هنا حوار عربي من نوع آخر .. حوار بين الحناجر والمدافع ..
حناجرٌ كسرت حواجز الخوف ، وحطمت أصنام الصمت ، ومدافع تحاول بهديرها التغلب على صوت الحرية :
قال الشعب : "إذا نوديً للصلاة من يوم الجمعة " فاسعوا إلى ميادين التحرير وارفعوا من الشعارات ما تستطيعون لعلكم تنجحون ! .. سلاحكم هتافكم ، وعلى جباهكم : "ارحل" .. بدمائكم
تكتب وأنتم لها الكاتبون !
فيقول الحاكم : أنا ربكم ما دون ربكم الأعلى فلا تعبدوني ، ولكن اركعوا لي مع الراكعين وعلى صوري اسجدوا مع الساجدين . فأن لم تفعلوا وعن احتجاجاتكم لم تنتهوا لارجمنّكم بالراجمات رجما ولاقنصنّكم بالرصاص قنصا .
فلم ينتهوا .. ولم يركعوا .. كما كانوا يفعلون !
فيقول الحاكم :أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن القنابل العنقودية
ما ترهبون به أعدائي .. أقتلوهم حيث ثقفتموهم .. هم العدو قاتلهم الله .. أدخلوا مساكنهم بيت .. بيت ، دار .. دار ، زنقة .. زنقة .
يا أيها الثائرون هذا يوم "الزحف" الذي توعدون !
ولم ينتهوا .. فتسيل الدماء وتلتقطها كامرات "الأشرار" عبر الأقمار ، فكراسي العروش لا تقدر بالقروش بل ثمنها الأشلاء فوق الأشلاء .. أطفال ونساء ، وشيوخ بلا غذاء ولا دواء .
فلم ينتهوا .. ولن ينتهوا ..
فيقول الحاكم : هؤلاء الثائرون كانوا نائمون .. من أيقضهم ؟
من علمهم أننا نشبع وهم جائعون ؟
من علمهم أنهم الأحرار ونحن لهم مستعبدون ؟
أنها "القاعدة" .. لا بل هم المتآمرون .
لا .. لا .. بل هي العقول الصاعدة ..
يا ويلي ، مكثتُ سنين عددا أخطب في جموع آبائهم رعدا ، أعلمهم كيف أمجد ذاتي ، ولي كيف يمجدون ، وكيف يأتون إليّ حبوا وهم صاغرون .. ومن فضلي يطلبون .
فمن هؤلاء ؟
وكيف خرجوا عن نهج آبائهم وهم يعلمون ؟
ولأنهم لم ينتهوا ، ولم يستطع إسكاتهم قال الحاكم :
يا أيها الثائرون تعالوا ..
تعالوا إلى "طاولتي" .. أنتم محقون في بعض ما تطلبون .
ولكنكم فاجأتموني ولم تمهلوني أتدبر أمري !
لن يكون بيني وبينكم سدا .. لقد أمضيت عمري وأنا أعدكم عدا !!
تعالوا إلى حظيرتي فلعلكم "تفرخون" .. كلا .. أقصد : لعلكم تفلحون ... !
خذوا من مطالبكم حزمة واقنعوا ..
ألستم القانعون .. كما علمناكم ؟!
ألستم المنتظرون عند أبوابنا وأنتم صابرون ؟ حتى نفرغ من طعامنا فتأكلون وتضحكون وبالبقايا تفرحون ؟!
لن ينفعكم سركوزي .. ولا أوباما .. فهل أنتم منتهون ؟!
ولم ينتهوا .. بل هم يقولون :
كنا نخافك لأنك تخافنا .. الآن نحن نمد لك أيدينا لا لنصافحك ، ونجلس إلى جوارك ، أو لتجلسنا مكانك حيث كنت تجلس ، بل لتقف في صفوفنا تُحاسب مثلنا ، وتُحاكم مثلنا ، وليحتل القانون مكانك حيث كنت أنت القانون ، والقاضي ، والجلاد ، ونحن الموقوفون دائما في قفص الاتهام .. !
هذا ما نريد .. هل فهمت ..؟!
تركي سليم الأكلبي
Turki2a@yahoo.com
التعليقات (0)