إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم .....
وإذا ثارت بين فرقتين من المؤمنين مشكلة أو نشب صراع فهل يخرج ذلك إحدى الفرقتين من الإسلام؟
فيما نعلم (والله أعلم) لا يخرجها من الإسلام بل لن يخرجها من الإيمان الذي هو الدرجة الأعلى من الإسلام !! لماذا؟... لأن الصراع يجري بينها على مكسب مادي ليس له علاقة تخل بأصل الدين مثل الصراع على قطعة أرض أو ربح مادي معين فهذا صراع تحله القوانين... أو يتصل بالدين لاختلاف على تفسير لما جاء به الدين فكل منهما تعتقد أنها على حق في تفسيرها وتتمسك بهذا التفسير وهذا هو منشأ المذاهب على اختلافها....ولذلك فالاختلاف على مصلحة مادية لا يتصل بأي حال بالدين إلا فيما يحرم أو يحل ...بمعني إذا كان الصراع على السماح أو المنع لعمل يأباه الشرع فهنا يكون الاتصال بالدين واضحا لا يحتمل التشكيك لأنه محرم بنص...مثل السماح بفتح محلات للسياحة تخالف الشريعة أو عمل أفلام إباحية بحجة الحصول على أموال أو تحسين دخل المجتمع أو بدعوي التنوير والتثقيف الزائفة...
وعلى ذلك الأساس يجب إعادة موضوع الصراع إلى أصله فإن كان بسبب اختلاف على مصلحة مادية فالقانون الوضعي فضلا عن السماوي كفيل بحل الصراع ولكن يجب على الطرفين قبول الحكم بغير اعتراض وإلا استمر الصراع لا ينتهي..
وإذا كان الاختلاف على فرع من فروع تفسير الشريعة فعلى الطرفين أيضا أن يحتكما إلى جهة أعلى يوافقان عليها مثل الأزهر مثلا أو ما يشابهه من المراجع المختلفة ويكون الرضا بالفتوى ملزما لكليهما معا, هذا إذا كمل الإيمان
...أما إذا كان الإيمان ناقصا أو معيبا ولو في أصغر جزئياته ولم يمكن الاتفاق على حل وسط فسيبقى الصراع مفتوحا ويخسر الطرفان
ومع أن الطرفين لا يخرجان من ربقة الإيمان إلا أنهما يكونا مخالفين لشروط الأخوة الإيمانية وهي في جوهرها التسامح وتفضيل السلام
والسؤال الذي يشغل المسلمين على اختلاف مذاهبهم هو: لماذا يبقى الصراع بين فرق المسلمين محتدما ومستمرا بينما دينهم يحثهم على عدم الاختلاف إلى حد الصراع؟ والجواب متعدد المداخل وأولها إغفال العوامل الخارجية من تحريض وفتنة يقوم بها الآخرون لتحقيق الفرقة المطلوبة حتى لا يجتمع أمر المسلمين ....وثانيها الغفلة عن ذكر الآخرة وأن الحياة الدنيا لن تبقى إلى الأبد لأي من الأشخاص أو الأمم ومع ذلك فإنها شغلهم الشاغل
وإذا فالحكمة أن يصل المسلمون إلى قرار ليس بالضرورة هو الخالي من العيوب لأن هذا ببساطة مستحيل, ولكن القرار دائما يكون باختيار أفضل الحلول وليس الحل مطلق العدالة..نحن دائما كمجتمعات بشرية فيها ملايين البشر لا بد أن نوافق على قرار واحد نتخذه فهذا هو الإمكان الوحيد وخاصة إذا كان قرارا عاما وليس خاصا كشراء أحدنا بيتا أو مزرعة مثلا فهنا لا مجال لقرار جماعي ...ولأن قرارا يخص الدولة أو المجتمع الأصغر لابد أن يعلن من جانب أعلى و في حالتنا هي الحكومة مهما كان شكلها فلا بد أن نقبل به حتى يتبين صحته أو خطأه وعندها تأتي الانتخابات بالبديل بعد تجربة الكائن
إن الصراع الممتد بين طوائف المجتمع هو خسارة مؤكدة لكل المجتمع ولا بد له أن ينتهي إلى اتفاق ...هذا إذا ساد العقل وتسيدت الحكمة....
التعليقات (0)