كُتب عن الرجل ، وبكل لغات العالم ، وهو قطعاً ليس بالشحيح ، سواء من الأطراف الممانعة والمتوجسة ، والمتجسسة للنبض وعلى عَجَل ، وصولاً للأطراف المتحالفة ، والتي ليست بحاجة لجس النبض ، مروراً بالقبائل المسكينة والمغلوبة على أمرها ، والمتناثرة على هذا الكوكب ، كل هذا الوجيج ، سأرميه خلف ظهري ، افتراضاً .. وكأنه لم يكن ، لأنني سأبدأ من جديد .
ثماني سنوات من مرحلة " مطلوب حياً أو ميتاً " على طريقة الشريف " جون واين " انتهت ، تماماً كما ولّت من غير رجعة أيام رامبو بأجزائه الثلاثة ، والتي كان لابد منها عندما كان الوحش يفترس فيتنام المسكينة ، كإحدى القبائل التي تستوطن الغابات ، وصُورت الضحية آنذاك على أنها آكلة لحوم البشر . الشريف جون واين أفلح في مطاردة " الخارجين على القانون " ، سواء في صحارى أفغانستان ، أو في وادي الفرات وصحارى الأنبار ، ولكن ذخيرته نفذت ، فقد أطلق الكثير من الذخائر ، أو أنها قد أصبحت باهظة التكاليف ، وآن أوان استدعائه ، واستبداله بمحاور يرتدي قفازات ناعمة ، كالقادم من رحم العذابات ، تماماً كـ مارتن كينغ لوثر ، أو جيسي جاكسون بدموعه المنهمرة ، ساعة إيذان الحقيقة ، وهنا لابد من قول حقيقتين :
الأولى : أن أوباما تنكّر لأصدقائه من المسلمين أيام الدراسة ، ولم يعتبر العلاقة على أنها صداقة ، ولكنه اعتبرها على أنها " كانت " صداقة . واستبدلهم أو استبدلهما بـ راحم عمانوئيل ، أو رام إيمانويل ، منسق فضيحة مونيكا لوينسكي الشهيرة ، وتم تعيينه كبير موظفي البيت الأبيض . ( المخرج عايز كده ) .
الثانية : أن أوباما المتدرج ، سيناتوراً ثم مرشحاً للرئاسة وآنفاً رئيساً ، في ظل هذه المرحلة القاتمة من تاريخ أمريكا ، ليس وليد الصدفة ، إنما هو ابن المؤسسة الأمريكية التي أنتجت جون كندي و كلنتون وغيرهما من ذي قبل ، وهو ليس ذلك الرجل القادم من رَحِم إحدى القبائل الكينية ، أو غيرها من القبائل المتناثرة على هذا الكوكب ، ليكون ملهماً وصانعاً للحلم الأمريكي ، تحت شعار " تغيير أمريكا " التي لا تتغير . وأيضاً ( المخرج عايز كده ) .
إستعدوا ... أوباما قادم :
وأولى الملامح القادمة معه ، أو التي تسبقه ، تطوير مفهوم الديمقراطية ، كسلعة قديمة بتغليف جديد ، شئتم أم أبيتم ، فلا مناص من قولبة السياسات والجماعات والاقتصاديات ، ضمن النادي الديمقراطي ، فمن لم يمت بالديمقراطية مات بغيرها ، تعددت الأسباب والديمقراطية واحدة ، هذه هي الرسالة " المشروع " التي عمل عليها برنامج دعم أوباما ، كمرشح ثم كرئيس ، كواحدة من أفضل الوسائل ، التي ستحدد قواعد الاشتباك في هذا العالم ، خلال السنوات الأربع القادمة ، أو ربما الأربع التي تليها أيضاً .
أما التوصيات التي تم اقتراحها للإدارة الديمقراطية الجديدة ، فتكمن في تنمية الديمقراطية التي أسس لها الرئيسان كلنتون وبوش الإبن !!!. كل بأسلوبه ، وحسب مقتضيات المرحلة ، إلاّ أن المؤكد في هذا السياق ، استحواذ الشعوب التي لا تزال تعاني الغبن والاضطهاد ، تحت سلطات أنظمة القمع والاستبداد ، في المرحلة القادمة ، على اهتمام الإدارة الجديدة ، على شكل خلق مناخات ملائمة لنشاط مؤسسات المجتمع المدني ، ومنظمات حقوق الإنسان ، تمهيداً لحراك سياسي باتجاه التغيير الديمقراطي السلمي ، دون اللجوء إلى قوة النيران ، بل بالاعتماد على المحفِّزات الاقتصادية والدبلوماسية والسياسية ، بحيث تؤدي وزارة الخارجية الأمريكية الدور الرئيس في هذا الشأن ، وليس اختيار السناتور هيلاري كلنتون على رأس هذه الوزارة ، إلاّ تدبيراً من شأنه خلق الأجواء المناسبة ، للمضي قدماً باتجاه الخيار الأمريكي في مرحلته الراهنة .
وليس ما يسمى " بظاهرة " أوباما ، وهي ليست بظاهرة ، وإنما هي وبامتياز ، استحقاق المرحلة التي بات الشعب الأمريكي يتطلع إليها ، وهي نتاج الحراك السياسي الاجتماعي المتراكم ، ظهر كضرورة للمرحلة الراهنة وما يليها ، على الأقل ضمن المدى المنظور ، ولا بد له من أن يؤدي الوظيفة المسندة إليه أمريكياً وربما عالمياً أيضاً .
من هنا ينظر الممانعون والشموليون عبر العالم ، بعين القلق والارتياب ، للدور الأمريكي القادم ، مع عدم إخفاء بهجة الخلاص من الفيل الأمريكي ، الذي ركن إلى استراحة المحارب ، إلاّ أنه من المفيد الإشارة بأن هذه القوى ( إي الممانعة ) ، ليست قوى نائمة ، وهي ستقاتل دفاعاً عن مصيرها ووجودها ، لأنها قد لا تملك خيارات كثيرة ، فإما أنها ستختار المواجهة ، وسوف تسقط ، وإما أنها سترضخ لتوطين المشروع الديمقراطي القادم ، وسوف يكون هذا الخيار الطريق الأسهل للسقوط .
التعليقات (0)