تعتبر العاصمة الهندية نيودلهي من اكثر العواصم الآسيوية احتواءً على القرود الجامحة، ويرجع ذلك لأرتباطها بالمعتقدات الهندوسية، التي تعتبر الحيوانات واسطة الآلهة على الأرض، فالقرود لها احتفال خاص في يوم يسمى (الدوشار) فلولا القرد (هانومان) وجيشه من القردة لما استطاع الإله الذي نزل بين الناس بشخصية (راما) من تخليص (ستيا) الجميلة المخطوفة من قبل الحاكم الظالم (روان) والقضاء على حكمه، لذلك يعتبر القرد (هانومان) زعيم القرود ومساعد الإله (راما).
لذلك في هذا اليوم من العام تجد القرود في المعابد تلعب وتمرح وتأكل ما يقدم لها الناس من الذ المأكولات، التي يجب تقديمها بأبهى صورة الى القردة.
وهذا الشيء أدى الى انتشارها بصورة غير طبيعية في العاصمة نيودلهي وبقية ولايات الهند، ففي نيودلهي ادى تزايدها الى حدوث العديد من الأعمال الأجرامية التي قامت بها هذه القرود من سرقة وتدمير وقتل بين سكان العاصمة!!!
فقد لقي نائب عمدة العاصمة نيو دلهي حتفه على أيدي عصابة من القرود المتوحشة. وكان (اس اس باجوا) قد سقط من شرفة منزله فتعرض لإصابات خطرة في رأسه وهو يحاول التصدي لهجوم القرود، يذكر أن باجوا كان عضوا في حزب بهاراتيا جاناتا دال المعارض.
مما أدى بالسلطات الهندية الى وضع دراسة عاجلة تتيح لهم وضع حد لأرهاب القرود في العاصمة، ويعترف المسؤولون الهنود بصعوبة التصدي لغزو القرود للمباني الحكومية التي بناها المستعمرون البريطانيون قبل حصول الهند على استقلاها عام 1947، إذ إن قتل القرود التي تسبب كل هذه الفوضى خياراً غير وارد لأنها مقدسة لدى بعض الطوائف الدينية.
وقد لجأت سلطات نيودلهي في السابق إلى أسر القردة ونقلها إلى ولايات مجاورة، إلا أن هذا الخيار أصبح صعبًا بعد ما اشتكت تلك الولايات الهندية من أن لديها ما يكفي من القرود!!!
وكانت الحكومة الهندية قد عقدت قبل عامين اجتماعًا رفيع المستوى لبحث هذه المشكلة والتوصل إلى حل لها، وتفاوتت الاقتراحات في ذلك الحين بين إنشاء متنزه خاص للقردة وبين إحصائها، لكن السلطات لم تفعل شيئًا ملموسًا حتى الآن لعلاج هذه المشكلة، واعتاد موظفو الحكومة على الذهاب إلى مكاتبهم مسلحين بالعصي والحجارة خوفًا من القرود!!!
ويقول مدافعون عن حقوق الحيوان: إن المشكلة لا تكمن في تزايد عدد القرود، بل في تزايد عدد البشر، حيث يقول "إقبال مالك" المدافع عن حقوق الحيوان: "نحن الذين اعتدينا على معاقلهم في الغابات، وأكلنا ثمارهم وقلصنا موارد المياه لديهم وحاصرناهم، فاضطروا إلى المجيء إلى الحضر، ونتج عن ذلك تعيين موظف حكومي من نوع (قرد لنغور) يتم تدريبه منذ ان يصبح عمره ثلاثة أشهر وهو قرد كبير طويل الذيل نحيف الجسم اسود الوجه يكثر في جنوب آسيا لتخويف القرود الاخرى وبث الذعر والرعب فيها بغية طردها وابعادها، يقوم بحراسة المحطات التي تكثر بها القرود وهو مربوط بسلسلة.
فقد حدث قبل ثلاثة اشهر أن استقل قرد قطارا في محطة Chawri Bazar (ذات غالبية مسلمة) تحت الارض، وقيل إنه ظل يخيف الركاب لثلاث محطات. بعد ذلك نزل من القطار في محطة Civil Line.
وقالت الشركة المسؤولة عن مترو دلهي انها تأمل أن يساعد هذا «الموظف الجديد» في تجنب تكرار تلك الواقعة.
وقال "انوج دايال"، وهو متحدث باسم مترو نيودلهي «بدأ العمل قبل شهر تقريبا ومنذ ذلك الحين لم يقع حادث واحد». ويدفع لصاحب القرد 6900 روبية (170 دولارا) شهريا.
كما يستعان بهذا النوع من القرود في البرلمان وبعض المباني الحكومية في نيودلهي. وقد تم تزويد جميع المكاتب بأبواب ذات قضبان فولاذية على هيئة الاقفاص بينما استمرت (قوات اللنفور) في تسيير دوريات منتظمة لحراسة المباني ليلاً بعد أشد الهجمات المتكررة من القرود التي ادت الى اتلاف مجموعة من المستندات بتمزيقها ارباً ارباً وعض عدد من موظفي الحكومة.
واضاف فيد براكاش المشرف على الشؤون البلدية في نيودلهي، حيث قال: اننا نبذل قصارى جهدنا. وفي حملتنا التي انطلقت في شهر مارس المنصرم القينا القبض 550 قرداً ارسلناها جميعاً الى ملاجئ القرود الحكومية في نيودلهي.
وفي نهاية هذا المقال لايسعني سوى ان اقول (ليس الأرهاب من الإنسان وحده) وسبحان من له في خلقه شؤون.
حيدر طالب الأحمر
أستاذ جامعي
الهند- نيودلهي
التعليقات (0)