إستجــواب الرئيــس
مصعب المشرّف
18 ديسمبر 2016م
في طيات كتاب صدر مؤخراً للمحلل الإستخباراتي الأمريكي جون نيكسون بعنوان (إستخلاص معلومات الرئيس) DEBRIEFING PRESEDENT . أكد المؤلف أن الشخص الذي تم العثور عليه في داخل غرفة صعيرة محصنة تحت الأرض هو صدام حسين ....
ويلاحظ أنها المرة الأولى التي لا يشار إلى الملجأ بأنه (حفرة) . وإنما إستخدم الكاتب كلمة BUNKERفي الإشارة إلى المكان .. وترجمة هذه الكلمة إلى اللغة العربية تعني (غرفة محصنة تحت الأرض).
مقولة أن صدام حسين كان مختبئا في (حفرة) هي من مقولات بعض الساسة والطائفية العراقيين ثم وعامة الفرس أعداء صدام حسين . الذين يحاولون بشتى السبل والوسائل التقليل من شأن هذا الرجل الشجاع وكاريزميته .. وهذا الأسلوب الغير موضوعي مألوف لدى العرب ومن طرقهم المسلوكة في التعامل مع الخصم ... وأما عن الفرس فحدث ولا حرج لجهة كراهيتهم ومقتهم لكل عربي وغيرتهم من القومية العربية ؛ فما بالك بعربي من أمثال صدام حسين؟
قال مؤلف الكتاب ... أن العثور على المكان الذي يختبيء فيه صدام لم يكن سهلاً . ولكن تم بمساعدة شخص من أقرباء صدام حسين . قبل التعاون مع الإستخبارات الأمريكية . ودلهم على المكان على أمل الحصول على الجائزة المرصودة لمن يدل على مكانه وقدرها 25 مليون دولار.
ويواصل المؤلف القول أنه أوكلت إليه شخصياً مهمة تحديد ما إذا كان هذا الشخص هو صدام حسين أم شبيه له ...
وقد إستعان جون نيكسون بثلاثة علامات للتعرف على شخصية صدام . بالإضافة إلى إستفساره عن بعض الأسرار الإستراتيجية التي تعلمها وكالة الإستخبارات الأمريكية ولا يعرفها سواه... وكذلك كاريزميته.
وكانت الأدلة الجسدية الثلاثة الأولي هي وجود وشم في كف ومعصم يد صدام حسين منذ طفولته .... و أثر طلق ناري أصيب به في قدمه اليسرى .... بالإضافة إلى أن جزء من شفته السفلي يرتخي عند حديثه. وقد تأكد الإستخباراتي جون نيكسون من وجود هذه الأدلة كلها . بالإضافة إلى إلكاريزمية التي يتمتع بها صدام . وإلمامه بالأسرار الإستراتيجية العليا لبلاده.
وفي إجابته على سؤال بمكان وجود الأسلحة الكيماوية . سخر منه صدام ونصحه بأن يستعين بالخائن الذي دلهم على (مكانه) قائلاً: طالما أنه يعرف مكاني فلابد أن يعرف أين مكان الأسلحة الكيماوية .....
كذلك نفي صدام حسين أي علاقة له بإستخدام الغازات الكيماوية ضد سكان قرية حلبجة الكردية . وأكد أنه لم يستشار في ذلك ولم يعطي أوامر بذلك.
وقال صدام حسين للمحلل جون نيكسون أن الأمريكان يجهلون طبيعة الإنسان العراقي. ودافع عن شعبه بالقول أنه شعب مسالم غير ميال للشـر.. ولكنه يحتاج إلى من يفهمه فيحسن كيفية حكمه.
ويذكر أن الشجاعة التي واجه بها صدام حسين حكم الإعدام ولحظات تنفيذه قد كان لها أثر عميق لدى كل من تابع لحظات تنفيذ الحكم .... وتسبب ثبات صدام جسين في رفع معنويات العرب والمسلمين وأسلم بسببه الآلاف بعد تأملهم في الثبات الذي يمنحه النطق بالشهادتين (أشهد أن لا إله ألا الله وأشهد أن محمداً رسول الله).
وقد صدق الشاعر المتنبيء عند قوله:
إذا لم يكن من الموت بد فمن العجز أن تموت جبانا.
وكشف المؤلف أن شجاعة صدام حسين في مواجهة الموت قد كان لها تأثير عميق في نفس الرئيس الأمريكي جورج بوش الصغير . وأنه طلب حضوره لمقابلته في المكتب البيضاوي لاحقا بعد عودته للولايات المتحدة واستفسر منه عن شخصية صدام حسين وملامحها وتحليله لصفاتها وجوانبها الإنسانية والقيادية ؛ مما يدل على أنه أعجب به.
الشيء الوحيد الذي خيم بظلاله على مصداقية المؤلف جون نيكسون هو إغفاله نشر الصور الأولية التي نشرتها وكالة الإستخبارات الأمريكية لصدام حسين عند إعتقاله في 6 ديسمبر 2006م بعد إخراجه من (الحفرة) وظهرت في الخلف منها سبائط بلح عراقي أصفر .. وكان ذلك في موسم إنتهى فيه جني البلح تماما قبل شهور.
والمضحك أنه وبعد سخرية العراقيين والعرب من فبركة الإستخبارات الأمريكية للصورة وجهلهم بموسم إثمار النخيل . فقد سارعت هذه الإستخبارات إلأى تعديل الصورة بحذف سبائط البلح . فكان ذلك أنكى وأكثر إثارة للضحك.
التعليقات (0)